العرب اللندنية: بدأت قوات الجيش الليبي "القوات الموالية للحكومة الليبية المؤقتة" بقيادة الفريق أول ركن خليفة حفتر تقترب تدريجيا من الحدود مع تونس، في تطور ميداني لافت من شأنه قلب موازين القوى العسكرية لجهة الانتشار الجغرافي، على وقع أزمة رهائن القنصلية العامة التونسية بطرابلس التي كشفت الدور المريب لميليشيا "فجر ليبيا". وقالت مصادر متطابقة إن قوات الجيش الليبي أحكمت سيطرتها على منطقتي "رقدالين" و"جميل"، ولم يعد يفصلها عن معبر "رأس جدير" الحدودي التونسي الليبي المشترك الذي يخضع حاليا لسيطرة كتائب من "فجر ليبيا" الموالية لجماعة الإخوان المسلمين، سوى 30 كيلومترا. وقال الناشط السياسي التونسي المحامي حسين الزرقي في اتصال هاتفي مع "العرب" من منطقة بن قردان حيث يوجد معبر رأس جدير، إن حالة من التوتر الشديد تسود المنطقة الحدودية، حيث تزايد عدد التونسيين الفارين من ليبيا، فيما دفعت السلطات التونسية بتعزيزات أمنية وعسكرية لافتة تحسبا لأيّ طارئ. وأوضح أن مناوشات مُسلحة سُجلت أمس في المناطق الحدودية الليبية، وخاصة على مستوى بلدات "العجيلات"، ورقدالين"، و"جميل" الليبية التي دخلتها قوات الجيش الليبي أمس الأول، بعد أن تمكّنت من دحر مسلحي "فجر ليبيا".
وبحسب مصادر ليبية، فإن أهالي بلدة "جميل" استقبلوا قوات الجيش الليبي بالزغاريد تعبيرا عن فرحهم بعد التخلص من عناصر ميليشيا "فجر ليبيا"، كما سارعوا إلى تنظيف بلدتهم من مخلفات تلك الميليشيات ومنها إزالة السواتر الترابية، والحواجز من الشوارع. وأشارت إلى أن قوات الجيش الليبي كثفت أمس من استعداداتها للتوجه نحو معبر رأس جدير للسيطرة عليه، ما يعني قطع أحد أهم شرايين ميليشيا "فجر ليبيا" التي لن يبقى لها سوى معبر "الذهيبة/وازن" في حال سيطرة قوات الجيش الليبي على معبر رأس جدير. وينظر المراقبون إلى هذه التطورات على أنها مُقدمة لتضييق الخناق على تلك الميليشيات لأن قضم مساحات واسعة من مناطق نفوذها يفقدها القدرة على التحرك، كما أن خسارتها المُحتملة لمعبر رأس جدير سيجعلها محاصرة بريا وبحريا أيضا بعد تمركز عدة بوارج حربية غربية وعربية قبالة سواحل مدينة مصراتة لمنع دخول السلاح والمعدات العسكرية. وكان مصدر أمني جزائري قد أكد في وقت سابق أن عددا من القطع البحرية الغربية والعربية، تفرض عمليات مراقبة مشددة، على موانئ ليبيا على البحر المتوسط.
وأوضح أن 10 دول أغلبها من غرب المتوسط، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، بدأت في مارس الماضي، مراقبة السفن المتوجهة إلى السواحل الليبية، بهدف التدقيق في هوياتها وحمولاتها، للحيلولة دون وصول شحنات أسلحة و"جهاديين" إلى تنظيم داعش في ليبيا، إلى جانب التصدي للهجرة غير الشرعية. وتُنذر هذه التطورات بمعارك ضارية، حيث قالت مصادر ليبية لـ"العرب"، إن ميليشيا "فجر ليبيا" في العاصمة طرابلس وبعض المدن الغربية الأخرى شرعت في عملية حشد لمسلحيها للدفع بهم نحو المعبرين الحدوديين رأس جدير والذهيبة/وازن لمنع سقوطهما بيد الجيش الليبي. ولم تستبعد إمكانية إقدام تلك الميليشيا على غلق المعبرين، وذلك في الوقت الذي تضاربت فيه الأنباء حول تطورات ملف أزمة رهائن القنصلية العامة التونسية الذي يرى مراقبون أنه كشف الوجه الحقيقي لميليشيا “فجر ليبيا”، بعد أن حاولت حركة النهضة ممثلة برئيسها راشد الغنوشي تلميع صورتها داخل تونس.
وما زالت أزمة رهائن القنصلية العامة التونسية المحتجزين لدى كتيبة من كتائب ميليشيا "فجر ليبيا" يكتنفها الكثير من الغموض الذي لم يحجب خطورة تصريحات الغنوشي السابقة، باعتبار أن احتجاز "فجر ليبيا" لطاقم القنصلية التونسية جاء بعد أسبوع من تلك التصريحات التي أثارت استياء الأوساط السياسية في البلاد. ووصف الغنوشي في الخامس من الشهر الجاري، ميليشيا "فجر ليبيا" بأنها "الدرع الواقي وخط الدفاع الأول عن تونس"، ولكن بعد مرور أسبوع عن تلك التصريحات، اقتحمت الميليشيا القنصلية العامة التونسية بطرابلس واحتجزت طاقمها كرهائن، في جريمة وُصفت بأنها "إرهابية بامتياز".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق