وكالات: احتل مقاتلون مراهقون صدارة المشهد في الصراع الذي تفجر بين المسلحين الأكراد وقوات الأمن التركية، جنوب شرق البلاد، منذ انهيار وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه قبل عامين. وتعيد شدة العنف للأذهان عند البعض ما حدث في التسعينات عندما بلغت حركة الاحتجاجات التي شنها حزب العمال الكردستاني ذروتها وسقط فيها آلاف القتلى سنوياً وذلك رغم أن أعداد القتلى حتى الآن أقل من تلك المستويات. فمقاتلو جناح الشباب من حزب "العمال الكردستاني" المعروف باسم حركة "الشباب الوطنية الثورية" يهاجمون قوات الأمن في المدن بأسلحة ثقيلة ويحفرون الخنادق ويقيمون المتاريس في الشوارع الجانبية. وترد الشرطة بفرض حظر التجول وشن عمليات أمنية للايقاع بالمقاتلين وكان من أكثرها إثارة للجدل هذا الشهر عملية في بلدة "الجزيرة" قرب حدود تركيا مع العراق وسوريا سقط فيها ما لا يقل عن 20 قتيلاً.
ويقول مسؤولون حكوميون إن أكثر من 150 شرطياً وجندياً تركياً لقوا مصرعهم في أحداث العنف منذ (يوليو/ تموز) سقط كثير منهم في المدن، فيما يمثل تحولاً عن نهج الحزب بالتركيز على المناطق الريفية. وقال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو لقناة "الخبر" التلفزيونية في مقابلة هذا الشهر: "نحن نواجه محاولة لنقل حرب الجماعات المسلحة في المناطق الريفية إلى المدن". واستأنف الجيش التركي هجماته على معسكرات "حزب العمال الكردستاني" في شمال العراق كما شارك في الحملة الجوية على الدولة الاسلامية. وفي داخل تركيا يقول مقاتلو جناح الشباب في "حزب العمال" إنهم يحظون بدعم قوي من السكان المحليين في منطقة نكبت منذ فترة طويلة بالعنف والفقر، وهؤلاء المقاتلون لم يتلقوا تدريباً يذكر، لكنهم عازمون على التصدي لما يرون أنه قمع الدولة التركية.
وقالت فتاة تدعى نودا عمرها 19 عاماً هجرت التعليم بعد المدرسة الثانوية من أجل التفرغ للقتال:"توجد كتلة كبيرة من الناس يشعرون بتعاطف كبير معنا ويقدمون لنا الدعم، وهم ليسوا مسلحين لكنهم يساعدوننا”. ويقول مسؤولون في الحكومة التركية إن تجدد العنف في الجنوب الشرقي قد أثر سلباً على الدعم المحلي للمقاتلين، إذ أن الناس يقدّرون الهدوء الذي ساد عامين كانت الحكومة تجري خلالهما محادثات سلام مع "حزب العمال الكردستاني". وقال أحد مقاتلي جناح الشباب يدعى ماوا، وهو يتحدث على عجل بينما كان زملاؤه يقفون للحراسة تحسباً لمرور أي دوريات أمنية: "تأتي الشرطة والجنود إلى حيك لاعتقالك أو تخويفك، نحن نهدف إلى منعهم من ذلك بحفر خنادق وإقامة متاريس". وأضاف: "عندنا وحدات في كل شارع وكل حي في أنحاء كردستان، تركت الجامعة بعد عام دراسي واحد للانضمام إلى "جناح الشباب" وهو أكبر أعضاء الجناح سناً إذ يبلغ 26 عاماً".
ويقول أعضاء "جناح الشباب" إن الحركة نمت بسرعة لكنهم يرفضون ذكر عدد أعضائها. ووصف ماوا وأعضاء آخرون الحركة بأنها شبه مستقلة عن قيادة حزب العمال الكردستاني رغم أن أنقرة ترفض ذلك. وقال مقاتل آخر يدعي سوركسين عمره 23 عاماً في ديار بكر: "نحن نتصرف بما يتفق مع قواعد القيادة ومنظورها ضد السياسات المدمرة التي تتبعها الدولة". لكن مسؤولاً بوزارة الخارجية التركية أصر على أن "جناح الشباب" يتلقى أوامره مباشرة من كبار قادة حزب العمال الكردستاني. وذكر مقاتل من الحزب، يرابط في قاعدة قرب مدينة كركوك العراقية، لرويترز إن الواقع أكثر غموضاً، لافتاً إلى أن جناح الشباب لا تربطه صلة مباشرة بالقيادات لأن ذلك سيكشف عن القيادات". وأكمل قائلاً: "القيادة تعطي توجيهات عامة عن طريق التلفزيون، وكل الرفاق يشاهدون التلفزيون، ونحن نعرف كيف نفسر الرسالة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق