صحيفة الشرق الأوسط: قال قيادي في حركة طالبان الأفغانية أمس إن الحركة تواجه شبح الانقسام إلى فصيلين بعد فشل الطرفين في الاتفاق على الشخص الذي ينبغي أن يتولى زعامة الحركة بعد وفاة مؤسسها. وقد يعرقل الانقسام محادثات سلام في مهدها بين الحركة والحكومة الأفغانية ويفتح الطريق أمام تنظيم داعش لتوسيع نفوذه في واحدة من أكثر مناطق العالم اضطرابا. ووقع الخلاف بعدما سربت المخابرات الأفغانية الشهر الماضي أنباء تفيد بأن مؤسس الحركة الملا عمر توفي قبل ما يزيد على عامين. وفي اجتماع رتب له على عجل اختير الملا منصور نائب الملا عمر زعيما جديدا لطالبان، لكنّ كثيرين من القادة أبدوا غضبهم لأن منصور أخفى نبأ وفاة الملا عمر وعارضوا تعيينه. وقال الملا عبد المنان نيازي، وهو متحدث باسم المجموعة المعارضة للملا منصور، أمس إن المحادثات بين منصور والقادة الغاضبين قد باءت بالفشل. وأضاف نيازي: «انتظرنا لشهرين وأردنا أن يتفهم الملا منصور الموقف وأن يتنحى ويترك للمجلس الأعلى اختيار الزعيم الجديد بالإجماع.. لكنه رفض. ولم يتسنّ الحصول على تعليق من ممثلين للملا منصور».
وحكمت طالبان أفغانستان وفرضت تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية منذ منتصف تسعينات القرن الماضي وحتى 2001 حين أطاح بهم من السلطة غزو قادته الولايات المتحدة، لكن في السنوات الأخيرة تزايدت قوة طالبان، خصوصا بعد انسحاب القوات الغربية. ولم يشر نيازي إلى أن القادة الغاضبين سيهاجمون منصور الذي ما زال يحظى بدعم كبير. وقال المتحدث إنهم سيوجهون هجماتهم للحكومة الأفغانية وحلفائها من الأجانب في أفغانستان. وأضاف: «كل من ينخرط في أنشطة مسلحة تحت قيادة الملا منصور ليس مقاتلا. سنعلن الآن معارضتنا له». وكانت حركة طالبان الأفغانية أعلنت منذ يومين أنها تمكنت من حل لخلاف على اختيار زعيم جديد للحركة بعد إعلانها عن وفاة زعيمها السابق الملا عمر في وقت سابق. وأعلنت حركة طالبان حل الخلاف بعد أن بايع أقارب زعيمها الراحل الملا عمر خليفته في الزعامة الملا منصور. وأكد مساعد مقرب من نجل الملا عمر الاحتفال بحل الخلاف في مراسم سرية بعد أن قبل منصور بقائمة تتضمن ثمانية مطالب. وقال المساعد طالبا عدم نشر اسمه: «قبل الملا منصور بكل هذه المطالب».
وأكد المتحدث الرسمي باسم طالبان والذي يمثل الملا منصور أن التغيرات ستنفذ، وقال: «وعدهم الملا منصور ورفاقه بأن الشورى (مجلس الزعامة) ستكون له سلطة اتخاذ القرارات وليس الأفراد». من جهته، أكد نجل الملا عمر، يعقوب، أن والده توفي لـ«سبب طبيعي» بعد أن أصيب بالتهاب الكبد «سي»، في مسعى لوضع حد للجدل الدائر حول الوفاة الغامضة لمؤسس حركة طالبان الأفغانية. وكان الإعلان في أواخر يوليو (تموز) الماضي عن وفاة الملا عمر التي تعود إلى 2013، أغرق حركة التمرد الأفغانية في جدل واسع، مع اتهام بعض قياديي الحركة قيادتها بالكذب خلال سنتين بشأن مصير زعيمهم وباستخدام هويته من خلال نسب تصريحات كاذبة إليه. واستهدفت تلك الاتهامات الملا أختر منصور الذراع اليمنى للملا عمر الذي خلفه في عملية اعتبرت «غير توافقية» و«سريعة» من قبل بعض قياديي الحركة وعلى رأسهم يعقوب النجل البكر لمؤسس حركة طالبان التي حكمت في كابل من 1996 إلى 2001. وهذا الجدل غذى نظريات مختلفة عن أسباب وفاة أحد أكبر المطلوبين من الولايات المتحدة لاستضافته أسامة بن لادن مدبر اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، حتى إن بعض المقاتلين اعتبروا أنه اغتيل.
وفي رسالة صوتية بثت مساء أول من أمس وتأكدت وكالة الصحافة الفرنسية من صحتها من مصادر طالبانية، يؤكد نجل الملا عمر، يعقوب، أن والده أصيب بالتهاب الكبد من فئة «سي» ولفظ أنفاسه الأخيرة في أفغانستان، وليس في باكستان كما قالت الأجهزة الاستخبارات الأفغانية بعد مرض عضال. وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن نحو 500 ألف شخص يموتون كل سنة في العالم من أمراض مرتبطة بالتهاب الكبد «سي»، وهو مرض يصيب الكبد ويتسبب به فيروس ينتقل بواسطة الدم. وقال الملا يعقوب «بوسعي أن أؤكد لكم أنه توفي لسبب طبيعي. لم يقتل من قبل قياديين داخل الإمارة (الاسم الرسمي لطالبان) أو من قبل أعداء في خارج الإمارة». وأضاف أنه «توفي بسرعة عندما تدهورت صحته». وبحسب المعلومات الأولية التي حصلنا عليها من أطباء تم تشخيص مرضه بأنه التهاب الكبد سي، داعيا في الوقت نفسه إلى وحدة طالبان، مؤكدا أن والده «لم يختر خلفا له».
وشدد يعقوب على أن «الأهم بالنسبة لنا هو الحفاظ على وحدتنا وليس التحدث عن أناس بسوء»، لكنه لم يعلن ولاءه للملا منصور، بل أكد أنه سيمتثل لأي قرار محتمل لتجمع الملالي والعلماء حول شرعية هذه الخلافة المثيرة للجدل. وأكد يعقوب «إنني مستعد للتضحية بنفسي من أجل الوحدة، ومستعد للقيام بعملية انتحارية إن كان ذلك يضمن وحدة طالبان». من ناحية ثانية، نفى المتحدث باسم الرئاسة الأفغانية، سيد ظفر هاشمي، الادعاءات القائلة بأن الهجوم الذي استهدف قاعدة عسكرية في مدينة بيشاور الباكستانية يوم الجمعة الماضي، تم التخطيط له ومتابعته من أفغانستان وقال بيان صادر عن هاشمي، إن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، مضيفا أن بلاده عانت كثيرا من الإرهاب، وتقوم بكل حزم بمكافحة المنظمات الإرهابية، التي تستهدف استقرار وسلم المنطقة، ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأفغانية، شكيب مسغني، بدوره تلك الاتهامات، قائلا إن الحكومة الأفغانية لا تسمح باستخدام أراضيها لاستهداف الدول المجاورة. وكان المتحدث باسم الجيش الباكستاني، الجنرال سليم باجوا، قال: إن الهجوم الذي أوقع 42 قتيلا، تم التخطيط له وإدارته من أفغانستان، ونفذته حركة طالبان باكستان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق