العرب اللندنية: أكد أبو المغيرة القحطاني، الأمير المفوّض من قبل داعش على ما يسمّى "ولايات ليبيا"، أن تنظيم الدولة الإسلامية "يعتمد على الصراعات والتجاذبات التي تحدث في صفوف المرتدين أنفسهم”، في إشارة إلى التجاذبات بين قادة ميليشيات فجر ليبيا. وأفاد القحطاني، في حوار مع مجلة "دابق" الناطقة باسم التنظيم المتشدد، بأن "الوضع العسكري في الولايات الليبية يقوم على مبدأ مقاتلة المشركين كافة كما يقاتلوننا كافة، وتواجدنا العسكري متباين بين منطقة وأخرى، ويعتمد على عدد الإخوة، وعلى نوع العدو، إضافة إلى طبيعة التركيبة الاجتماعية وجغرافية الأرض". وأضاف قوله "لتنظيم الدولة الإسلامية ظهور وسيطرة جزئية على مناطق وأحياء في مدينتي درنة وبنغازي، إضافة إلى سيطرته الكاملة على الشريط الساحلي الممتد من منطقة بوقرين إلى منطقة بنجواد الذي يضم عدة مدن ومناطق، أهمها سرت والعامرة وهراوة وأم القنديل والنوفلية". وتحدث أبو المغيرة القحطاني عن اللواء خليفة حفتر، قائلا "لدينا العديد من جبهات القتال مع الطاغوت حفتر قائد الجيش الليبي في حكومة طبرق في الشرق الليبي. تنظيم الدولة الإسلامية يقاتل مرتدي الجيش في محاور متعددة في مدينة بنغازي، أهمها الصابري والليثي، كما أن للتنظيم محاور قتال معهم في درنة، أهمها محورا مرتوبة والنوار، وكذلك يقوم تنظيم الدولة الإسلامية باستهداف أماكن تواجدهم في مدينة أجدابيا”.
يشار إلى أن داعش تكبّد خسائر مادية وبشرية في معاركه مع قوات الجيش الوطني بمدينة درنة التي كانت إحدى معاقله، ودفعت هذه الخسائر التنظيم إلى فتح جبهات قتال أخرى لتدارك الفشل في السيطرة على عدد من المدن المحورية. وأكدت مصادر إعلامية أن تنظيم داعش تمركز منذ فترة في منطقة الراوغة التي تتوسط مدينتي سرت والجفرة أحد أهم المدن الليبية نظرا إلى موقعها الاستراتيجي. ويعتزم داعش منذ تمكّنه من مدينة سرت ضمّ الجفرة إلى صفوف المدن الخاضعة لسيطرته، فقد أكدت تقارير سابقة أن التنظيم اقترب من مدينة ودان التي تبعد عن سرت 250 كيلومترا تمهيدا للسيطرة على الجفرة الخاضعة لميليشيا فجر ليبيا. وتبلغ المسافة بين مدينتي سرت والجفرة نحو 350 كيلومترا ولها أهمية عسكرية واستراتيجية، حيث يقع بقربها حقل المبروك النفطي. وأوضح مراقبون أن سيطرة داعش على الجفرة سيمكنه من قطع طريق الإمداد بين قوات فجر ليبيا الموجودة في سبها والأخرى الموجودة في مدينة مصراتة.
وقال القحطاني في حديثه عن أنصار الشريعة الفرع الليبي، إن "الكثير من قيادات وأفراد هذا التنظيم كانوا من أوائل من بايع داعش في ليبيا، وأن هذه الجماعة لا تخلو من الرجال الذين يرومون تحكيم الشريعة على الرغم من تنكبها عن واجب العصر المضيع وإيثارها الفرقة على الاعتصام بالجماعة، وتمثل هذا جليا في عدم بيعتها خليفة المسلمين، واجتماعها مع حركات ‘ثورية’ لها ارتباطات بحكومة طرابلس المرتدة في بعض المناطق". وسبق للبغدادي، حسب تقارير صحفية، أن فوّض مقاتليه في ليبيا والموالين له لاحتواء تنظيم أنصار الشريعة في بنغازي، ومحاولة تطويعه بغرض إضعاف القاعدة وضرب أنصارها. وزادت حدة الاحتقان بين داعش والقاعدة بعد مقتل محمد علي الزهاوي، أمير تنظيم أنصار الشريعة في مدينة بنغازي، الذي كان يعتزم إعلان مبايعته لداعش. ودخل تنظيم جند الخلافة على خطّ الصراع، حيث أرسل برقية إلى البغدادي تضمنت ما أسماه التنظيم “الانحرافات العقدية لتنظيم أنصار الشريعة بعد مقتل الزهاوي".
وجاء في نص الرسالة "بعد مقتل الشيخ الزهاوي، حدثت في جماعة أنصار الشريعة اضطرابات بسبب عدم وجود الكفاءة لتولي المنصب الشاغر الذي خلفه الشيخ الزهاوي، لا في العلم ولا في القيادة العسكرية، فسبب هذا الاضطراب هوس لدى قيادة التنظيم خوفا من التحاق جنودهم بالدولة الإسلامية". وأكد خبراء أمنيون أن الصراع القائم بين داعش والقاعدة على أراضي ليبيا رغم أنه يوحي بتفكك التنظيمات الجهادية والانقسامات الحادة داخلها ممّا يضعفها ويعصف بوحدتها، إلاّ أن ذلك سيكون له تداعيات سلبية على الأمن القومي الليبي. هذا وكشف القحطاني عن الأهمية الاستراتيجية لليبيا بالنسبة إلى تنظيم داعش، حيث قال "لليبيا أهمية بالغة لأمة الإسلام، كونها قلب أفريقيا وجنوب أوروبا، ولأن ليبيا تحتوي على سلة موارد لا تنضب، ولجميع المسلمين حق في هذه الموارد، بالإضافة إلى كونها مفتاح الصحراء الأفريقية التي تمتد لعدة دول أفريقية مهمة". وأضاف قوله "سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على هذه البقعة سيتسبب بانهيارات اقتصادية، خاصة لإيطاليا وباقي دول أوروبا"، داعيا المقاتلين في دول المغرب الكبير والدول العربية إلى الهجرة إلى ليبيا لتحقيق أهداف التنظيم، باعتبار أن "مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا لا يزالون فتية وهو يحتاج إلى مقاتلين وكوادر طبية وإدارية".
ورغم تمكّن داعش من فرض سيطرته على العديد من المناطق والمدن في ليبيا واستقطاب موالين له، إلا أن بعض المراقبين أفادوا بأن نقاط ضعفه أكثر من نقاط قوته. وأوضحوا أن التنظيم غير قادر على السيطرة على مساحات أخرى من أرض ليبيا والتوسع نحو العاصمة طرابلس وبنغازي، لاعتبارات عدّة أهمّها أنه محاصر من قبل قوات الجيش الوطني وأن عدد الكتائب الموالية له محدود، فهو لا يشكل، حسب اعتقادهم، قوة مركزية ثابتة لها ترساناتها وبوارجها وطائراتها الحربية، فحتى إمدادات الأسلحة تأتيه من بعض التنظيمات التي أعلنت مبايعتها للبغدادي إكراها جرّاء خلافات وصراعات دامية مع القاعدة. وقد أعرب مسؤولون أميركيون أيضا عن اعتقادهم بأنَّ قبضة داعش في ليبيا لا تزال هشَّة، وذلك على الرغم من قيامه بعمليات تعتبر نوعية مثل ذبح المصريين الأقباط. في المقابل، يرفض خبراء أمنيون التهوين من قدرة داعش، مطالبين بوجوب التعامل معه بحذر وشدّة، مشيرين إلى أهمية تسليح الجيش الوطني الليبي ودعم قدراته في حربه المفتوحة ضدّ الإرهاب والتطرف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق