بيان منظمة ضحايا لحقوق الانسان حول محاكمة رموز وقيادات نظام القذافى
أدانت محكمة جنايات طرابلس 32 من المتهمين، فحكمت على تسعة منهم بالإعدام، وعلى 23 بالسجن لمدد تتراوح بين خمس سنوات والسجن المؤبد. وبرأت المحكمة أربعة من المتهمين وأحالت واحداً إلى مصحة نفسية لفحصه. وتضمن المتهمون الـ38 المحالون إلى المحاكمة في البداية سيف الإسلام القذافي، علاوة على مدير مخابرات الليبية السابق عبد الله السنوسي، واثنين من رؤساء الوزراء السابقين هما البغدادي المحمودي وأبو زيد دوردة.
الحكم الذى فاجأ الكثيرين وكان محل اهتمام وانتقاد كل المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية وبعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا وأغلب المهتمين والمتخصصين فى الشئون القانونية فى ليبيا، جاء حكماً معيباً ومشوباً بالبطلان وقد تابعت منظمة ضحايا لحقوق الإنسان الحكم، وحسب المطالعة الأولية تؤكد المنظمة أن الحكم صدر فى ظل عدالة المنتصر وهى عدالة انتقائية انتقامية أبعد ما تكون عن العدالة التى تنشدها دولة خرجت من مرحلة صراع ومرت بعقود من الظلم والديكتاتورية، المحاكمة شابتها انتهاكات جسيمة في سلامة الإجراءات، إضافة للضغوط التي تمارس على المحاكم والإكراه الواقع على القضاة، فالقضاة لا يستطيعون إصدار حكم يخالف ما تريده المليشيات والمجموعات المسلحة المسيطرة على العاصمة.
إن التدهور الأمني، يثير العديد من التساؤلات حول قدرة قاضي المحاكمة على البت في القضية بحيدة واستقلال، وإصدار حكم يتفق وقناعته دونما تأثير أو ضغط أو خوف، إن تسارع المحاكمة وإصدار الأحكام في ظل انعدام الأمن وحالة الانقسام التى تعانيها ليبيا تؤكد أن المحاكمة سياسية أكثر منها جنائية، ويجب إرجاء البت فى هذه القضايا الهامة والخطيرة ليس حفاظاً على حق المتهمون فقط بل حفاظاً أيضاً على حق الضحايا والحيلولة دون أن تضيع حقوققهم نظراً لسرعة المحاكمة والتعجل فى إصدار الأحكام، حتى تنتهى حالة الانقسام ويفعل القضاء ويكون لدينا الثقة الكاملة بأن المتهمون ستوفر لهم محاكمة عادلة، تجتمع فيها كل الشروط والمعايير الدولية، كما أن الحكم الصادر ضد سيف الإسلام غيابياً وجعله فى حكم الفار وهو موجود على الأرض الليبية، يؤكد عبثية المحاكمة وكونها مسيسة ولا تخضع لإرادة القاضى الحرة وقد ذهب بعض القانونيون إن تلك المحاكمات لا تجوز إذا كان مكان المتهم على التراب الليبي معلوماً، كما أن العديد من المتهمين لم يمكنوا من حق الدفاع والبعض منهم تم تغيير دفاعه عدة مرات نتيجة التهديد المستمر لهيءة الدفاع، بل اشتكى بعض المحامين من عدم التقائهم بموكليهم، والبعض لم يجلس مع موكله الفترة الكافية التى تمكنه من تقديم الدفاع وجلب الشهود،الذين يصعب بل يعد من قبيل المجازفة حضورهم للشهادة فى ظل الأوضاع الأمنية المتردية وسيطرة المليشيات على العاصمة.
وهذا مما يؤكد غياب ضمانات المحاكمة العادلة، والتى بلاك شك أحد أهم أركانها الحق فى الدفاع ومقابلة المتهم لهيئة دفاعه بكل حرية وعلى انفراد إضافة للحق فى حضور شهود النفى للوقائع والتهم المنسوبة إليه، كما شكى بعض المتهمين وعلى رأسهم سيف الإسلام القذافي وعبد الله السنوسي، إنهم افتقروا إلى التمثيل القانوني أثناء الإجراءات السابقة على المحاكمة، بما فيها الاستجواب، وقد أدت النزاعات المسلحة فى ليبيا على دفع الكثير من المؤسسات الليبية، بما فيها مؤسسة القضاء ونظام العدالة الجنائية، إلى حافة الانهيار، حيث قامت العديد من المحاكم ومكاتب النيابة وفروع المباحث الجنائية بتعليق أعمالها بسبب تدهور الظروف الأمنية والاعتداءات المتكررة التي تستهدف القضاة والمحامين وأعضاء النيابة. كما أن قدرة المحكمة العليا، المنعقدة في طرابلس، على توفير إجراءات محايدة أمر مشكوك فيه، حيث تخضع المحكمة العليا للتهديد، وأبرز دليل على ذلك الحكم الصادر فى نوفمبر 2014 بخصوص حل البرلمان، حيث أتى الحكم وفق ما ذهب إليه أغلب القانونيون والمهتمين بالشأن الليبي تحت تهديد السلاح وسطوة المليشيات، إن العدالة تقتضي دائماً المساعدة القانونية للمتهم في أية قضية تنطوي على عقوبة الإعدام، بما فيها الاستئناف والنقض والرأفة السيادية، وتخفيف الحكم، والعفو، وهى أمور نتمنى أن نراها قريباً، وعليه فأننى أرى ضرورة السعى الجاد لوقف تنفيذ هذه الأحكام وإعادة المحاكمة متى توفرت الظروف الممكنة لتحقيق العدالة.
ناصر الهوارى رئيس منظمة ضحايا لحقوق الانسان
الثلاثاء 28 يوليو 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق