وكالات: يعتبر أول بند سيتضمنه جدول أعمال الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي سيطرحه عند لقائه بقادة دول مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفد خلال الشهر الحالي، ضمان تأييد القادة الخليجيين للاتفاق النهائي بين مجموعة "5+1" وإيران حول الملف النووي. مهمة عسيرة يبدو أنّ أوباما على استعداد لدفع ثمن باهظ مقابل إنهائها بنجاح، وفق ورقة بحثية صادرة عن مجموعة الشرق الأوسط الاستشارية. وفي الوقت الذي تدرك فيه الإدارة الأميركية جيدا مخاوف دول مجلس التعاون الخليجي من الاتفاق الأخير المعلق حول النووي الإيراني، يتعين على الرئيس أوباما إقناع زعماء دول الخليج العربي للمحافظة على الموقف العام الداعم للمفاوضات، والذي من دونه سيكون أمام المعارضين في الكونغرس الأميركي وغيره سببا آخر لمحاولة منع التوصل إلى هذا الاتفاق، والذي من المقرر التوصل إليه في موعد نهائي يوافق الـ30 من يونيو المقبل. وقد اعترف أحد المسوولين في واشنطن صراحة بأنّ إعلان دول مجلس التعاون الخليجي لموقف معارض للاتفاق النووي الإيراني، على غرار موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعلنه في خطاب ألقاه في وقت سابق خلال جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي في مارس الماضي، سيكون بمثابة الكارثة بالنسبة إلى أوباما. ولإبقاء مخاوف الزعماء العرب بخصوص الاتفاق النووي الإيراني بعيدة عن الأنظار، سوف يتعيّن على الرئيس أوباما أن يطمئن القادة الخليجيين بأن كل الحقوق النووية الممنوحة لإيران سيتم منحها كذلك لهم، والتي ستشمل التخصيب وأيضا “الاستخدام المزدوج” للتكنولوجيا النووية، التي تم منحها حتى الآن لإيران أثناء المحادثات، من خلال التعهد بالمساواة في المجال النووي.
وسوف يؤكد الرئيس أوباما أن التنازلات الإيرانية الأخيرة تأتي مع تدخل الوكالة الدولية للطاقة النووية للقيام بعمليات تفتيش وغيرها من التدابير، والتي تضمن ألاّ تسير إيران بسرعة نحو إنتاج القنبلة النووية. بالإضافة إلى ذلك، سوف يحاول إقناعهم بأن الاتفاق النووي "مفيد للجميع". كما سيشدد الرئيس الأميركي للزعماء الخليجيين على أنّ الاتفاق النووي مع إيران لن يكون له تأثير على المساعي المتواصلة للإدارة الأميركية لتغيير النظام في سوريا. وسوف يصرّح أيضا بلغة حادة، أمام زعماء دول مجلس التعاون الخليجي، بأنّه لا يوجد اتفاق أميركي إيراني حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد. وسوف يوضح بأنه ينظر لإيران على أنها التهديد رقم واحد للمصالح الأميركية في المنطقة، وأن واشنطن تعتبر “حزب الله”، كباقي الميلشيات الشيعية، وكلاء للإرهاب الإيراني، الذي يهدد أصدقاء الولايات المتحدة وحلفاءها. وعلى الرغم من هذه التعهدات بالوقوف ضد إيران في المنطقة، سوف يبين الرئيس أوباما أنّ اتفاقا نوويا مع إيران هو أفضل النتائج المتاحة، وأن إشراك هذه الأخيرة في عملية التفاوض أفضل من الحرب.
ولكن هناك نقاش داخل الإدارة حول السياسة الأميركية ضد العدوان الإيراني والتي أصبحت دلالاته أكثر وضوحا، وقد جعلت المناقشة شيئا ما واضحا في خطاب 30 أبريل الماضي لنائب الرئيس جو بايدن في معهد واشنطن للدراسات. وقد طورت كل من إدارة أوباما والمخابرات الأميركية ملفا متجددا من إمدادات الأسلحة المتقدمة التي يتحصل عليها حزب الله من إيران، ولكن لن تتم مشاركة هذه البيانات بشكل تام مع قادة دول الخليج في القمة. وسوف تكون الأزمة السورية هي التحدي الأكبر أمام الرئيس أوباما؛ ففي الوقت الذي يصر فيه على أن سياسة إدارته حول إسقاط الرئيس بشار الأسد لن تتغيّر، يؤكد أن الأولوية القصوى بالنسبة إليه الآن هي ضمان أن تكون مرحلة ما بعد الأسد في سوريا مستقرة، من خلال إنهاء الصراع الدموي في البلاد. ولهذا السبب، فإنّ واشنطن مستعدة لاتخاذ نهج أبطأ بكثير لتغيير النظام من ذلك الذي تنتهجه دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا. ولا ترغب الاستخبارات الأميركية، وخصوصا البنتاغون، بالتسرع في الإطاحة بالأسد دون معرفة ما يمكن أن يحدث لاحقا، خوفا من أن يكون ما بعد بشار أسوء من الوضع الحالي بكثير.
وتشير المخابرات الأميركية إلى الحرب الأهلية الليبية والفوضى التي أعقبت الإطاحة بالقذافي وقتله في نوفمبر عام 2011، ويحذرون من أن سوريا دولة تقع شرق البحر المتوسط في موقع استراتيجي أهم بكثير من ذلك الذي توجد فيه ليبيا. وحتى الآن، كان البيت الأبيض متعاطفا مع هذه التحذيرات، لكن الرئيس الأميركي يدرك أيضا أن الفجوة بين توجه دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا وتوجه إدارته حول الصراع في سوريا، آخذة في الاتساع بسرعة. يشار إلى أن أوباما كان قد اطلع، خلال الأيام الماضية، في إطار التحضير لاجتماع كامب ديفيد على الاتفاقات التي تم التوصل إليها مؤخرا بين العاهل السعودي الملك سلمان والرئيس التركي أردوغان، حول تسريع الدعم للمعارضة السورية، وهو ما يستدعي منه تعديل سياساته والتحرك بسرعة حتى لا تفوته الأحداث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق