وعبّرت مصادر حكومية عراقية أمس عن قلقها بعد عجز قيادة الحشد الشعبي عن توفير ما يكفي من القوات لحماية بغداد. وينتشر أربعة آلاف من عناصر الحشد المكوّن أساسا من ميليشيات شيعية على مساحة 120 كيلومترا من ضفاف بحيرة الثرثار إلى جنوب عامرية الفلوجة، وهو عدد لا يتناسب وفق الحسابات العسكرية مع مساحة الأرض التي تعد أقرب نقطة إلى العاصمة بغداد. وكان الرئيس العراقي فؤاد معصوم قد عبّر في تصريح أدلى به الأسبوع الماضي لصحيفة «العرب ويكلي» عن قلقه بشأن الأوضاع في العراق مؤكدا أن بغداد في خطر. وقال قائم مقام عامرية الفلوجة، فيصل العيساوي، إن المسؤولين في الحكومة العراقية ببغداد، لا يثقون بالسنّة، لافتا إلى أن المقاتلين في منطقته التي تبعد نحو 40 كيلومترا عن العاصمة العراقية يقاتلون داعش على نفقتهم الخاصة.
وقال العيساوي في مقابلة مع شبكة “سي أن أن” الأميركية “هناك الكثير من الأسلحة للبيع في الأسواق العراقية، سواء كانت أسلحة من الجيش السابق أو تلك الأسلحة التي أخذها تنظيم داعش من الجيش الحالي ويعرضها للبيع عن طريق طرف ثالث وهناك أسلحة تأتي من إيران وتباع بشكل مباشر”. وخلال الأيام الماضية تجسّد عدم الثقة بأبناء الطائفة السنية والذي أشار إليه العيساوي، بشكل عملي من خلال منع السلطات العراقية النازحين الذين فرّوا من مدينة الرمادي بعد اجتياحها من عناصر تنظيم داعش من دخول العاصمة بغداد بذريعة إمكانية تسرّب عناصر من داعش إلى العاصمة ضمن النازحين. وتسبّب هذا الإجراء في معاناة شديدة لهؤلاء النازحين الذين فروا من ديارهم على عجل في أجواء صيفية شديدة الحرارة. كما تجسّد عدم الثقة أيضا في اعتراض شخصيات سياسية شيعية نافذة وبعضها مشارك في الحكومة بشدّة على تسليح العشائر السنية للدفاع عن مناطقها والمساهمة في استعادتها من يد تنظيم داعش، بحجة أن بين العشائر من هو موال للتنظيم ويمكن أن يسرّب الأسلحة لعناصره. ويضاعف من قلق المسؤولين العراقيين بشأن مصير العاصمة وجود معلومات أمنية بشأن خلايا نائمة لتنظيم داعش داخل العاصمة تنتظر ساعة الصفر لمعاضدة الهجوم عليها من داخلها عبر عاصفة من العربات المفخّخة تستهدف أهم مقرات السيادة والمرافق والمنشآت الحيوية.
ورغم الإجراءات الأمنية المشدّدة داخل العاصمة بغداد أثبت تنظيم داعش قدرته على اختراق كل الإجراءات وتحريك عربات مفخّخة وتفجيرها في أماكن حساسة عمليا أو ذات بعد رمزي مثل استهدافه مؤخرا نزلين داخل بغداد. ويرى مختصون في الشؤون الأمنية أهمية كبيرة لمعركة الأنبار ويصفونها بالمصيرية لبغداد التي تعتبر قلب الدولة العراقية. وما يضاعف المخاطر والمحاذير أن تلك المعركة تلوح متعثّرة على عكس ما يعلنه الإعلام الرسمي العراقي وخصوصا الإعلام المرتبط بالميليشيات الشيعية الذي يبشر بانتصارات في معركة لم تبدأ بعد ويحتفظ فيها تنظيم داعش بأوراق كثيرة يحرص على استخدامها تباعا في اللحظات المناسبة. وعمد التنظيم أمس إلى قطع مياه نهر الفرات عند سد الرمادي متسببا بانخفاض كبير في منسوب النهر، الأمر الذي يشكل مخاطر أمنية وأزمة إنسانية جديدة في المحافظة. ويقع السد الذي تتخلله فتحات واسعة وينظم السيطرة على منسوب المياه في الفرات، إلى الشمال من مدينة الرمادي الواقعة تحت سيطرة التنظيم منذ 17 مايو الماضي. وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار صبـاح كرحوت “بعد إغلاق تنظيـم داعش جميـع فتحات السد أصبح منسوب الميـاه لا يصل إلى مضخات المياه في الخالدية والحبانيـة” الواقعتين إلى الشرق من مدينة الرمادي باتجاه العاصمـة بغـداد مـا يضاعـف المخاطر عليها. وحذر كرحوت من قيام “داعش بتنفيذ هجمات على المنطقتين من خلال تسلل عناصره إليهما بعد انخفاض منسوب المياه هناك”. وبدوره، رأى عون ذياب رئيس دائرة الموارد المائية سابقا، والخبير في شؤون المياه أن “هدف داعش ليس قطع المياه، إنما خفض المنسوب، للاستفادة منه لأغراض العسكرية”، موضحا “عندما ينخفض منسوب المياه، سيتمكنون من التسلل من الرمادي إلى الخالدية ثم العبور إلى مناطق أخرى بشكل أسهل”، ولا يستبعد أن تكون بغداد ضمن تلك المناطق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق