إرم نيوز: بعد مخاض عسير مرت به عملية إدارة حوار ليبي، طال لمدة 40 أسبوعا، نجحت الأمم المتحدة بخطف توقيع كافة الأطراف المشاركة في الحوار الليبي، باستثناء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، الذي رفض التوقيع على مسودة الاتفاق قبل إجراء تعديلات يراها "جوهرية". الأطراف المشاركة في الحوار الليبي وهي (البرلمان – النواب المقاطعين – المستقلين – كتلة 94 بالمؤتمر – الأحزاب – المجالس البلدية)، وقع ممثلوها بالأحرف الأولى في وقت متأخر من ليلة السبت، على مسودة الاتفاق السياسي الرابعة "المعدلة" في حفل رسمي في المغرب حضره سفراء ومبعوثو الدول الكبرى. ووصف فتحي باشاغا، النائب المقاطع لجلسات البرلمان وعضو الحوار، التوقيع على مسودة الاتفاق بـ”الإنجاز الوطني الجدير بأن يحتفى به، ويدفع إلى الإصرار لاستكمال المشوار وصولا إلى الاتفاق النهائي وتشكيل حكومة توافق وطني”. وقال خلال مؤتمر صحفي عقب توقيع الاتفاق "تبين للجميع أنه ليس بمقدور أحد إنقاذ ليبيا بمفرده، وأن البلاد لن تكون قوية ومزدهرة إلا بوحدة أبنائها". وشدد موسى قريفة ممثل بلدية الزنتان على أهمية هذا اليوم ووصفه بـ"التاريخي". بدورها، أكدت نهاد معتيق عضوة الحوار عن المرأة أن الهدف الرئيسي للاتفاق هو الخروج بحكومة توافق وطني تقدم الخدمات للناس وتتواصل معهم.
من جانبه، أكد برناردينو ليون الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن "الباب لا يزال مفتوحاً لهؤلاء الذين اختاروا ألا يكونوا هنا اليوم، كان لهم أيضاً دور حيوي في تطوير هذا النص"، في إشارة للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته الطرف الوحيد الذي لم يحضر ويوقع الاتفاق المبدئي. وبين المبعوث الدولي "أنه وكما هو منصوص عليه بالمادة الأخيرة من مسودة الاتفاق، وبالرغم من التوقيع بالأحرف الأولى، فإنه لن يدخل حيز النفاذ إلا بعد قيام أطراف الحوار السياسي الليبي بإقراره واعتماده كاملاً وتوقيعه وهي ضمانة من بين الضمانات العديدة التي رغب الأطراف في تضمينها بالاتفاق". وأكد أبو بكر بعيرة ممثل فريق الحوار عن البرلمان أن البرلمان المنتخب غلّب المصلحة الوطنية العليا للبلاد فوق كل الاعتبارات، مشيراً إلى أن "الباب يبقى مفتوحاً لكل الأطراف للتوقيع على الاتفاق السياسي الذي ينهي معاناة الشعب الليبي ويحقق الوفاق الوطني ويحفظ وحدة وسيادة واستقرار البلاد”. وقال محمد عبد الله النائب في البرلمان الليبي، في حديث خاص لـ"إرم" إن “المؤتمر الوطني فوت الفرصة بعدم حضوره التوقيع، ووضع نفسه في خانة المعرقل للاتفاق، وبالتالي سيكون عرضة للعقوبات الدولية في حال واصل تعنته”. وأضاف عبد الله "التوقيع بالأحرف الأولى في أي اتفاقية، يأتي كخطوة أولية تمهيداً لإقراره بشكل رسمي، وهي مرحلة تسبق التوقيع على كامل الاتفاق الذي يعلم الجميع أن بعض الملاحق ستتضمنه وسيجرى نقاشها بعد عطلة عيد الفطر المبارك". وفي ذات الوقت أكد عبد الله أهمية مشاركة المؤتمر المنتهية ولايته والالتحاق بأطراف الحوار حتى يكون الاتفاق متكاملاً، ويظهر السياسيين الليبيين أمام العالم بأنهم على قدر من الإحساس والمسؤولية.
ترحيب دولي
بدورهم، رحب السفراء والمبعوثون الدوليون من كندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمغرب والبرتغال وروسيا وأسبانيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، في بيان مشترك، بتوقيع الاتفاق بالأحرف الأولى بين الأغلبية العظمى للوفود المشاركة في المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة. وقال البيان، الذي تلقت "إرم" نسخة منه، إن "هذه المسودة هي اتفاقية ليبية يتفاوض عليها الليبيون بالنيابة عن شعبهم، ونرحب بالوفود التي حضرت إلى الصخيرات، كما نهنئ الوفود التي أظهرت إحساسها بالمسؤولية والقيادة والشجاعة"، كما دعوا كافة صناع القرار الليبيين للاتحاد والانضمام إلى دعم هذه الاتفاقية.
الإخوان "توقيع وتحفظ"
وكبقية الأطراف التي وقعت على مسودة الاتفاق السياسي، أكدت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، أنها وقعت على الاتفاق بالاقتران مع عدد من التحفظات حوله. وبحسب بيان نشره الموقع الرسمي لحزب العدالة والبناء المنبثق عن الجماعة، سّجل محمد صوان رئيس الحزب في حفل التوقيع على الاتفاق السياسي بين الأطراف الليبية تحفظاتٍ قال إنها مقترنة بتوقيعه المبدئي بالأحرف الأولى على المسودة الرابعة المعدلة. وقال صوان في هذا الصدد "هناك تعديلاتٍ وقضايا عالقة تحتاج إلى تسوية قبل التوقيع النهائي على الاتفاق، منها تعديل بعض المواد التي تضمنتها المسوّدة وتحصين الاتفاق من الطعن مستقبلا أمام القضاء". وطالب بتعديل المادة (16) لتنص "على أن تبدأ ولاية مجلس النواب بأول اجتماع له بعد سريان هذا الاتفاق وتخصص الجلسة الأولى لاتخاذ الإجراءات الآتية (انتخاب رئيس ونائبيه ووضع اللائحة الداخلية)". بالاضافة إلى تعديل المادة (1) الفقرة الثالثة، لتضاف بعد كلمة المتخصصة "على أن يتم التوافق على رئيس وتعيين نائب ووزير من قبل المؤتمر الوطني ومجلس النواب". وعبر رئيس حزب العدالة والبناء في ختام بيانه عن أمله بأن يتم فتح باب الحوار بشأن هذه القضايا وغيرها، حتى يتمكن المؤتمر من المشاركة في مفاوضات الاتفاق النهائي، منوهاً بأهمية هذا الأمر ليتحقق التوافق المنشود ويساهم في بسط الأمن والاستقرار في ليبيا. وسجل المؤتمر الوطني المنتهية ولايته غيابه عن الجولة الأخيرة من الحوار، بعد تعليق مشاركته حتى إشعار آخر بدعوى حاجته لمناقشة المسودة بشكل مستفيض قبل توقيعها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق