إرم نيوز: انطلقت صباح اليوم الأحد، العملية الانتخابية للمجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، في أول عملية ديمقراطية على مر التاريخ، يحاول من خلالها من يتم وصفهم بسكان ليبيا الأصليين، انتزاع حقوقهم الثقافية واللغوية، التي تعمد نظام القذافي خلال أربعة عقود من حكمه طمسها ومحاولة تذويبها داخل النسيج الاجتماعي العربي. وفي الطريق إلى مدينة زوارة الساحلية، والتي تفصلها عن العاصمة طرابلس قرابة 120 كلم غرباً، تستقبلك المدينة التي تعد حاضنة الأمازيغ وموطئ قدمهم، بشعارات على أسوار مؤسساتها، كلها تداعب حلم رسم ملامح الهوية المفقودة . شبكة "إرم" الإخبارية، رصدت العرس الانتخابي الأمازيغي منذ انطلاقه، وقامت بمواكبة العملية الانتخابية، حيث ازدانت مدينة زوارة بفرحة وابتهاج سكانها، وكأن المدينة تتشارك عرسا جماعياً مع أبنائها.
عرس انتخابي
وتصف نجلاء عمر أحد الناخبات، في حديثها مع "إرم"، عملية الانتخاب باللغة الأمازيغية إنه “عرس انتخابي (تامغرا ن ستاين)، ويجب من خلاله الوصول بصوتنا في ترسيم اللغة الأمازيغية والهوية الخاصة بنا، لأننا نستحق مثل غيرنا من العرب وسكان ليبيا، أن نتمتع بكامل حقوقنا، التي يعود تاريخها إلى قبل دخول العرب والإسلام إلى ليبيا، موجودة أثاره في بلادنا القديمة". وتضيف، "يجب على الناخبين حسن الاختيار، حتى نضمن أعضاء في المجلس، لديهم القدرة والكفاءة والانتماء الكاف، للدفاع عن حقوقنا كامل، مثل اللغة والهوية والعادات، التي نطالب إدراجها في كامل المعاملات الرسمية للدولة". ومن جانبه، عبر أيوب كيلاني خمير بعد الانتهاء من التصويت، عن أمله بأن لا يخيب المرشحون الذين سيتم انتخابهم، أماني وتطلعات الناخبين في الإيفاء بوعودهم الانتخابية. وقال في هذا الصدد، "نطلب من المجلس المنتخب استرجاع حقوقنا كسكان ليبيا الأصليين، بالرغم من تقديرنا للظروف الغير ملائمة، التي تمر بها البلاد، لكن نطالبهم ببذل قصارى جهدهم ، من أجل حقوقنا التي انتزعت بفعل الأنظمة السابقة. وسينتخب أكثر من 8 آلاف ناخب، على مدار يوم واحد من عملية الاقتراع 16 عضوا من أصل 20 عدد المرشحين، لعضوية المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، ثلثهم من النساء، بالإضافة إلى عضوية مباشرة لعمداء 8 بلديات، ليصبح العدد الإجمالي 26 عضوا بالمجلس.
الانتخابات "لبنة أولى"
"الخطوة مهمة وضرورية، ويجب تحمل نتائجها والصبر عليها، لأنها جزء من عملية التأسيس وتثبيت حقوق الأمازيغ، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 10 آلاف سنة مضت، وبالتالي يجب على الناخبين استشعار، أهمية الخطوة الحالية، وعدم الاستهانة بنتائجها"، هكذا عبر "نجيب ساسي"، عضو اللجنة الفرعية لمفوضية انتخاب المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا. وتابع ساسي، في حديثه مع "إرم" من المركز الانتخابي زوارة "سوء الاختيار في انتخابات المؤتمر الوطني العام، وارتباك المشهد السياسي في ليبيا، جعل المواطن في حالة من عدم الثقة، في أي شخص يترشح لعضوية المجلس". لكنه استدرك حديثه،"يجب على المواطنين الأمازيغ، التفريق بين انتخاب أجسام سياسية تمثل الدولة الليبية، وبين جسم يمثل الأمازيغ بشكل مستقل، وبالتالي الأمر مختلف، ويجب الإقبال على انتخاب المجلس الأعلى، الذي سيمثل جسماً يهتم بالدفاع عن الحقوق من خلال التشريع، وليس وظيفته تنفيذية". وقاطع الأمازيغ الذين يقدر عددهم بنحو 400 ألف من سكان ليبيا، من أصل 8 ملايين نسمة، انتخابات هيئة صياغة الدستور الليبي، مطالبة دسترة اللغة الأمازيغية، بجانب الاعتراف وترسيم كامل الحقوق الثقافية قبل كتابة الدستور .
تثبيت الحق الثقافي
يرى عيسى الهاميسي أحد الناخبين، بأن العمل المدني جزء رئيس في تحول المجتمع إلى الدولة المدنية التي تحترم القانون، وبالتالي عملية انتخاب المجلس جزء مهم، يساهم في تثبيت الحق الثقافي والاجتماعي للأمازيغ. ويؤكد الهاميسي، بأن على الشعب الليبي التعايش واحترام الآخر، وتقبل ثقافة بعضنا البعض، والعمل على المشاركة والعيش سلام، من خلال احترام هوية وثقافة كل ليبي، مهما كانت جذوره وأصوله التاريخية. وأردف بالقول، "بمعنى احترام المواطنة، وعدم الاقصاء الذي عانى منه الشعب الليبي طوال عقود، لكن الأمازيغ تعرضوا للتمييز بشكل أكبر". ويعد الأمازيغ من الشعوب الأهلية، تسكن المنطقة الممتدة من واحة سيوة شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، وهم السكان الأصليون لشمال إفريقيا، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى الصحراء الكبرى جنوبا، وهي المنطقة التي كان يطلق عليها الإغريق قديما باسم "نوميديا" . ويعد الأمازيغ سكان ليبيا الأصليين، ويعود تاريخهم إلى العهد الروماني ما قبل الميلاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق