الانتخابات التشريعية في تركيا – نهاية أردوغان أم تثبيت لمساره
دويتشه فيليه: لا يفصل تركيا سوى يومين عن الانتخابات البرلمانية التي تشكل هذه المرة محكا حقيقيا لحزب العدالة والتنمية ولرئيس البلاد أردوغان، حيث قد يدخل الحزب الديمقراطي الشعبي الكردي البرلمان، مما يعني خسارة حقيقية للحزب الإسلامي.... "أردوغان سيقودنا إلى كارثة"، بهذه الجملة وصف إبراهيم، سائق تاكسي في إسطنبول، سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فيوم الأحد المقبل ستجرى انتخابات تشريعية قد تؤثر نتائجها على مستقبل تركيا بشكل كبير. سائق الأجرة إبراهيم، الذي يرفض الكشف عن اسمه لتفادي أية مضايقات، يبلغ من العمر 58 عاما وينحدر من أصول كردية شرق الأناضول. ويعبر إبراهيم عن اعتقاده أن ذروة افتخاره بوطنيته ستكمن في حصول (الحزب الديمقراطي الشعبي الكردي) على عشرة في المائة على الأقل من الأصوات، فتُخول للحزب دخول الجمعية الوطنية الكبرى (البرلمان التركي) في أنقرة. ويضيف أن ذلك سيضيق الخناق على مسيرة رجب طيب أردوغان. أظهرت معظم استطلاعات الرأي في إسطنبول وأنقرة، المدينتين الأكثر اكتظاظا بالسكان، وجود انقسام في الرأي العام بين مؤيد لأردوغان ومعارض له، أما في باقي المقاطعات 79 فإن حزب العدالة والتنمية يتمتع بشعبية كبيرة، غير أن المراقبين السياسيين يعتقدون أن كل فوز للحزب الديمقراطي الشعبي الكردي من شأنه أن يقلب الموازين السياسة في تركيا.
التعايش السلمي بين جميع الشعوب في تركيا
في تصريحاتهما أثناء الحملة الانتخابية استخدم كل من الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو مرارا وتكرارا صيغا مثل: "أمة واحدة وعلم واحد ووطن واحد ودولة واحدة"، في حين ركز صلاح الدين دميرتاز، رئيس الحزب الديمقراطي الشعبي الكردي، في خطاباته على التأكيد على تحقيق تعايش سلمي بين "جميع الشعوب في تركيا"، ويشير صلاح الدين دميرتاز بذلك إلى الأتراك والأكراد والعلويين والسنة والعرب وإلى الأقليات العرقية والدينية الأخرى في تركيا.
صلاح الدين دميرتاز، رئيس الحزب الديمقراطي الشعبي الكردي
الحزب الديمقراطي الشعبي الكردي واثق منقدرته على تخطي عتبة
العشرة في المائة وينطلق تفاؤله هذا من النتيجة الجيدة التي حققها رئيس
الحزب صلاح الدين دميرتاز بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية أمام أردوغان في
شهر أغسطس/آب 2014 والتي حصل فيها على9,7في المائة من الأصوات. ويحاول حزب
العدالة والتنمية الربط بين الحزب الديمقراطي الشعبي الكردي وبين (حزب
العمال الكردستاني) المحظور حتى في الاتحاد الأوروبي، بهدف إضعاف شعبية حزب
دميرتاز في تركيا، لاسيما وأن زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله
أوجلان، الذي يوصف هناك ب "زعيم إرهابي" و"قاتل أطفال" يقبع منذ أكثر من 16
عاما في السجن بجزيرة إمرالي في بحر مرمرة. وعند الحديث
عن أردوغان وما يقال عن رغبته في تحقيق تقدم في عملية السلام مع الأكراد
فليس هناك ما يثبت ذلك، بل إنه يتجاهل القضية الكردية تماما، كما ينتقد
الخبير السياسي حسين بخشي من جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، عندما
قال: "إن الاستراتيجية التي ينهجها أردوغان من خلال استبعاد كل ما لا
يتوافق مع تطلعاته يزيد من خطورة التوترات الداخلية".مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والطريق المسدود
يعتبر الخبير السياسي حسين بخشي وجود مفارقة بين ما كان يدعو إليه أردوغان سابقا "إجراء إصلاحات ديمقراطية والعمل على تحديث تركيا" وواقع "التناقضات لكل معايير الديمقراطية" الذي ينهج أردوغان بعد الفوز المذهل لحزب العدالة والتنمية عام 2011 بحوالي 50 في المائة من الأصوات.
استطلاعات الرأي تبين تقدم أردوغان وحزب العدالة والتنيمة
ويعتقد سنان أولغن، رئيس مركز دراسة السياسة الخارجية والاقتصادية
أيضا أنه بإمكان الحزب الديمقراطي الشعبي الكردي تجاوز عتبة العشرة في
المائة، حيث إن شعبية رئيسه صلاح الدين دميرتاز تزداد يوما بعد يوم، مشيرا
إلى أن أردوغان "ارتكب عدة أخطاء مثل استخدام الدين لأغراض سياسية". حسب
استطلاعات للرأي فإن حزب العدالة والتنمية متقدم بفارق كبير ولكن نجاحات
عام 2002 بنسبة 34 بالمائة وبنسبة 44 بالمائة عام 2007 وبنسبة 49,95
بالمائة قبل أربع سنوات ستبقى بعيدة المنال في الانتخابات المقبلة، حسب
المراقبين. وإذا لم يحصل أردوغان على 367 مقعدا على الأقل من أصل 550 مقعدا
فلن يمكنه القيام بتغيير الدستور أوتمديد صلاحيات رئيس الجمهورية.دميرتاز يستبعد أي ائتلاف مع حزب العدالة والتنمية
لم يأخذ حزب العدالة والتنمية بعد موقفا من مسألة احتمال اتلافه إن لم يحصل على الأغلبية المطلقة، كما ترك الباب مفتوحا أمام (حزب الشعب الجمهوري) بقيادة كمال قليتش دار أوغلو و(حزب الحركة القومية) بقيادة دولت باختشالي. وفيما يتعلق بالائتلاف مع الحزب الديمقراطي الشعبي الكردي فقد استبعد رئيس الحزب صلاح الدين دميرتاز الائتلاف مع حزب العدالة والتنمية تماما. خلال الحملة الانتخابية يسعى أردوغان إلى الدعاية لحزب العدالة والتنمية رغم أن مهامه كرئيس للبلاد تفرض عليه الحياديية وعدم التحزب. أردوغان لايبالي بذلك ويقول من منصات حزب العدالة والتنمية: "أقف فقط في صف شعبي لما يمليه علي واجبي ولكي أنبه إلى المخاطر التي تتربص ببلدي وبالمواطنين". سيكون يوم الأحد حقا يوما حاسما بالنسبة لأردوغان ولحزب العدالة والتنمية ومن خلال نتائج الانتخابات سيتم تحديد التوجه السياسي الذي ستسلكه تركيا مستقبلا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق