العرب اللندنية: بدأ تنظيم داعش في دق آذان التونسيين في الجنوب الشرقي ببث إذاعي منتظم، أثار جملة من التساؤلات والحيرة لدى المراقبين والخبراء الأمنيين الذين وصفوا هذا المُستجد بأنه يعكس جرأة تحمل بين طياتها أكثر من مغزى ودلالة أمنية. ويأتي هذا التطور اللافت، فيما ينتاب السلطات التونسية قدر كبير من القلق، وسط تزايد التحذيرات من هجوم إرهابي مُدو في تونس يُعتقد أن التحضير له تجاوز مرحلة التخطيط، واختيار الأهداف، إلى تحديد ساعة الصفر التي يبدو أنها أضحت قريبة. فقد استفاق سكان الجنوب الشرقي التونسي خلال الأيام الثلاثة الماضية على بيانات تنظيم داعش، وأناشيده عبر إذاعة "البيان" التابعة لتنظيم داعش التي بدأت تبث إرسالها من مدينة زوارة الليبية التي تبعد نحو 60 كيلومترا عن الحدود التونسية. وكانت هذه الإذاعة قد انطلقت في بث برامجها في عدد من المدن الليبية بعد سيطرة داعش عليها، حيث تم فتح فروع لها هناك، وصولا إلى مدينة زوارة التي تبعد نحو 120 كيلومترا عن العاصمة الليبية طرابلس.
ويُنظر إلى مدينة زوارة على أنها أحد المعاقل الرئيسية للميليشيات التكفيرية الموالية لداعش التي أحكمت السيطرة عليها بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي، باعتبار مينائها البحري الذي يعد أحد أبرز ممرات الدعم اللوجستي الذي تحصل عليه من الأسلحة والأفراد من خارج ليبيا. واعترفت السلطات التونسية بهذا المعطى الجديد، حيث أشارت وزارة الداخلية إلى أنها استنفرت أجهزتها الأمنية والعسكرية في مسعى إلى قطع هذا البث الإذاعي أو التشويش عليه بعد أن وصل إلى جزيرة جربة وبقية مدن الجنوب الشرقي للبلاد. وفي المقابل، ارتفعت الأصوات المُحذرة من هذه التطورات، حتى أن بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية لم تتردد في القول إن تنظيم داعش دخل في مرحلة الإعداد للتوغل في التراب التونسي استعدادا لإعلان إمارة له في الجنوب الشرقي. وقالت لـ"العرب" إن هذا البث الإذاعي “ليس سوى مقدمة لما هو آت، خاصة وأن الجنوب التونسي مُقدم على انفجار كبير يبدأ بتحركات اجتماعية وينتهي بفوضى عارمة، وذلك لتهيئة الأرضية لمسلحي داعش لدخول البلاد"، على حد قولها. ولفتت إلى أن الأجهزة الأمنية رصدت خلال الفترة الماضية تحركات وُصفت بـ"المريبة" في الجنوب التونسي لها صلة بمخططات داعش الذي تؤكد الدلائل والمؤشرات أنه استطاع أن يتغلغل ميدانيا في تونس من خلال نجاحه في استقطاب أعداد هامة من الشباب التونسي. وكانت السلطات التونسية قد أكدت في وقت سابق أن عددا من شباب الجنوب الشرقي قد التحقوا بتنظيم داعش في ليبيا، فيما أشارت تقارير أمنية إلى أن عناصر داعش أصبحت قريبة جدا من الحدود، وهي تتحرك بشكل استفزازي قرب المراكز الحدودية.
ويرى مراقبون أن التطورات السياسية الجارية حاليا، وخاصة منها تلك المرتبطة بمسار المفاوضات الليبية لتشكيل حكومة وفاق وطني، دفعت تنظيم داعش، وبقية الميليشيات المتطرفة إلى التفكير في استباق أي تقدم لتلك المفاوضات لخلق واقع جديد يعيد المشهد إلى المربع الأول للإبقاء على حالة الفوضى التي بدونها لا يستطيع هذا التنظيم التوسع والتمدد في المنطقة. وأعربت بدرة قعلول في هذا السياق، عن خشيتها من أن يُقدم داعش على تنفيذ هجوم إرهابي كبير واستعراضي في تونس يكون مدخلا لإشاعة الفوضى التي تمكنه من موطئ قدم ثابت، وذلك على ضوء المعطيات المتوفرة التي تُشير إلى وجود مُخطط لإعادة انتشار مسلحي داعش في الشرق الأوسط لجهة نقل أعداد كبيرة منهم إلى منطقة شمال أفريقيا، وخاصة ليبيا وتونس. ويبدو أن توقعات بدرة قعلول لها ما يُبررها على أرض الواقع، ذلك أن السلطات التونسية، أعلنت أمس عن تلقيها معلومات استخباراتية تؤكد وجود مخططات لتنفيذ عمليات إرهابية خطيرة في البلاد خلال الأيام القادمة. وأشارت إلى أن تلك المُخططات الإرهابية التي قد تُستخدم فيها سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة تستهدف بعض المناطق وسط العاصمة، منها القصبة حيث مقر رئاسة الحكومة، إلى جانب استهداف وزارات السياحة والتجارة ومؤسسات ومنشآت حيوية وسط شارع الحبيب بورقيبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق