العرب: لاقت أغنية الشاب الليبي أشرف الهوني (31 عاما)، والذي يطلق على نفسه لقب (Volcano- البركان) بعنوان "C5" رواجا واسعا في أوساط الشباب الليبي على الشبكات الاجتماعية. وc5 هو اسم قاذفة للصواريخ تستخدمها الميليشيات الليبية كثيرا. ولا تتجاوز مدة الأغنية 7 دقائق، وتم نشرها على يوتيوب منذ منتصف مارس 2015 وحظيت بربع مليون مشاهدة. وتظهر في الفيديو لقطات حية من المعارك الدائرة بالمنطقة من قصف جوي وأرضي، وسط أصوات لطلقات نارية بأسلحة ثقيلة ومتوسطة. وظهر أشرف يغني وسط الأنقاض التي ينبعث منها دخان ليشجع الشباب المقاتلين في بنغازي. لقد اختار فولكانو صفّه، فهو يقاتل مع جنود الحكومة في طبرق المعترف بها من طرف المجتمع الدولي والتي تسعى إلى استرجاع بنغازي من أيدي جهاديي “أنصار الشريعة”. ولا يقاتل أشرف بالسلاح فحسب، بل إنه يصور أيضا كليبات لأغاني الراب من جبهة القتال، تكشف التستر بالدين لتحقيق أجندات في بلاده. وقد بدأ يغني الراب بعد سقوط معمر القذافي نهاية 2011، إلا أن أول كليب حقيقي صوره هو C5. ويقول فولكانو “غداة الثورة بدأت أعلق من خلال الموسيقى على الأحداث السياسية والتحدث عن الأوضاع الرديئة في بلدي. لكنني تطوعت للقتال في صفوف الجيش ودحر إرهابيي أنصار الشريعة من بنغازي”.
ويضيف “أنا أصور هذا الكليب إكراما لأرواح المدنيين الذين قتلوا في القصف العشوائي. فمعظمهم كانوا جالسين أمام منازلهم عندما سقطت عليهم القذائف. ومن بينهم كان أبناء عمي وأصدقائي. في ذلك اليوم جمعت جثثهم المتناثرة قطعة قطعة”. وصورت معظم مقاطع الكليب في مارس الماضي على جبهة القتال وخاصة في حي الليثي وحي البواطني. كما انشغل الليبيون هذا الأسبوع بأغنية راب جديدة بعنوان ‘تعال واجهنا’ من إبداع شابين يدعيان بلاك تيغر وهاشم سنايك. وتلقى موسيقى الراب رواجا واسعا في صفوف الشباب في ليبيا الذين يمثلون حوالي 60 بالمئة من مجموع السكان. ويسخر مغردون “في بنغازي إن لم تغن الراب ستسحب منك الجنسية البنغازية”. ويقول المغردون إن “فناني الراب صوت الشعب والكلمات من رصاص تصف حالة الشعب تختصر كل شيء يا ثوار الناتو”. ورغم أن الشباب مولع بأغاني الراب، فإن “إقامة حفلات موسيقية، أو الكشف عن الهوية يعني النهاية للكثيرين” لكن يطمئن المغنون محبيهم على الشبكات الاجتماعية “رغم ذلك لن نتوقف عن الغناء”.
يؤكد آخرون “نحن نفعل ذلك كيْدا في الجهاديين ولكي نقول لهم، أنتم تقاتلون شباب بنغازي ولكنهم بخير ويحتفلون أيضا”. ويتساءل مغردون، لكن لماذا يعادي من يعتبرون أنفسهم جهاديين من يغنون الراب؟ يجيب بعضهم “الراب يخاطب أقوى شريحة مجتمعية قادرة على إحداث التغيير وهي الشباب على اختلاف مشاربهم السياسية وطبقاتهم الاجتماعية ومستواهم المعرفي، فالراب قادر على استقطاب هذه الفئة العمرية الحية من المجتمع دون تمييز”. ويقول أحدهم “ما يرعب المتطرفين حقا أن الراب يدعو إلى إعادة النظر في المقدس، لقد جردوهم من أهم أسلحتهم التجارة بالدين”. كما يدعو الراب إلى “التغيير الإيجابي” وهذا التغيير المنشود في رأي أحدهم هو الذي يوفّر “الأمن والديمقراطية والحرية لفائدة وطن مزّقته الحرب”. يقول مغن “سأواصل الغناء ولكن ليس باسمي الحقيقي، نتبادل الألحان والكلمات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، عدد كبير من الشباب الليبي يتابع أعمالي الفنية لكن لا أستطيع أن أحيي حفلا”. ووفق مغنين فالراب وسيلة سهلة لتمرير رسائلهم، فيمكن للمقطع الواحد خلال 5 دقائق أن يحتوي على 300 كلمة. وهذا أمر عملي.
ويقول معلق “اختيار موسيقى الراب الثائرة يسمح بالتعبير عن الأحاسيس وبإيصال مضامين قويّة من شأنها أن تؤثّر في الشباب وأن تشحذ هممهم”. من جانب آخر يعيب مغردون قائلين “فن الراب ينقل صوت الشارع ومُعاناة الفرد لكن لا يعني ذلك نقل مُصطلحات الشارع”. ويقول آخر “أصبحت السياسة مثل فن الراب في ليبيا من وسيلة لنقل صوت الشارع ومشاكل الشباب إلى وسيلة للسب والشتم وقلة الأدب”. يعبر البعض الآخر عن دهشته أمام “جودة الراب” الليبي الذي لا يشكو من أيّ نقص مقارنة بمثيله في الغرب. وكتب معلق على فيسبوك “نجح الراب في أن يكون أداة واعية للتحريض ضد الطغيان، فأضحى شكلا نضاليا حضاريا، فهؤلاء الشُبّان لم يعرفوا الشيخ إمام، ولا يدخل مارسيل خليفة ضمن لائحة اختياراتهم المفضلة. لكنهم نجحوا في ما فشلت فيه أجيال تربت على شعر مظفر النواب وأحمد فؤاد نجم”. وساهمت مواقع الشبكات الاجتماعية بالإضافة إلى الطبيعة العفوية لفن الراب وقلة تكلفة الإنتاج في انتشاره بين الشباب، فاكتسب بذلك مصداقية كبيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق