وكالات: عندما كان مبعوث الأمم المتحدة "برناردينو ليون" يتحدث للصحافيين في منتجع الصخيرات، 20 كيلومترا جنوب العاصمة المغربية الرباط، عن التوصل لاتفاق سلام بين الأطراف المتصارعة في ليبيا وإعلان وشيك لتشكيلة حكومة وحدة وطنية، بدت أجواء الحيرة والانقسام تخيم على سكان مدينة بنغازي، التي تتمركز فيها قوات خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي"القوات الموالية للحكومة الليبية المؤقتة" والذي يدعم الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، مقرها في طبرق شرق ليبيا، بينما ظهرت أجواء ترحيب حذر في العاصمة طرابلس التي تتمركز فيها حكومة مدعومة من المؤتمر الوطني المنحل، وتبسط فيها "فجر ليبيا" سيطرتها الأمنية. وفي هذا السياق، قالت صحيفة"نيويورك تايمز" الأمريكية إنه لأكثر من سنة، يحاول الليبيون خلق محادثات للسلام ومؤتمرات لمناقشة حالة الفوضى المتفاقمة التي حلت بالبلاد، مضيفة أن الحدث الأخير الذي كان بالعاصمة التونسية عزز من مشاعر الإحباط إيزاء التقدم البطيء، والأسئلة حول اللاجئين الليبين.
من جانبه، يقول "أحمد ورفلي" رجل أعمال وناشط:"نحن بلد صغير وبحاجة للمساعدة، كنا متحدين ضد الديكتاتورية، والآن نقتل بعضنا البعض"، وتوضح الصحيفة أن الليبيين يعانون من مشكلة، والتي ظهرت بعد التخلص من النظام بشكل دموي، وهي إعادة بناء الدولة بعد انكسار حكومتها الهشة، والاستبدادية والقمعية، واستبدالها بالفصائل المتحاربة. وتشير الصحيفة إلى أن العديد من الليبيين اختاروا اللجوء إلى تونس المجاورة، للهروب من أعمال العنف، والصراع السياسي على السلطة، وهم الآن يدعون لتدخل دولي أكبر للمساعدة في إنهاء الصراع، لافتة إلى أن ممثل الأمم المتحدة "برناردينو ليون" يضغك من أجل اتفاق لتقاسم السلطة بين الأطراف المتحاربة، حيث يضع الاتفاق خططا لوقف إطلاق النار، ونزع سلاح المليشيات والجماعات المسلحة، في مقابل بناء قوات للأمن الوطني. وتضيف الصحيفة الأمريكية أنه يجب وجود ضمانات دولية للمساعدة في مثل هذه الاتفاق، كما على الولايات المتحدة وبريطانيا تقديم المساعدات التقنية والمستشارين للمساعدة في تدريب القوة الوطنية الليبية.
تشكيل حكومة الوحدة الوطنية خلال أيام عيد الأضحى، يرى فيه المؤيدون للاتفاق بمثابة حجر الأساس في سبيل إعادة الاستقرار إلى ليبيا وبناء مؤسساتها المدنية والديمقراطية، وبالنسبة للمبعوث الدولي ليون، فقد أراد الظهور في تصريحاته بمظهر الواثق من نجاح الاتفاق رغم أنه لا يخفى عليه صعوبة المهمة ويدرك أن "الشيطان يكمن في التفاصيل" كما يقول المثل. حكومة الوحدة الوطنية إذا ما تم الاتفاق على تشكيلتها في غضون الأيام القليلة المقبلة، تنتظرها صعوبات لا تحصى، بدءا بمسألة الترتيبات الأمنية وتشكيل قوة أمنية وعسكرية مشتركة، ومدى قدرة الحكومة على إلزام كل الأطراف بقراراتها بما فيها المجموعات التي تحمل السلاح من هذا الطرف أو ذاك، وصولا إلى توفير الشروط الأمنية الضرورية لقيام الحكومة بمهامها في العاصمة طرابلس.
المدونة غيداء التواتي تعتقد أن قيام حكومة وحدة وطنية في طرابلس، "يمكن أن تواجهه مشاكل أمنية بسبب مخاوف وعدم ثقة مجموعات القوى التابعة للجنرال حفتر"، وأضافت "أنهم يخشون صراحة أن تأتي قوات حفتر للعاصمة من أجل الاستيلاء على الحكم وليس لتحقيق التوافق الوطني"، وأشارت في هذا السياق إلى أن طرابلس تعرضت في بداية العام الماضي إلى محاولة فاشلة لانقلاب عسكري. وعلى بعد ألف كيلومتر شرقا، يبدو المشهد في بنغازي مختلفا، حيث يحظى الجنرال حفتر بتأييد فئات عديدة من السكان ونشطاء المجتمع المدني، ويرون فيه "منقذا" من سطوة الجماعات المتشددة التي سيطرت على المدينة بعد أن انطلقت منها الثورة التي أطاحت بنظام العقيد الراحل معمر القذافي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق