العرب: تمكن وزراء مالية دول مجلس التعاون الخليجي من إقرار مشروع ضريبة القيمة المضافة، الذي يضع الأحكام والمبادئ المشتركة، بانتظار المصادقة على الاتفاقية في كل دولة على حدة. وقال وزير المالية الكويتي أنس الصالح، إن الاتفاقية تعتبر نافذة المفعول، اعتبارا من إيداع وثيقة تصديقها من قبل دولتين من دول المجلس لدى الأمانة العامة لمجلس التعاون. وأوضح أن القرار يتضمن إصدار كل دولة من دول المجلس قانونا محليا لضريبة القيمة المضافة، يعكس فيه الأحكام المشتركة الواردة في الاتفاقية. وأكد أن "لجنة التعاون المالي والاقتصادي وافقت على مقترح الكويت لتفعيل وتطوير النظام الداخلي واختصاصات اللجنة وتحليل اختصاصات ومهام اللجان وفرق العمل التابعة لها، موضحا أنه سيتم تعديل النظام وفقا للمقترحات المقدمة. وأشار إلى أنه تم الاتفاق على تكليف صندوق النقد الدولي بإعداد دراسات حول تقييم أثر انخفاض أسعار النفط على دول المجلس خاصة في ما يتعلق بتأثير ذلك على الاستقرار المالي والاقتصادي لدول الخليج. وكانت دول الخليج قد أقرت القانون الضريبي قبل عام، لكن آلية تحصيل الضرائب بقيت تحت الدراسة نتيجة عدد من القضايا العالقة بين دول المجلس، خصوصا آلية المقاصة. وأوضحت مصادر من الاجتماع، أنه تم اعتماد الأمور التقنية والفنية المتعلقة بتحصيل الضرائب على الواردات بين الدول الأعضاء، مشيرة إلى أنه لم يتم تحديد موعد للتطبيق.
ويقول الخبراء إن مراجعة السياسات الضريبية لدول مجلس التعاون، أصبحت أمرا ملّحا، في ظلّ تراجع أسعار النفط وحاجتها إلى تعويض الإيرادات الجمركية التي سيتم الاستغناء عنها بعد إبرام اتفاقيات التجارة الحرة مع مجموعة من دول العالم. واعتبروا أن الضرائب يمكن أن تلعب دورا مهما في استقرار النشاط الاقتصادي في دول الخليج، فهي تمكنها في فترات تراجع النشاط، من خفض معدلات الضرائب على أرباح قطاع الأعمال، بما يتيح زيادة مستويات الاستثمار، وكذلك الضرائب على دخول الأفراد بما يؤدي إلى زيادة معدلات الاستهلاك. ولم تظهر دول مجلس التعاون الخليجي في سنوات طفرة أسعار النفط حاجتها إلى البحث عن إيرادات من مصادر أخرى غير الإيرادات النفطية بما في ذلك الضرائب، باستثناء استخدام التعرفة الجمركية ضمن حدود دنيا وضرائب على الشركات. وأصبحت دول الخليج النفطية أكثر قناعة وإدراكا للمخاطر المترتبة على اعتمادها شبه الكلي على إيرادات النفط والغاز، في ظل تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية، بينما تزداد حاجتها إلى مراجعة السياسات الضريبية.
ويقول محللون، إن معظم النظم الاقتصادية لدول الخليج النفطية خالية من الضرائب حاليا، وإن مراجعة السياسات الضريبية والمالية، ستظهر حاجتها إلى استكمال مجموعة واسعة من أدوات الاقتصاد الكلي التي تعتمدها الاقتصادات المتقدمة. وأضافوا أن دول المجلس إذا استكملت ارتباطها فيما بينها في إطار السوق الخليجية المشتركة، فلن يكون من المنطقي لأي منها إصلاح نظامها الاقتصادي والمالي بمعزل عن الدول الأعضاء الأخرى. ويرى هؤلاء أن اعتماد دول الخليج لقانون النظام الضريبي الموحد، خطوة نوعية على طريق تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، التي تفاوضت في السابق على عناصر نظام جديد وموحد لضريبة القيمة المضافة، آخذة في الاعتبار جميع النتائج الاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تترتب على هذا النظام. وأشار وزير المالية الكويتي أنس الصالح، إلى أن وزراء العدل في دول المجلس يناقشون نظام إنشاء الهيئة القضائية الاقتصادية الخليجية على أن ترفع نتائج المشاورات والتوصيات إلى لجنة التعاون المالي والاقتصادي في اجتماع قادم.
وقال عبيد حميد الطاير وزير الدولة الإماراتي للشؤون المالية الذي ترأس وفد الإمارات لاجتماع لجنة التعاون المالي والاقتصادي بدول المجلس إنه “يمكن وصف الاجتماع بالمنصة الأساسية لتنسيق المواقف والآراء الخليجية المشتركة تجاه كافة المواضيع الاقتصادية والمالية على المستوى الإقليمي والعالمي، خاصة في ظل ما يواجه الاقتصاد العالمي من تحديات في هذه الفترة”. وأضاف أن اللجنة حرصت على مناقشة كافة المحاور المؤثرة على الاقتصادات الخليجية وتوجيه المختصين بدراستها من خلال التعرف على طرق الاستفادة منها بصورة تعزز مسيرة النمو الاقتصادي الخليجي وتكامله. وكانت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، قد أعلنت الأسبوع الماضي أن من بين الملفات المطروحة على طاولة وزراء المالية، توصيات لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية وهيئة الاتحاد الجمركي وتطورات ملف استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي وتوصيات لجنة الاتحاد الجمركي، ولجنة السوق الخليجية المشتركة. ويرى مسؤولون ومحللون خليجيون، أن دول مجلس التعاون الخليجي تتحرك منذ سنوات في إطار رسم خارطة طريق تتعلق أساسا باستكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والخطوات التي من شأنها تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء. واستفادت منطقة الخليج خلال العقود الماضية بسبب عدم فرضها أي نوع من الضرائب، وتمكنت من استقطاب مستثمرين أجانب، لكن البحرين فرضت قبل سنوات ضريبة دخل على الأفراد لتمويل إعانات للعاطلين من العمل. وكانت الكويت قد طلبت مساعدة صندوق النقد الدولي من أجل فرض ضرائب على الشركات بهدف تنويع مصادر الدخل العام في مواجهة انخفاض أسعار النفط الخام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق