دويتشه فيله: ربما لم يكن اللاجئون يعتقدون أن استقبالا حافلا ينتظرهم في محطات القطارات في المدن الألمانية الكبرى، وخصوصا في ميونيخ. بيد أن الاستثناء كان في تجمع أفراد من اليمين المتطرف في دورتموند احتجاجا على قدوم اللاجئين. بعد أن قطعوا رحلة محفوفة بالمخاطر هربا من الحرب، فوجئ اللاجئون المنهكون القادمون من سوريا وغيرها من مناطق النزاع، باستقبال حافل لدى وصولهم إلى ألمانيا أمس السبت واليوم الأحد (السادس من أيلول/ سبتمبر 2015). ففي محطات القطارات المزدحمة اصطف مئات المستقبلين الذين رحبوا بالمهاجرين الذين أصابتهم الدهشة، ولوحوا لهم بلافتات تحمل كلمة "أهلا وسهلا" أثناء خروجهم من القطارات المزدحمة في ميونيخ وفرانكفورت وغيرها من المدن الألمانية. وهو ما دفع بالعديد من اللاجئين إلى رفع صور المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مع عبارات الشكر والعرفان. وهتف المستقبلون في محطة فرانكفورت ليل السبت الأحد "قولوها بأعلى صوتكم، أهلا بالمهاجرين هنا"، بينما كانت القطارات تصل محملة باللاجئين المتعبين القادمين من المجر عبر النمسا، بعد رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر دامت أياما عبر العديد من الدول.
ترحيب منقطع النظير بعد رحلة مع العذاب
وفي مدينة ميونيخ، عاصمة ولاية بافاريا الجنوبية الغنية، مركز العبور الرئيسي، لوحت امرأة ألمانية (47 عاما) لعائلة سورية وصلت في واحد من عشرات القطارات الخاصة التي نقلت المهاجرين غير الشرعيين. وعندما وصلت العائلة التي تضم ثلاثة أطفال إلى حاجز الشرطة تساورها الشكوك، قدمت لهم المرأة حقيبة بداخلها شوكولا وألعاب أطفال ومغلفا مغلقا. وقالت المرأة بالإنكليزية "يوجد القليل من المال داخله"، قبل أن يتم نقل أفراد العائلة السورية، التي علت الابتسامات وجوههم لتسجيلهم، وهي الخطوة التالية في رحلتهم. وفي قطار آخر، وصل صبيان ربما يتراوح عمرهما بين سبعة وثماني سنوات، وابتسما أثناء عبورهما بين المستقبلين الذين صفقوا لهما. وفي قاعة محطة قطارات ميونيخ اصطفت طاولات تغص بالملابس والطعام، أعدها للقادمين الجدد نحو 90 شخصا بينهم أشخاص يتحدثون العربية عملوا في مناوبات مدة كل منها أربع ساعات. وقال كولن تيرنر أحد المساعدين "لدينا أكثر من ألف متطوع مسجلين على الانترنت ومستعدون لتقديم المساعدة".
نقل اللاجئين إلى مراكز إيواء مؤقتة
ومن محطة القطارات في مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا تم نقل اللاجئين بالحافلات أو القطارات المحلية إلى ملاجئ مؤقتة بينها مدرسة ونادي لكرة المضرب وقاعتان في مركز ميونيخ للمؤتمرات والقادرة على استيعاب نحو ألف شخص. واستقبلت ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، حتى الآن أكبر عدد من اللاجئين مقارنة مع أي دولة أوروبية أخرى، في الأزمة التي تعد الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. وخلال عطلة نهاية الأسبوع هذه فقط يتوقع أن يمر نحو 17 ألف مهاجر عبر بافاريا، بحسب الشرطة الألمانية. ويتوقع أن يصل العدد الإجمالي من اللاجئين الذي تستقبلهم ألمانيا هذا العام إلى 800 ألف، أي أربعة أضعاف عددهم العام الماضي، وستبلغ كلفتهم نحو عشرة مليارات يورو (11 مليار دولار). ورغم أن ألمانيا شهدت موجة من المسيرات المعادية للأجانب والهجمات ضدهم خصوصا في ألمانيا الشرقية الشيوعية السابقة، إلا أن العديد يعتقدون أن بلادهم عليها التزام خاص بمساعدة اللاجئين نظرا إلى تاريخها في الحروب العالمية.
لكل قاعدة استثناء
لكل قاعدة استثناء
ولكل قاعدة استثناء، فقد احتشد عشرات اليمينيين المتطرفين أمام محطة دورتموند للقطارات احتجاجا على وصول اللاجئين. وأصيب خمسة أشخاص بينهم ثلاثة من رجال الشرطة، أثناء مشاجرات مع نشطاء مناهضين للفاشية. إلا أن التركيز الرئيسي كان على الأعداد الأكبر بكثير من المرحبين باللاجئين في العديد من المدن الألمانية. فقد امتلأت محطة فرانكفورت بالطعام والماء وأكوام الثياب المعدة للقادمين الجدد، فيما تجمع المئات عند أرصفة المحطة. وحمل رجل مصري قال إن اسمه مصطفى يسكن في فرانكفورت منذ 20 عاما، لافتة كتب عليها بالعربية "أهلا بكم". وعملت لارا صباغ، المتطوعة من منظمة كليبلات، ومقرها قرب فرانكفورت، كمترجمة لعدد من اللاجئين السوريين. وطلبت من المستقبلين التوقف عن التقاط الصور، وقالت لهم "إنهم خائفون، ويقولون إنهم فروا من بلادهم ومن حاكمهم ولا يريدون التقاط صورا لهم". وأضافت أن العديد من المهاجرين "لم يفهموا سبب التجمع هنا. وسألوني ماذا يفعل كل هؤلاء الناس هنا؟ ماذا يريدون؟ لم يدركوا أن الناس جاؤوا للترحيب بهم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق