العرب اللندنية: تأتي جولة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى المنطقة المغاربية التي بدأها أمس بزيارة تونس، في سياق سعي طهران إلى إيجاد موطئ قدم لها في شمال أفريقيا الذي يعيش وضعا مضطربا. وترافقت هذه الزيارة مع بروز خشية متصاعدة في المنطقة من خطورة تزايد النشاط الإيراني، لا سيما في تونس التي ارتفعت فيها الأصوات المُحذرة من ذلك النشاط. وبدأ ظريف أمس زيارة رسمية لتونس تندرج في إطار جولة في المنطقة يزور خلالها أيضا الجزائر، وصفتها وسائل الإعلام الإيرانية بأنها الجولة الإقليمية الثالثة له منذ توقيع بلاده على اتفاقية مع مجموعة 5+1 بشأن الملف النووي الإيراني. وقد اجتمع ظريف فور وصوله إلى تونس مع رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، وتم خلال الاجتماع التطرق إلى مسائل "تتعلق بالتعاون الإقليمي بين تونس وإيران بالنظر إلى تفاقم خطر التطرف والطائفية والإرهاب"، بحسب ما قال ظريف. وتنظر الأوساط السياسية بكثير من الحذر إلى هذه الجولة التي تزامنت مع حراك دبلوماسي بحثا عن بوابة جديدة تنطلق منها إيران لفرض نفسها كلاعب أساسي في منطقة قريبة من أوروبا هي المنطقة المغاربية التي تعاني من تداعيات الأزمة الليبية.
وبحسب المحلل السياسي التونسي منذر ثابت، فإن جولة ظريف "تندرج في سياق الدومينو السلبي بعد انكسار المخططات الدولية، وافتضاح أمر ما اصطلح على تسميته بـ"الربيع العربي"، وهي تطورات جعلت إيران تسعى جاهدة إلى ملء الفراغ، وبالتالي الظهور كلاعب أساسي في المعادلة الجديدة التي تُرسم للمنطقة". واعتبر في تصريح لـ"العرب" أن الاتفاقية التي وقعتها إيران مع مجموعة 5+1، وما توصلت إليه من تفاهمات مع أميركا، منحا طهران فسحة للتحرك في المنطقة. وحذر ثابت من أن "وجود تيارات إسلامية في إطار ما يُسمى بالديمقراطية الناشئة في تونس، يفتح المجال للمدرسة الإيرانية لفرض نفسها باعتبار أن ثورة الخميني في 1979 كانت المرجع الأول لتلك التيارات بما في ذلك حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي في نسختها الأولى أي حركة الاتجاه الإسلامي". ووصف مراقبون زيارة ظريف إلى تونس في هذا الوقت بالذات، بأنها ليست "بريئة سياسيا"، لا سيما وأنها تزامنت مع سجال متصاعد في البلاد حول مسألة التشيع في تونس، ودور سفارة إيران في ذلك، الذي عادة ما يوصف بـ"المشبوه".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق