العرب اللندنية: بدأت سياسة "الباب المفتوح" التي ينتهجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في التعاطي مع تيارات الإسلام السياسي بما فيها الجماعات المُتطرفة، ترتد عليه تباعا لتتعمق ورطته، وتتناثر أوراقه على تخوم المستنقع الليبي الذي يُرجح أن يُطيح بأوهامه عبر إفقاده خيوط اللعبة السياسية التي كان يُمسك بها في سوريا وكذلك أيضا في ليبيا. ويبدو أن ورطة أردوغان مع تنظيم داعش التي جاءت على وقع التفجير الانتحاري الذي استهدف مدينة سوروتش التركية، على الحدود مع سوريا، لن تكون الأولى، حيث برزت تطورات جديدة مُرتبطة بدور تركيا في ليبيا، من شأنها تجريد أردوغان من عناصر القوة لديه التي وظفها للتغطية عن سلسلة إخفاقات حزبه "العدالة والتنمية" جراء سياساته الفاشلة ومغامراته الخطيرة. ففي الوقت الذي لاتزال فيه تلك الورطة تُثير حولها المزيد من الغبار والضجيج السياسي، أعلنت سلطات الجمارك اليونانية عن ضبطها شحنة من الأسلحة التركية تتضمن مدرعات عسكرية وسيارات مصفحة، كانت في طريقها إلى مدينة مصراتة الليبية.
ويرى مراقبون أن الكشف عن ضبط هذه الأسلحة التركية، يُعد فضيحة جديدة لأردوغان، ترتقي إلى مستوى الورطة الحقيقية على صعيد الداخل التركي ارتباطا بالمشاكل التي يواجهها حزب العدالة والتنمية مع المعارضة، وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي على ضوء تزايد الحديث عن ضرورة تجفيف المنابع التي يتغذى منها الإرهاب في المنطقة بعد توقيع اتفاقية الصخيرات للسلم والمصالحة في ليبيا. وبحسب وسائل إعلام يونانية، فإن عملية ضبط شحنة الأسلحة التركية تمت في ميناء "كيراتسيني"، حيث ضبطت الجمارك اليونانية سفينة تحمل اسم" تايكي" وترفع علم بنما، على متنها 8 عربات مدرعة من طراز "تايفون جي أس أس 300"، و5 سيارات من طراز تويوتا لاندكروزر، و3 سيارات مصفحة، من بينها سيارة بي أم دبليو وأخرى مرسيدس. وهذه ليست المرة الأولى التي يتم الكشف فيها عن إمدادات عسكرية تركية للجماعات المُتطرفة في ليبيا، لكن أهميتها تكمن في أنها تأتي بعد نحو أربعة أيام من إعلان سلاح الجو الليبي عن استهدافه لسفينتين في سواحل بنغازي شرق طرابلس، يُعتقد أنهما مُحملتان بالسلاح والعتاد الحربي من تركيا للجماعات الإرهابية. واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبدالباسط بن هامل في اتصال هاتفي مع “العرب”، أن ضبط السلطات اليونانية لشحنة السلاح المذكورة “يؤكد انغماس تركيا في المستنقع الليبي بما يُجرد أردوغان من آخر أوراقه”.
وقال إن هذا المُعطى الجديد، "يثبت مرة أخرى مدى تورط تركيا في ليبيا، ويفضح سياسة أردوغان، ويضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته”. ولفت إلى أن القوى الوطنية الليبية كثيرا ما حذرت من تنامي وصول السلاح الحربي التركي عبر الطائرات التي كانت تهبط في مطاري "معيتيقة" بالعاصمة طرابلس، و"القرضابية" بجوار سرت، وعبر الموانئ البحرية في درنة ومصراتة وبنغازي، وهي أسلحة كانت مُخصصة لدعم ميليشيا فجر ليبيا الموالية لجماعة الإخوان التي تُسيطر على المؤتمر الوطني المنتهية ولايته. وشدد على أن هذه الفضيحة ستجعل أردوغان غير قادر على التخلص من مغامراته في دعم تيارات الإسلام السياسي، كما ستفضح دوره "الهدام" في المنطقة، وتُعمق متاعبه مع المجموعة الدولية التي “يعتقد أنها تُدرك بأن جزءا من السلاح التركي تسرب إلى جماعات مُتطرفة منها تنظيمات داعش وأنصار الشريعة المُصنفة إرهابية على الصعيد الدولي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق