العربي الجديد: يبحث الطالب الليبي محمد فرج، على شبكة الإنترنت، عن كيفية الوصول إلى سورية، للانضمام للمجاهدين، كثيرا ما أبدى محمد إعجابه بانتصارات داعش، في أحاديثه مع أقرب المعلمين إلى نفسه في مدرسته الثانوية في بنغازي. نقل المعلم ما يدور في خلد طالبه إلى أسرة فرج، التي تعاملت مع الموقف بهدوء كما يقول المعلم خالد المحمدي لـ"العربي الجديد". يتابع المعلم المصري، الذي يعمل في ليبيا، لـ"العربي الجديد"، أقنعت محمد بالاستعانة بالأسرة أن ما يقرأه على صفحات مواقع التواصل من مؤيدي داعش، لا يعدو كونه دعاية غير حقيقية، وكشفت له عن جرائم التنظيم في حق الثورة، وهو ما ساعدتني فيه الأسرة، حتى عدل محمد عن موقفه.
الليبيون في داعش
لماذا ينضم الشباب الليبي لتنظيم الدولة الإسلامية؟.. سؤال سعى محرر التحقيق للإجابة عنه، عبر استطلاع رأي غير علمي عبر موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، شارك فيه عدد من الليبيين في المدن التي تواجد بها التنظيم، تحديدا في درنة وسرت، من بين هؤلاء الشاب الثلاثيني أحمد المرضي، الذي يرى أن البحث عن النفوذ والتسلط وحب السيطرة، هي الأسباب التي دفعت الشباب الليبي إلى التنظيم، بينما أرجع محمد ثابت من درنة، الأمر إلى إغراءات مالية يقدمها التنظيم لأتباعه، لكن أنس خالد رفض المبررات السابقة، قائلا السبب الحقيقي هو ضعف المناعة الفكرية ومحدودية المعرفة، فيما تراوحت بقية الأسباب من وجهة نظر المشاركين من مؤيدي التنظيم أو المتعاطفين معه إلى الرغبة في إقامة دولة إسلامية مثالية، أو نيل الشهادة.
غياب المشروع الوطني
يحمل الدكتور رمضان بن طاهر أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عمر المختار، النظام السابق مسؤولية دفع الشباب الليبي إلى الانضمام إلى التنظيمات المتطرفة، قائلا "فشل نظام القذافي في بناء دولة وطنية أو تحقيق مشروع تنموي شامل ينهض بالمجتمع، ويعالج مشاكل الشباب كالبطالة وتحقيق الذات، ثم تعامل النظام السابق بوحشية وعنف مع مناهضيه، ما جر فئات من الشباب إلى التطرف الديني والحركات الجهادية ثم إلى الغلو في مسألة الشريعة". يتابع أستاذ علم الاجتماع السياسي تفسيره، قائلا "مع سقوط النظام واستمرار الفراغ السياسي وغياب البديل الأفضل، وتطور الصراع بين القوى السياسية إلى نزاع مسلح وانتشار الفوضى والفساد وتغليب الهويات الفرعية القبلية والجهوية، خلق ذلك بيئة حاضنة للتطرف والتكفير، مما يجعل البعض ينظرون إلى نموذج "داعش" كعلاج مؤكد أو محتمل على أقل تقدير لمشكلة يشعر بها الناس".
جاذبية أساليب التنظيم
بحسب إفادة ناشط من مدينة درنة، (رفض الكشف عن هويته من أجل أمنه وعائلته)، فإن براعة تنظيم الدولة الإسلامية في استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، والتقنيات الحديثة، والأناشيد، والإصدارات الإعلامية، التي ينتجها، ساهمت في جذب الشباب الليبي إلى صفوف داعش. يتابع الناشط الحقوقي "نجح التنظيم في استقطاب أطفال صغار، بعضهم لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر. كما أن أكثر عناصر التنظيم الليبيين كانوا في السابق ينتمون إلى فصائل جهادية كالقاعدة، وأنصار الشريعة، لكن الطبيعة الانشطارية لمثل هذه التنظيمات، وتعاظم الغلو والتطرف بين أتباعها، دفعها للولاء لتنظيم الدولة الإسلامية باعتباره النسخة الأكثر تطرفاً بين نظرائه من التنظيمات الجهادية الأخرى". وتابع أن تنظيم الدولة الإسلامية ينتشر في ليبيا في ثلاث مدن رئيسية هي سرت ودرنة وبنغازي، وله تواجد ضعيف في مدن أخرى، على رأسها العاصمة طرابلس وقد حد من تواجده في درنة، شرقي ليبيا، حرب مجلس شورى مجاهدي درنة (فصيل مسلح أقرب لتنظيم القاعدة) على منتسبيه، وتعتبر درنة نقطة انطلاق التنظيم في ليبيا التي أعلن عن وجوده فيها صراحة، عقب إطلاق الجنرال خليفة حفتر لعملية الكرامة في 16 مايو/أيار العام الماضي، ويضم التنظيم في صفوفه عدداً لا بأس به من الشباب الليبي، لكن قوته الحقيقية تكمن في العناصر الأجنبية، كما أن التنظيم لا يحظى بقاعدة شعبية في ليبيا توفر له حاضنة اجتماعية كما في العراق. وأشار إلى أن عناصر من منتسبي النظام السابق بدافع الانتقام من الثورة ساهمت في تقوية التنظيم في مدن سرت وبن وليد وغيرها نكاية في مدن الثورة وعلى رأسها مصراتة. ومن حين لآخر تعلن أفرع التنظيم في ليبيا وهي ثلاثة برقة، طرابلس، وفزان، عبر حسابات قريبة منه على تويتر، تخريج دفعات جديدة من مقاتلي التنظيم.
فراغ ديني وفشل سياسي
خالد الشريف وكيل وزارة الدفاع الليبية السابق والباحث المهتم بشؤون الجماعات الجهادية أرجع في حديثه لـ"العربي الجديد" الأسباب التي تدفع الشباب الليبي للانخراط في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، إلى ضعف المستوى التعليمي الشرعي في ليبيا خلال حقبة النظام السابق؛ مما جعل الشباب غير محصّن فكرياً أمام غزو الأفكار المتطرفة للمجتمع، كما أن الوضع السياسي في الوطن العربي والتدخل العسكري الدولي في الدول العربية والإسلامية ومحاولات إجهاض الربيع العربي تدفع الشباب إلى التشدد". وأكد الشريف المعتقل السياسي إبان عهد نظام القذافي، أن غياب المشروع السياسي الطموح في ليبيا أدى إلى تردي الوضع من جميع النواحي. وبحسب الشريف فإن ليبيا تأتي في مرتبة متقدمة بين الدول التي ينضوي شبابها بكثرة تحت لواء تنظيم الدولة الإسلامية. وتعد ليبيا ميدانا رئيسيا لتدريب وتجهيز داعش لمقاتليها الجدد، قبل إرسالهم لجبهات ومهمات قتالية، فبحسب تقارير أمنية تونسية مثلاً فإن عدد التونسيين الذين يتلقون تدريبات عسكرية في معسكرات ليبية يتجاوز 500 شخص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق