دويتشه فيله: مع أن التدفق الهائل للاجئين السوريين نحو أوروبا يدفع باتجاه السعي للخروج من "الفوضى السورية"، فإن القوى المؤثرة في هذا الملف من الدول الغربية إلى روسيا وإيران لا تزال بعيدة جداً عن الاتفاق على طرح موحد لحل هذه الأزمة. تقوم موسكو الحليفة القوية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بنشاط دبلوماسي مكثف، إلا أنها في الوقت نفسه تواصل إرسال الأسلحة إلى سوريا ما يثير قلق الإدارة الأمريكية. وقال دبلوماسي أوروبي طالباً عدم الكشف عن اسمه "إن الروس الذين لا يخفون دعمهم الكبير للأسد يحاولون دفع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى التفاوض حول سوريا. إلا أن الرئيس باراك أوباما يرفض ذلك".
عمليات القصف غير كافية
وتقود الولايات المتحدة منذ نحو سنة تحالفاً غربياً عربياً يوجه ضربات جوية إلى الجهاديين في سوريا والعراق حيث مراكز انتشار تنظيم "الدولة الإسلامية" بشكل خاص. وتؤكد الولايات المتحدة أن هذه الضربات تحقق نجاحات، إلا أن ما يتذكره الرأي العام بشكل خاص هو سقوط مدينتي الرمادي العراقية وتدمر السورية بأيدي التنظيم المتطرف. وتقول كلير تالون من الاتحاد الدولي لرابطات الدفاع عن حقوق الإنسان إن "عمليات القصف الجوي ليست كافية بالتأكيد، حتى أننا بتنا نتساءل ما إذا كانت ضرورية"، مضيفة "أن ضربات الائتلاف لم تغير شيئاً منذ عام. لا بل بالعكس فقد سهلت تقدم داعش في سوريا". من جهته يقول أميل حكيم من المؤسسة الدولية للدراسات الإستراتيجية إن "كون العدو واحد لا يعني اتفاق الدول على أولويات واحدة والقتال بالطريقة نفسها"، مشيراً إلى "وجود خلافات أساسية بين الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج". وبعد أن كانت ترفض المشاركة في ضربات جوية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا تخوفاً من أن يؤدي الأمر إلى دعم نظام الرئيس السوري، عادت بريطانيا وفرنسا وقررتا المشاركة في العمليات العسكرية في هذا البلد. كما حذت استراليا حذو هذين البلدين.
مشاكل إستراتيجية
وكانت فرنسا تعرضت لاعتداء جهادي مطلع العام الحالي أدى إلى مقتل 17 فرنسياً في باريس، فيما قتل ثلاثون بريطانيا في تونس في حزيران/ يونيو الماضي في اعتداء مماثل. إلا أن الخبراء يجمعون على الاعتقاد بان هذا التدخل الجوي الإضافي لكل من بريطانيا وفرنسا في سوريا لن يؤدي إلى تراجع تنظيم "الدولة الإسلامية". وأضاف أميل حكيم "أن المسألة ليست مسألة قدرات بقدر ما هي مشكلة إستراتيجية، والإستراتيجية لن تتغير في حال مشاركة طائرات إضافية في تدمير مزيد من الأهداف". ووافق الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند بشكل غير مباشر على هذا التحليل عندما شدد الاثنين الماضي على ضرورة تغيير النظام في سوريا، وقيام تشاور بين جميع القوى المؤثرة في الملف السوري وخاصة روسيا وإيران. وبعد أن عادت إيران إلى الساحة الدبلوماسية إثر توصلها إلى اتفاق حول ملفها النووي مع القوى الكبرى، بات بإمكانها أن تلعب دوراً أساسياً في تسوية النزاع السوري. وقال الخبير حكيم بهذا الصدد "لا اعتقد أنهم سيلينون (الإيرانيون) موقفهم بل أن العكس هو الذي يحصل وهم يخوضون معركة بقاء الأسد". كما توقع المحلل جيفري وايت من "واشنطن اينستيتيوت فور نير ايست بوليسي" أن يزيد الإيرانيون دعمهم للرئيس السوري.
دور عربي ممكن؟
ويبقى السؤال حول الدور الذي يمكن أن تقوم به الدول العربية، وعلى رأسها المملكة السعودية التي تعتبر تنظيم "الدولة الإسلامية" عدواً، لكنها في الوقت نفسه تعتبر إيران خصمها الرئيسي. ويشارك عدد من الدول العربية في قصف مواقع لتنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، إلا أن الدعم الذي يقدمونه إلى المعارضة السورية المسلحة ليس متجانساً. وقال خبير في المنطقة "إن السعوديين لا يتعاطون مع جبهة النصرة، في حين أن قطر تدعمها". وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على اندلاع النزاع في سوريا، لا يزال احتمال جمع الفاعلين في الملف السوري ضعيفاً جداً واقرب إلى الأمنيات. وقال مسؤول غربي بهذا الصدد طالباً عدم الكشف عن اسمه "أن سوريا هي مشكلة مستعصية على الحل". وقالت كلير تالون إن الأولوية يجب أن تتركز في الوقت الحاضر "على إيجاد حل سياسي يتيح رحيل بشار الأسد المسؤول عن أعمال العنف الشديدة ضد شعبه، فهو العقبة الأساسية أمام عودة السلام". أما حكيم فيقول من جانبه: "من الخطورة بمكان التركيز على داعش وحدها"، مضيفاً "أن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق