ويقول العارفون بالتوازنات داخل السلطة في الجزائر إن "لعمامرة المحسوب على واشنطن سيغادر مع أول تحوير، ليس الأمر يتعلق بالكفاءة والمراس، بل لأنه يمثل تيارا لم يعد مرغوبا فيه بإيعاز من فرنسا"، وأن الولايات المتحدة التي عرفت عصرا ذهبيا في غرس نفوذها منذ مجيء بوتفليقة، فقدت ركائزها والمحسوبين عليها برحيل وزير النفط السابق شكيب خليل، المتابع في قضايا فساد ورشوة، والمقيم على ترابها رغم الملاحقات القضائية الصادرة في حقه من طرف العدالة الإيطالية. وظل شكيب خليل المتشبع بالفكر الليبيرالي الأميركي، يمثل مصالح واشنطن في الجزائر، إلى جانب وزراء آخرين كحميد تمار ويزيد زرهوني، كانوا يوصفون بـ"رجالات بوتفليقة"، وأدخل الرجل آليات جديدة على الاستثمار النفطي في الجزائر، كما فتح الأبواب أمام الشركات النفطية الأميركية العملاقة، وسعى لرفع الاحتكار الحكومي للقطاع، قبل أن يتراجع بوتفليقة عن القرار تحت ضغط الانتقادات الداخلية والمعارضة السياسية.
واعتبرت الخارجية الجزائرية الاثنين الماضي، أن التقرير الأميركي حول وضعية حقوق الإنسان في العالم لسنة 2014 الصادر في نهاية شهر يونيو الماضي جاء في شقه المتعلق بالجزائر "امتدادا لتوجه بيروقراطي يميل لاستنساخ آلي لصور نمطية" و"تقييمات مغرضة" و"استنتاجات مفرطة في التبسيط". وأضاف أن "المغالاة في إصدار الأحكام جرّدت التقرير المذكور نهائيا من أي مصداقية خاصة في محاولة إقامة معادلة مساواة بين العمل الشرعي لدولة وطنية وبين الإجرام الفظيع لجماعات إرهابية”، كما أنه "موجود في الإدعاء الشنيع المتمثل في تقديم النتائج الملحوظة لعمليات مكافحة الإرهاب الشجاعة التي ينفذها الجيش الوطني الشعبي بكل شفافية تحت العنوان المخادع: حرمان تعسفي وغير قانوني من الحق في الحياة".
وأشار البيان إلى أنه "من البديهي أن قضية حقوق الإنسان، لا يمكن أن تخضع لممارسة ظرفية وإنما لعمل دؤوب يعزز المكاسب ويفتح باستمرار آفاقا جديدة، وذلك هو الطرح الذي تعمل الجزائر على تطويره في تفاعلاتها مع شركائها الدوليين، ومن ضمن ذلك الحوار الإستراتيجي الذي تقيمه مع الولايات المتحدة حول القيم المرجعية والمبادئ المتجذرة في ظل الاحترام المتبادل وتوازن المصالح". وكان تقرير كتابة الدولة للشؤون الخارجية الأميركية، قد تناول في الجزء المخصص للجزائر، ما أسماه بـ"عنف الشرطة وعدم معاقبة أفراد الأمن" بسبب تجاوزاتهم وانتهاكاتهم لحقوق المواطنين خلال المظاهرات والمسيرات، في إشارة إلى حالات تعنيف طالت بعضها خاصة في العاصمة. وتحدث التقرير أيضا عما قيل "اعتقال وحجز تعسفي لناشطين واللجوء إلى التعذيب والتزوير في انتخابات الرئاسة التي جرت في أبريل 2014، وأفرزت عبدالعزيز بوتفليقة رئيسا لولاية رابعة". وهي إشارة قد تمهد لانقلاب واشنطن عن دعم الرئيس الجزائري في ولايته الحالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق