العرب اللندنية: استغرق مسيّر شركة مصغرة في مجال الدعاية والإعلان بالعاصمة أكثر من عام، لاسترجاع جزء من حقوقه المالية من دائرة الضرائب، وذلك بسبب خطأ إداري تسبب فيه أحد زبائنه في البيانات المتعلقة بالحسابات، ليتفاجأ بقرار يصدر من الإدارة الجبائية بتجميد حسابه التجاري في البنك، ليدخل بذلك في دوامة من الإجراءات الإدارية، ودفع 20 بالمئة من التقييم الجبائي. ولا تخلو دائرة من دوائر الضرائب في الجزائر، من عشرات الطاعنين والساخطين على تدابير وقرارات وأخطاء جبائية تثقل كاهل التجار والاقتصاديين، وتثبط عزائمهم في الاستثمار وخلق الثروات وفرص الشغل، الأمر الذي ولّد حالة من العدائية يلفها التعسف والبيروقراطية من جهة والتحايل والتهرب من الجهة الثانية. ويقول الخبير في المحاسبة جبري سعيد إن الإدارة الجبائية ما زالت تسير بطرق بدائية موروثة عن زمن الاشتراكية، فإلى حد الآن لم يعمم الإعلام الآلي على الإدارة، وما زال موظفوها يفتقدون للتكوين الحديث.
ويضيف إنه "ورغم الخطوات المتخذة في القطاعات الأخرى لتحديث إداراتها إلا أن الضرائب ما زالت بعيدة عن متطلبات المرحلة، وفي المحصلة فإن الخزينة العمومية هي التي تدفع فاتورة 50 بالمئة من الاقتصاد الموازي و40 بالمئة من التهرب الضريبي". وتقول شهادات متطابقة إن الضريبة في الجزائر تؤدي مهامّ غير مهامها، إذ أصبحت وسيلة للتضييق وتصفية الحسابات، خاصة إذا كان صاحب النشاط معارضا، حيث تعرض الكثيرون لإجراءات ضريبية بتعليمات إدارية تستهدف الضغط عليهم لإفلاسهم أو حملهم على الرضوخ للإملاءات. ورغم دور الاستثمارات الأجنبية في النهوض بالاقتصاد وخلق الثروة ومواطن العمل، إلا أن شركة شهيرة للاتصالات اضطرت بعد 2010 إلى بيع أصولها، بسبب ما أسماه مالكها بـ"تصفية حسابات سياسية بذرائع ضريبية". ويقول مختصون إن أبرز مظاهر البيروقراطية يتجلى في دائرة الضرائب، وهي مسألة مقصودة للتغطية على ممارسات الفساد والرشوة، التي يستفيد أصحابها من مزايا تفضيلية يوفرها لهم نافذون بالسلطة. ويستدل هؤلاء بالعديد من الحالات التي تحولت إلى فضائح هزت أركان إدارة الضرائب والتجارة، بعدما اكتشف أن متشردين في محافظة سطيف (300 كلم شرقي العاصمة) تلاحقهم الضرائب بديون تصل إلى نصف مليون دولار، ليكتشفوا أن شبكات مترابطة من المستوردين والإداريين تدير شركات تجارة واستيراد باسمهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق