وكالات: دفعت التهديدات التي أطلقتها جماعة أنصار الدين ضدّ وحدات الجيش المالي، السلطات الرسمية إلى التفكير جديا في تغيير سياستها مع هذه الجماعة التي تمارس سطوتها على الطوارق في الشمال. وحسب مراقبين فإن إفراج السلطات الموريتانية عن القيادي البارز في أنصار الدين سنده ولد بواعمامه كان نتيجة لوساطة مالية للحد من تصاعد الهجمات الإرهابية على قوات الجيش في إطار تسوية سرية مع الطوارق في الشمال. وأفرجت موريتانيا عن ولد بواعمامه الذي سبق وأن قاد تمردا في مالي سيطرت إثره الجماعات المتشددة على مدن بشمال البلاد، بعد أن ألغت السلطات المالية مذكرة توقيف دولية كانت قد صدرت بحقه. وتتخوف الحكومة المالية من عدم التزام الحركات الأزوادية باتفاق السلام وهي المنصاعة لحركة أنصار الدين وتأتمر بإمرتها، خاصة إذا لم تستجب لطلب الإفراج عن قادتها في السجون المالية أو حتى في سجون دول أخرى وذلك ضمن وساطات وتعهدات بعدم المساس بأمن دول الجوار.
وتتوزع في شمال مالي العديد من الحركات والكتائب الجهادية المتطرفة المقرّبة أو التابعة تنظيميا للقاعدة، وتعمل هذه المجموعات وأبرزها حركة أنصار الدين على تأجيج النزاع بين الفصائل الأزوادية والحكومة المركزية حفاظا على مصالحها وخوفا من الملاحقات العسكرية خاصة بعد تفعيل اتفاق السلام بين أطراف النزاع. يشار إلى أن مصادر أمنية أفادت، في وقت سابق، بأن حركة أنصار الدين المقربة من تنظيم القاعدة تمارس عمليات تحريض واسعة النطاق في مدن إقليم أزواد ضدّ اتفاق السلام الهادف إلى إنهاء الأزمة السياسية بين دعاة الانفصال من الطوارق والسلطة الرسمية الممثلة في حكومة باماكو. وتستغل حركة أنصار الدين التي لا يشملها اتفاق السلام، نفوذها القبلي خاصة على قبيلة ايفوغاس (كبرى قبائل طوارق إقليم أزواد) لمنعها من التوقيع على الاتفاق وإنهاء الأزمة المتشعبة، وهو ما يجعل مسألة إقناع القاعدة الشعبية للفصائل الأزوادية ببنود الاتفاق أمرا شديد الصعوبة.
وأكد آغ طاهر عزي، أحد أعيان مدينة كيدال شمال مالي وعضو حركة تحرير أزواد، في تصريحات صحفية سابقة، أن جهاديّي أنصار الدين “يتخوفون من زيادة حملات الملاحقة الأمنية والعسكرية ضدهم بعد توقيع اتفاق السلام. وأضاف بأنهم يرغبون في إبقاء الوضع السياسي في شمال مالي على حاله من أجل مواصلة القتال ضد الجيش المالي والقوات الأفريقية والفرنسية”. ورغم تراجع الدور العسكري لأنصار الدين في المنطقة إلا أنها تظل حركة مؤثرة في المشهد السياسي، باعتبار أن مرتكزاتها الفكرية تستجيب للبعد القبلي القومي الانفصالي الذي يهيمن على الطوارق وتتناغم مع الدعوة السلفية الجهادية المنتشرة في المنطقة بشكل واضح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق