ومباشرة بعد التوصل إلى هذا الاتفاق بدأ الحرس الثوري الإيراني والمتشددون في انتقاده، والهجوم على قرار أقره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أول من أمس يقضي بموافقته على الاتفاق. وتركزت الانتقادات، بصفة خاصة، على بنود في الاتفاق تبقي على القيود السارية على نشاط إيران في تطوير الصواريخ الباليستية ومشترياتها من السلاح من الخارج. وحتى الآن لم يصدر خامنئي حكما صريحا في الاتفاق، لكنه قال يوم السبت إنه لن يسمح بإساءة استخدام الاتفاق أو تعريض «أمن إيران وقدراتها الدفاعية» للخطر. كما قال أمام حشد من المواطنين كانوا يرددون هتاف «الموت لأميركا» إن الاتفاق لن يغير سياسة إيران الخارجية المناهضة للغرب. وقال ظريف للنواب إن قرار الأمم المتحدة اقتصر على تقييد تطوير الصواريخ المصممة لحمل رؤوس نووية، وأوضح أن هذا لن يؤثر على برنامج الصواريخ الإيراني لأن إيران ليس لديها برنامج لتطوير صواريخ نووية. وحسب مراقبين فربما سيحاول المتشددون في إيران إقناع خامنئي بتعطيل الاتفاق من خلال تصويره على أنه تجاوز «للخطوط الحمراء»، التي حددها المرشد الأعلى بنفسه. وفي هذا الصدد نقلت وكالة «تسنيم» للأنباء عن محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري، قوله أول من أمس إن بعض بنود مشروع قرار مجلس الأمن تجاوزت بوضوح الخطوط الحمراء التي رسمتها الجمهورية الإسلامية، خاصة ما يتعلق منها بالقدرات العسكرية لإيران.
وفي محاولة لطمأنة المعارضين، شدد ظريف، الذي قاد فريق المفاوضين الإيرانيين، والذي يواجه تشكيكا من جانب المحافظين الذين يشكلون غالبية في مجلس الشورى، أمام النواب على أن الاتفاق الذي أبرم بين إيران والقوى الكبرى سيضمن رفع العقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة والغرب على إيران بسبب برنامجها النووي. بعد أن وافقت إيران على الحد من أنشطتها النووية لعقد على الأقل، لكنها ستواصل تخصيب اليورانيوم، وسيسمح لها بمواصلة الأبحاث وتطوير تكنولوجيا نووية حديثة. وردا على بعض المتشددين في مجلس الشورى الذين قالوا إنه تم تقديم الكثير من التنازلات في المفاوضات، أوضح ظريف أمس أن المفاوضات الماراثونية لم تكن لتحقق كل مطلب لدى إيران أو الغرب بقوله: «في كل مباحثات هناك تبادل للآراء، وعلى كل جانب أن يتخلى عن قسم من مطالبه لتحقيق الشق الأهم إلى حين الوصول إلى ما هو متوازن». وأضاف موضحا: «إن أهداف إيران الرئيسية التي قمنا بالإصرار عليها، تم تحقيقها. وبالنسبة للجانب الآخر فإن المطالب الرئيسية كانت منع إيران من الحصول على أسلحة نووية عبر قيود وإشراف». واعتبر ظريف أن إيران حققت مكاسب أكبر من الاتفاق قائلا: «ما كسبوه كان أمرا قائما أساسا لأن إيران لم تسع أبدا إلى امتلاك السلاح الذري. وإنجازنا الأهم هو مصادقة مجلس الأمن الدولي» على الاتفاق النووي، وهي تمهد بذلك الطريق أمام رفع العقوبات الدولية تدريجيا.
ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية عنه القول إن «ماراثون المفاوضات أثبت للجميع أن إيران لن تقدم أي امتيازات أو تنازلات، ولن تعدل تحت الضغوط عن خطوطها الحمر». وعن موقف إسرائيل من الاتفاق، قال ظريف إن «الكيان الإسرائيلي لم يكن أبدا معزولا إلى هذا الحد، حتى بين حلفائه». واعتبر أن هذا هو السبب الذي أثار غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجعله «يصرخ في كل مكان» ويحاول عرقلة الاتفاق بأي ثمن. ورأى ظريف أن «الاتفاق وضع نهاية لعقود من الدعاية التي قام بها الكيان الإسرائيلي ضد إيران». وبخصوص موقف الدول الغربية من الاتفاق أوضح ظريف أن المطلب الأساسي للدول الغربية كان يتجلى في عدم وصول إيران للقنبلة النووية من خلال فرض بعض القيود وعمليات المراقبة، واعتبر أن «ما حصل عليه الطرف الآخر تحصيل حاصل لأنه وفقا لمبادئنا الدينية والإنسانية لم ولن تسعى الجمهورية الإسلامية للسلاح النووي أبدا».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق