العرب اللندنية: أثار رصد تجمعات للعشرات من التونسيين في معسكر صبراتة الليبية (67 كلم غرب العاصمة طرابلس) الذي يخضع لسيطرة داعش، فزع السلطات التونسية، والمهتمين بالشأن الأمني الذين حذروا من خريف ساخن في تونس ارتباطا بمخططات الإرهابيين التي عادة ما تتزايد خلال المناسبات والأعياد الدينية. وشددت السلطات التونسية من إجراءاتها الأمنية داخل المدن، وعلى مستوى المناطق المحاذية للحدود مع ليبيا، حيث تكثفت الدوريات الأمنية والعسكرية، الثابتة والمتحركة، كما ارتفع عدد نقاط المراقبة والتفتيش على عدد من الطرقات والمسالك. ولم تُعلن حالة الاستنفار بشكل رسمي في البلاد، ولكن ذلك لم يمنع المراقبين من القول إن حالة التأهب التي تبدو عليها القوات الأمنية والعسكرية خلال هذه الأيام، توحي بأن السلطات التونسية تأخذ على محمل الجد التهديدات الإرهابية التي تحدثت عنها في وقت سابق. وكان وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي قد حذر خلال الأسبوع الماضي، من احتمال تعرض البلاد لأعمال إرهابية، فيما ذكرت مصادر أمنية أن وزارة الداخلية التونسية تلقت معلومات استخباراتية تفيد بوجود مُخططات لتنفيذ أعمال إرهابية قد تُستخدم فيها سيارات مُفخخة لاستهداف وزارات ومقرات حكومية ومنشآت حيوية بتونس العاصمة.
كما ازدحمت وسائل الإعلام المحلية التونسية بتقارير حول تلك التهديدات، وربطت ذلك بتحركات وُصفت بـ"المريبة" لعدد من العناصر التونسية المقيمة في معسكرات لتنظيمات إرهابية في ليبيا، حتى إن صحيفة "آخر خبر أونلاين" ذكرت أن "قلق الجهات الأمنية في تونس هو وجود مخاطر حقيقية من معسكر "البراعم" في صبراتة الليبية الذي شهد خلال المدة الأخيرة تجمع نحو 800 إرهابي من جنسيات مختلفة من بينهم 400 تونسي أغلبهم عائد من سوريا بعد أن تلقى تدريبات على كافة أشكال القتل". وأكد ضابط عسكري ليبي اتصلت به "العرب"، وجود تحركات مشبوهة لعناصر إرهابية في المنطقة الغربية الليبية، وقال إن تلك التحركات تكثفت خلال اليومين الماضيين بشكل لافت. وأوضح أنه تم رصد تزايد تحركات السيارات رباعية الدفع المُحملة بالعناصر المُسلحة، وإعادة تموضع الشاحنات المزودة بقاذفات الصواريخ من نوع غراد وكاتوشيا، خاصة في محيط مدينة صبراتة التي تبعد نحو 70 كيلومترا على الحدود التونسية، والتي تخضع لسيطرة الجماعات المُتطرفة الموالية للقاعدة.
وأضاف الضابط العسكري الليبي الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن تحركات مماثلة تم رصدها أيضا في المناطق المحاذية لمدينة زوارة ( 120 كلم غرب طرابلس) التي تخضع في جزء كبير منها لسيطرة ميليشيا أبوعبيدة الذي يُعد واحدا من قيادات الجماعة الليبية المقاتلة. ولئن ربط الضابط العسكري الليبي تلك التحركات بمحاولات الميليشيات المتطرفة في بلاده للسيطرة على الطريق الساحلي الرابط بين الزاوية والعاصمة طرابلس، فإن الخبير الأمني التونسي مازن الشريف اعتبر أن ما يجري في المنطقة الغربية الليبية القريبة من الحدود التونسية يُعد مؤشرا خطيرا قد تكون له تداعيات على الأوضاع في تونس باعتبار أن جزءا هاما من العناصر المُتطرفة هناك تونسية وسبق لها أن قاتلت في سوريا والعراق. وقال لـ"العرب"، إن مدينة صبراتة"تحولت إلى وكر للدواعش التونسيين، وإن قربها من الحدود التونسية يُعد ثغرة أمنية استراتيجية يتعين أخذ تداعياتها بكل جدية خاصة في هذه الفترة التي نستعد فيها للاحتفال بعيد الأضحى".
واعتبر أن خطر تنفيذ أعمال إرهابية خلال هذه الفترة وارد، باعتبار أن الإرهابيين عادة ما يختارون المناسبات الدينية لارتكاب جرائمهم، مؤكدا في هذا السياق أن تحذيرات الأجهزة الأمنية التونسية من إمكانية لجوء الإرهابيين إلى السيارات المُفخخة "صحيحة وغير قابلة للتقليل من خطورتها". وأشار إلى وجود مؤشرات متزايدة على اقتراب دخول تونس مرحلة السيارات المفخخة، حيث هناك شبه إجماع لدى الخبراء الأمنيين بأن الإرهابيين داخل تونس وخارجها وخاصة ليبيا، يستعدون حاليا للانتقال لمرحلة المُفخخات بكل أنواعها، لافتا إلى أن الأجهزة الأمنية التونسية سبق لها أن فجرت سيارة مُفخخة في سيدي علي بن عون من محافظة سيدي بوزيد، كما أن لديها معلومات مؤكدة حول سعي الإرهابيين للحصول على سيارات تم تفخيخها في ليبيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق