وكالات: دخل سكان اليونان أمس في مناخ السيناريو القاتم، لإعلان إفلاس البلاد الوشيك، حيث أغلقت المصارف اليونانية أبوابها، وتم تقنين الصرف من ماكنات الصرف الآلي، التي خلا معظمها من النقود خلال ساعات قليلة. ويقول محللون إن هذه التجربة وتصريحات المسؤولين الأوروبيين، وضعت أمام اليونانيين، أن الاستفتاء الذي وافق البرلمان على إجرائه يوم الأحد المقبل، لن يكون بشأن شروط الدائنين، بل سيكون بشأن بقاء اليونان أو خروجها من منطقة اليورو. وأغلقت اليونان القطاع المالي ومن ضمنها جميع المصارف أمس، وبدأت الحكومة بمراقبة حركة رؤوس الأموال لمنع انهيار النظام المصرفي، رغم أن انهيار المحادثات، لم يوصد جميع الأبواب في وجه استئناف المفاوضات. ويبدو حجم الأزمة جليا في العاصفة التي ضربت جميع أسواق الأسهم الرئيسية في العالم أمس، حيث تكبدت جميعها خسائر كبيرة تضاف إلى خسائر الأسبوع الماضي، وتراجعت أسعار النفط العالمية، لينحدر خام برنت تحت حاجز 62 دولارا للبرميل. وبدأت تعاملات أمس بتراجع جميع المؤشرات الآسيوية بشكل حاد، لتمتد بعد ذلك إلى المؤشرات الأوروبية، وتنتقل بعد ذلك إلى الولايات المتحدة وبقية الجانب الغربي من المحيط الأطلسي.
وتراجعت معظم الأسواق الأوروبية بأكثر من 4 بالمئة في بداية التعاملات، لكنها استعادت بعض خسائرها بسبب بصيص الأمل في الخروج من الأزمة. وخسرت بنوك منطقة اليورو نحو 30 مليار يورو من قيمتها السوقية مع إقبال المستثمرين على بيع أسهم المؤسسات المالية خشية تبعات خروج اليونان المحتمل من منطقة اليورو. ومع إغلاق بورصة أثينا، تكبدت الأسهم اليونانية المسجلة في الأسواق الأوروبية والأميركية خسائر كبيرة، عكست ما يمكن أن يحدث في السوق اليونانية. وعلى النقيض ارتفعت أسعار الذهب بنحو واحد في المئة، لكن الأفق القاتم على المدى البعيد منعها من تحقيق مكاسب كبيرة، رغم أن الذهب يعد الملاذ الآمن في أوقات الأزمات. ويقول محللون إن عاصفة الأسواق كان يمكن أن تكون أوسع بكثير لولا الإشارات الكثيرة إلى وجود أمل في إنقاذ اليونان، وتجنب الآثار الكارثية على مجمل منطقة اليورو. ويرى البعض أن لعبة البوكر التي فرضها رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسبيراس، بالتصعيد على حافة الهاوية، يمكن أن ترتد إلى نحره، إذا ما صوت اليونانيون للبقاء في منطقة اليورو.
وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أنه "لا تزال هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق"، وأن "فرنسا مستعدة للعمل من أجل استئناف الحوار”. وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي إنه ما زال هناك "هامش للتفاوض" بين اليونان ودائنيها معلنا عن "اقتراحات" جديدة ستقدمها بروكسل لأثينا. واعتبر هولاند أن رهان الاستفتاء اليوناني يوم الأحد "سيكون جوهريا، لمعرفة ما إذا كان اليونانيون يريدون البقاء في منطقة اليورو، أم أنهم سيجازفون بالخروج منها". وعمت الفوضى اليونان، التي تعلق سكانها بمتابعة الأخبار وسط شلل كبير لجميع النشاطات الاقتصادية، في بداية أسبوع غير مسبوق في البلاد التي يعتمد اقتصادها على السيولة. وتم فرض سقف للسحب من أجهزة الصرف الآلي على اليونانيين، وتم استثناء السياح من تلك القيود، لكنهم كانوا يجدون صعوبة في العثور على جهاز يحتوي على النقود، مع الازدحام الشديد على تلك التي تقدم النقود. وينتهي برنامج المساعدات اليوم، وهو موعد سيشهد تخلف اليونان عن السداد إذا لم تستطع دفع 1.6 مليار يورو يحين أجلها اليوم لصندوق النقد الدولي.
وجدد تسيبراس يوم الأحد طلبا من الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي تمديد برنامج المساعدة لبلاده. وأوضح في مداخلة تلفزيونية أنه ينتظر ردهم الفوري على هذا الطلب. وسارع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إلى بث نص اقتراح الدائنين على موقع تويتر "لاطلاع الشعب اليوناني" عليه، في إشارة ضمنية إلى أن الوقت لم يفت بعد في حال وافق الناخبون اليونانيون على الإصلاحات المطلوبة. وشكك مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الرقمية غونتر أوتينغر في إمكانية بقاء اليونان في منطقة اليورو. وقال "نريد الاحتفاظ باليونان إذا أمكن الأمر، لكن نجاح ذلك صار أمرا مشكوكا فيه بشدة”. وأكد البنك المركزي الأوروبي أنه سيواصل إمداد البنوك اليونانية بالسيولة النقدية الطارئة عند المستويات الحالية وفي الوقت ذاته سيراقب الأسواق المالية كما سيراقب "أي انعكاسات محتملة على السياسة النقدية". لكن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ضربت آمال اليونان في الحصول على عرض أفضل من الجهات المانحة، حين قالت إنه كان بإمكاننا أن "نرضخ هذه المرة، لكني أقول إننا سنتكبد بذلك خسائر على المدى المتوسط والطويل". وذكرت ميركل أن أوروبا كانت ستفقد بعد ذلك نفوذها في العالم، مضيفة أنه يتعين النظر إلى عبارة "فشل اليورو يعني فشل أوروبا" في ضوء هذه الخلفية. وقالت إن أوروبا باتت في وضع أفضل من الماضي يؤهلها للتعامل مع أزمة الديون في بلاد مثل اليونان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق