العرب: بدأ تنظيم داعش يتحرك بسرعة وبسهولة وسط ليبيا بعد سيطرته على مدينة سرت مسقط رأس العقيد الليبي الراحل معمر القذافي والموالية له والناقمة على من جاء بعده، في تطور أثار تساؤلات عديدة غذاها إعلان داعش الحرب على ميليشيا “فجر ليبيا” في سابقة هي الأولى منذ اندلاع الصراع بين الطرفين في مارس الماضي. وذكرت مصادر ليبية متطابقة أن مسلحي داعش كثفوا من تحركاتهم نحو مدينة الجفرة وسط ليبيا، التي انسحبت منها أمس الأول ميليشيا “فجر ليبيا”. وأشارت إلى أن مسلحي داعش باتوا على بعد أقل من 30 كيلومترا من مدينة هون عاصمة الجفرة، التي تضم هي الأخرى قاعدة جوية استراتيجية.
ورأى مراقبون أن هذه التطورات مكنت داعش من خلط أوراق الصراع في ليبيا، مستفيدا من البيئة التي وجدها وسط البلاد، وهي بيئة تُعرف بأنها موالية للقذافي، ولا تخفي نقمتها على كل من جاء من بعده، سواء أكان من “فجر ليبيا”، أم من حكومة طبرق. ويبدو أن هذا المناخ هو الذي ساعد داعش على المزيد من التمدد في ليبيا، ما شجعه على إعلان الحرب على ميليشيا “فجر ليبيا”.
ويعتقد المتابعون للشأن الليبي أن داعش الذي بات يُسيطر على أجزاء كبيرة من الأراضي الليبية، يكون بإعلانه الحرب على ميليشيا “فجر ليبيا” قد دخل في مرحلة قلب موازين القوى، وإعادة ترتيب أوراق الصراع الذي يعصف بليبيا، لا سيما وانه يجعل ميليشيا “فجر ليبيا”، والجيش الليبي الموالي للحكومة المُعترف بها دوليا في كفة واحدة لجهة عداء داعش.
وجاء هذا التطور اللافت في أعقاب هجوم انتحاري استهدف حاجز تفتيش تابعا لميليشيا “فجر ليبيا” في غرب ليبيا، حيث قال تنظيم داعش إنه أطلق حربا على قوات ميليشيا “فجر ليبيا” التي تضم إسلاميين، هدفها “تطهير الأرض من رجسهم”. ودعا أفراد تلك الميليشيا إلى أن “يتوبوا عن كفرهم ويعودوا إلى دينهم”، مُعلنا في نفس الوقت مسؤوليته عن الهجوم الانتحاري الذي استهدف أمس حاجزا عسكريا في إحدى بوابات مدينة مصراتة بسيارة مفخخة، وأسفر عن مصرع خمسة من عناصر قوات ميليشيا “فجر ليبيا”.
وقال مسؤولون ليبيون إن انتحاريا صدم بسيارته المُفخخة نقطة تفتيش أمنية رئيسية غربي مدينة مصراتة، تبين لاحقا أنه تونسي الجنسية يدعى “أبو وهيب التونسي”. وسبق لتنظيم داعش أن نفذ العديد من الهجمات في مدن ليبية مستغلا فراغا أمنيا حيث تتصارع حكومتان على السلطة في ليبيا، الأولى في طرابلس برئاسة خليفة الغويل المحسوب على جماعة الإخوان، والثانية في طبرق برئاسة عبدالله الثني. وكانت قوات ميليشيا “فجر ليبيا” قد اشتبكت عند مداخل مدينة سرت مع عناصر داعش على مدى الأشهر الماضية، قبل أن تعلن مساء الخميس الماضي عن انسحابها بشكل مفاجئ ما مكن داعش من السيطرة على قاعدة القرضابية الجوية.
ودفع هذا الانسحاب الحكومة الليبية المعترف بها دوليا إلى اتهام ميليشيا “فجر ليبيا” بالتواطؤ مع داعش، وحذرت من أن المنشآت النفطية القريبة من سرت باتت تواجه خطر التعرض لهجمات قد يشنها تنظيم الدولة الإسلامية بعد سيطرته على مدينة سرت. واعتبرت في بيان لها أن ميليشيا “فجر ليبيا” قامت “بتسليم مرافق مدينة سرت، وخاصة المطار الدولي، إلى تنظيم داعش”، وذهبت في اتهاماتها إلى حد القول في بيانها إن “كافة الشواهد تدل على أن تنظيم داعش ما هو إلا الوجه الآخر لميليشيات “فجر ليبيا”، وأن الاعتداء الذي تم على الهلال النفطي جرى بـ”التنسيق الكامل مع داعش”. وفيما تعهدت الحكومة الليبية بالعمل “بكل ما تملك من قوة لاستعادة مدينة سرت ومطارها من قبضة الإرهاب”، لم يتردد رمزي الرميح المستشار القانوني السابق للجيش الليبي، في اتهام واشنطن بأنها “تساوم الشعب الليبي على القبول بـ”الإخوان وداعش” في حكومة توافق، مقابل رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي. واعتبر في تصريحات تلفزيونية أن تنظيم داعش جزء من حروب الجيل الرابع التي صنعتها الولايات المتحدة الأميركية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق