العرب اللندنية: رفض مدير ديوان الرئاسة الجزائرية أحمد أويحيى الخوض في مسألة توقيف رئيس دائرة محاربة الإرهاب السابق في جهاز الاستخبارات الجنرال عبدالقادر آيت أوعرابي (حسان) من قبل مصالح الأمن نهاية الشهر الماضي، وإحالته على السجن العسكري بالبليدة في انتظار محاكمته بتهم توصف بـ"الخطيرة"، كتكوين جماعات مسلحة والتصريح الكاذب، وحيازة أسلحة وذخيرة خارج أطر العمل. وقال أويحيى في رده على سؤال لـ"العرب"، "مسألة الجنرال حسان بيد القضاء ولا يمكنني الخوض فيها أو التعليق عليها، وهي مسألة داخلية لجهاز الأمن"، وعاب أويحيى على وسائل الإعلام خوضها في تفاصيل وأسرار الدفاع والأمن القومي للبلاد، واصفا ذلك بـ"الإنحراف الذي يجب أن يتوقف"، مبديا استغرابه لما يتم تداوله على نطاق واسع حول صراع مستعر بين مؤسستي الرئاسة وجهاز الإستخبارات.
وقال أن ذلك "حديث صالونات"، "ومن غير الواقعية والمنطق أن يقبل رئيس دولة على تحطيم جهاز استخبارات، كما يشاع حول التغييرات التي يجريها الرئيس بوتفليقة في جهاز الاستعلامات". وأضاف قوله "الظروف المحيطة والتغيرات الإستراتيجية في المنطقة أملت على القيادة السياسية في البلاد، ضرورة إعادة النظر في هذا الجهاز الحساس، تماشيا مع التحديات التي تواجه أمن واستقرار البلاد، وليست هذه المرة الأولى التي تنفذ إصلاحات في جهاز الاستخبارات، فقد سبق للرؤساء السابقين كبومدين والشاذلي بن جديد أن نفذا تغييرات هامة في هيكلة ومهام الجهاز". ونفى أحمد أويحيى ما يروج منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة حول وجود صراع بين أجنحة الحكم، أو بين الرئاسة والمخابرات على خلفية عدم التوافق حول العهدة الرئاسية الرابعة للرئيس بوتفليقة، أو ما قد يعتبر هجوما من الرئيس على جهاز الاستعلامات لتفكيكه والإطاحة برحالاته. ومن أجل إعطاء الانطباع للرأي العام بانسجام مقاربة وخطاب السلطة حول مختلف القضايا المطروحة، بعد التضارب الواضح الذي ظهر في مواقف عدة جهات حول الأزمة الاقتصادية، خاصة بينه شخصيا وبين حكومة رئيس الوزراء عبدالمالك سلال، شدد أحمد أويحيى على "عدم وجود أي خلاف بينه وبين سلال حول الخطة الحكومية لمواجهة تداعيات الصدمة النفطية"، وأبدى دعمه للتدابير التقشفية المزمع تطبيقها مع مطلع العام المقبل في إطار قانون المالية الذي أعدته الحكومة لسنة 2016. أويحيى نفى ما يروج منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة حول وجود صراع بين أجنحة الحكم، وبين الرئاسة والمخابرات
وأكد في هذا السياق على ضرورة إعادة رسم قيم العمل لدى الجزائريين بعدما افتقدوها بسبب سياسة الريع النفطي والاتكال على الخزينة العمومية ومساعدات الدولة، وشدد على أن الجزائر لن يبقى لها دولار واحد بعد خمس سنوات، إذا لم تحسن مواجهة الأوضاع الحالية، واتخاذ التدابير اللازمة لفك الارتباط مع النفط. وشدد المتحدث على "تمسك الحكومة بسيادة القرار الاقتصادي والسياسي، وعدم الوقوع في كمائن الشركات المتعددة الجنسيات، أو رهن مستقبل الأجيال القادمة لدى قوى المال والاستغلال الأجنبي". ونوه إلى أن "كتلة إحتياطات الصرف وغياب المديونية أعطى للحكومة هوامش مناورة، عكس بعض الحكومات المتضررة من تهاوي أسعار النفط، وهو أمر يحسب لحكامة الرئيس بوتفليقة". وسبق لأحمد أويحيى منذ حوالي أسبوع أن عبر لمنتخبيه في البرلمان الجزائري، عن رفضه لما أسماه بـ"الخطاب الشعبوي"، داعيا سلال لمصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع الاقتصادية، وهو ما اعتبر انشقاقا في وسط السلطة، بما أن صاحبه يقود ثاني أحزاب السلطة ويدير ديوان رئاسة الجمهورية. ويرى مراقبون أن تراجع أويحيى المعروف بدهائه السياسي ومواقفه البراغماتية، عن تصريحاته السابقة، ونزوله لمخاطبة الجزائريين بقبعة ديوان الرئاسة، يكون قد تم بإيحاء من جهات عليا رأت فيه الشخصية المناسبة القادرة على تسويق خطاب السلطة للشعب، وإضفاء حالة الانسجام والتناغم بين دوائر الحكم. ولم يتعد مدير ديوان الرئاسة حدود الأفكار المراد تبليغها، مما جعله يجتر نفس الخطاب المتداول في دوائر السلطة منذ أشهر حول تغييرات جهاز الأمن، والأزمة النفطية، والوضع السياسي، وتعديل الدستور. وعكس تصريحاته السابقة القائلة بعدم جاهزية الوثيقة لحد الآن اكتفى أويحيى بالقول "رئيس الجمهورية هو الشخص الوحيد المخول بالكشف عن الدستور الجديد والدعوة لتزكيته أو الاستفتاء عليه".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق