وكالات: بعد أشهر من الهدوء السياسي إثر انتخابات العام الماضي في تونس، يثير مشروع قانون جديد يهدف إلى المصالحة مع المتهمين في قضايا فساد مالي خلال حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي جدلا واسعا. ففي الأسبوع الماضي، أرسل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي للبرلمان مشروع قانون جديد للمصالحة سيسمح للعديد من رجال الأعمال المتهمين بالفساد بإعادة جزء من أموالهم للدولة مقابل إسقاط التهم عنهم. ومباشرة بعد إرساله للبرلمان فجر المشروع الجديد جدلا واسعا ولقي معارضة كبيرة تنبئ بخريف ساخن في تونس بعد الهدوء النسبي الذي أعقب انتخابات العام الماضي التي فاز بها حزب نداء تونس العلماني الذي يضم أنصارا للرئيس السابق زين العابدين بن علي. ولم يحسم حزب النهضة الإسلامي شريك النداء في الائتلاف الحكومي موقفه النهائي بخصوص المشروع، لكن أغلب الأحزاب عبرت عن رفضها له ووصفته بأنه تطبيع للفساد وتعهدت بإسقاطه. يشار إلى أنه منذ يومين خرج العشرات من الشبان للاحتجاج على مشروع القانون بساحة الاتحاد العام التونسي للشغل رافعين شعار "لا لن أسامح"، لكن قوات الشرطة منعت بالقوة المسيرة من التوجه لشارع الحبيب بورقيبة واعتقلت عددا من المتظاهرين ثم أطلقت سراحهم. وأثار استعمال الأمن التونسي للقوة والعنف الشديد من أجل تفريق المتظاهرين استهجان العديد من المنظمات الحقوقية المحلية التي استنكرت الاعتداءات على المواطنين وعلى حرية التجمع والتظاهر تحت غطاء حالة الطوارئ. ورفض الاتحاد العام التونسي للشغل ذو النفوذ القوي في تونس مشروع القانون، وقال إنه يتعين محاسبة المتهمين بالفساد واحترام مسار العدالة الانتقالية. وقال سياسيون إن مشروع القانون يتعارض مع مسار العدالة الانتقالية ومع عمل هيئة الحقيقة والكرامة التي تضطلع بمعالجة ملفات المصالحة مع المتورطين في قضايا الفساد المالي أو انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقال خالد الكريشي عضو هيئة الحقيقة والكرامة التي أنشئت في 2013 "لن نقبل بمشروع مخالف للدستور لو مر المشروع فسيضر بمشروع العدالة الانتقالية والمسار الانتقالي ولو تضررت العدالة الاجتماعية ستكون هناك ثورة ثانية أكثر دموية". لكن مؤيدي القانون يقولون إنه لا يتعارض مع الدستور الجديد وإن المصالحة لن تضر بمسار العدالة الانتقالية وستقتصر على البت في الملفات الاقتصادية لأن الاقتصاد بحاجة للنهوض بسرعة. ويهدف مشروع القانون إلى استرجاع الأموال المهربة للاستفادة منها في إنعاش الاقتصاد، وفقا لزعيم نداء تونس محسن مرزوق الذي قال إن حزبه منفتح على تعديل مشروع القانون في البرلمان لكن دون السقوط في مزايدات سياسية. لكن لا يبدو أن المعارضة مستعدة لقبول القانون وتعهدت بحشد قواها للتصدي له. وقال حمة الهمامي زعيم الجبهة الشعبية "نحن مع المصالحة لكن بعد المحاسبة وفي إطار الشفافية والدستور ومسار العدالة الانتقالية"، مشيرا إلى أن الجبهة ستلجأ إلى الشارع والتظاهر السلمي من أجل إسقاط هذا القانون. وأضاف أن الائتلاف الحاكم وخاصة حزب النهضة ونداء تونس استغلا إعلان حالة الطوارئ لضرب التحركات الاجتماعية من أجل الالتفاف على الثورة وتمرير قوانين تخدم وتدافع عن الأثرياء والفاسدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق