الحياة: أثار خطاب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي والذي أعلن فيه حال الطوارئ لمدة شهر، جدلاً واسعاً بين المواطنين الذين رأى بعضهم أن الخطاب لم يكن مطمئناً فيما عبر بعضهم الآخر عن مخاوفه على الحريات. ورأى مراقبون مبالغة في تحذير السبسي من «انهيار الدولة» في حال وقوع هجوم آخر شبيه بهجوم سوسة، وذلك في معرض تفسيره لقراره إعلان الطوارئ. في غضون ذلك، قصفت وحدات الجيش التونسي حصوناً لإرهابيين في مرتفعات محافظة الكاف شمال غربي البلاد. وأعلن رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد أن منفذ هجوم سوسة سيف الدين الرزقي (23 سنة) عمل في قطاع السياحة. وقال الصيد: «نعلم أنه كان عضواً في ناد للرقص وأنه يعرف القطاع السياحي جيداً ليعمل كاستعراضي».
وفي خطاب تلفزيوني مساء السبت، عزا السبسي قراره إلى «ظروف إقليمية وامتداد الإرهاب في دول شقيقة»، مشيراً إلى أن السلطات لم تتوقع هجوماً آخر بعد هجوم باردو» في آذار (مارس) الماضي. وأتى قرار إعلان الطوارئ بعد أسبوع من هجوم على فندق في سوسة أسفر عن مقتل 38 سائحاً أجنبياً غالبيتهم من البريطانيين. واعتبرت غالبية المتابعين لخطاب السبسي انه «متسرع ولم يُطمئن الشعب في شأن الوضع الأمني ولم يظهر واثقاً ومتحدثاً بارعاً كعادته». واعتبر السبسي أن «من سوء حظ تونس أنها على الحدود مع الجارة ليبيا والتي لا تتوافر فيها دولة، بل تنظيمات مختلفة وكل تنظيم هو دولة بحد ذاته»، داعياً المجتمع الدولي إلى مساندة بلاده في هذه «الحرب المصيرية» ضد الإرهاب. وتحدث الرئيس التونسي في «خطاب الطوارئ» عن ضرورة إنهاء الاحتجاجات الاجتماعية والإضرابات «التي تنهك عمل الوحدات الأمنية والعسكرية». ونصح الإعلام بألا يتعامل في شكل غير مسؤول مع اعترافه بأن «حرية التعبير والصحافة وهي من مكاسب الثورة».
وحذرت أحزاب سياسية ومدنية من انتهاكات لحقوق الإنسان وحق الاحتجاج بعد فرض حال الطوارئ، واعتبر القيادي في «الجبهة الشعبية» اليسارية النائب نزار عمامي أن «إعلان الطوارئ هو هدنة اجتماعية مفروضة بالقوة». وقال عمامي لـ»الحياة» أن إعلان الطوارئ «تهديد مباشر لحق الإضراب وحرية الصحافة والتعبير ويمنح الحكومة صلاحيات واسعة في قمع الحريات من دون رقابة قضائية». وعبرت حركة «النهضة» الإسلامية عن «تفهمها لهذا القرار في ضوء التهديدات والعمليات الإرهابية التي ألحقت أضراراً بالغة بأمن البلاد واستقرارها واقتصادها والتي تحتاج إلى مواجهة شاملة وطويلة». ودعت «النهضة» التي تشارك في الائتلاف الحكومي إلى دعم جهود الأمن والجيش والخيار الديموقراطي وتقوية الوحدة الوطنية واليقظة الدائمة في البلاد. ويمنح إعلان الطوارئ قوات الشرطة والجيش سلطات استثنائية ويتيح لها خصوصاً حظر الإضرابات والتجمعات التي من شأنها التسبب بالفوضى. كما يجيز تنفيذ عمليات دهم للمنازل ليلاً ونهاراً واتخاذ كل التدابير لضمان مراقبة الصحف والمنشورات على أنواعها. وقررت السلطات إقالة محافظ سوسة وثلاثة مسؤولين في شرطة سوسة، إضافة إلى مسؤول أمني رفيع المستوى في القيروان وسط البلاد حيث كان يدرس الرزقي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق