ويعدّ السيناريو الأول، الأكثر تفاؤلاً، ويتمثل في القضاء، وإن كان بشكل غير كامل، على جميع التنظيمات التكفيرية والجهادية في المنطقة العربية، بما يعني إفشال مخطط الفوضي غير الخلاقة في المنطقة. ويتحقق هذا السيناريو عندما تنجح الأنظمة العربية في تحقيق العدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادي وإتاحة الحريات الفردية، وإحداث تداول سلمي على السلطة. كذلك يمكن أن يسهم نجاح المؤسسات الدينية في إصلاح الخطاب الديني وتجديده، فضلا عن حل مشكلات الأقليات داخل البلدان العربية في القضاء على الخطر الجهادي. أمّا السيناريو الثاني، وهو السيناريو الوسط، فيعني بقاء الحال كما هو عليه من خلال استمرار المواجهة والحرب على الإرهاب من قبل الدول العربية واستمرار وجود الجماعات المتطرفة في المنطقة. وهو ما يؤدي إلى استمرار تأجيج الصراع الديني والطائفي والمذهبي في المنطقة. كذلك ستسمح هذه الوضعية باستمرار إقامة بعض الدول في المنطقة وخارجها لعلاقة مباشرة مع بعض حركات الإسلام السياسي المتطرفة، بل وتمويلها، ومساعدتها في التخطيط على كيفية الاستيلاء على الحكم، وهو ما حدث بعد ثورات ما سمي بـ"الربيع العربي".
أمّا السيناريو الثالث، وهو الكارثي، فيتعلق بحصول واقع التفتيت والتشرذم ونمو الحركات المتطرفة واستيلائها على الحكم في عدد من البلدان أو إقامة مناطق حكم ذاتي لها، وهو ما يعني: أولا، خلق كيانات متطرفة جديدة في المنطقة أكثر عنفًا وتشددًا. ثانيا، انهيار الدول القومية، فضلا عن انهيار الأطر والهياكل المؤسسية العربية، فهناك دور كبير لكل من جامعة الدول العربية واتحاد دول التعاون الخليجي العربي واتحاد المغرب العربي (على الرغم من حالة الضعف التي تعتريه) في مواجهة العديد من المشكلات التي تواجهها المجتمعات العربية. ولمواجهة السيناريوهات السابقة، تفيد الدراسة بأنه لا بدّ من استثمار عربي في مجال التقنيات الحديثة، وذلك بهدف معرفة وتحليل ومراقبة كل ما هو متعلق بظاهرة نمو الحركات الإرهابية الجديدة. لأنّ ذيوع وانتشار تكنولوجيات أساسية جديدة مثل: تكنولوجيات الناتو وعلم الروبوت والهندسة الجينية والحواسيب الفائقة وعلوم المغناطيس وعلوم البصريات وعلوم الميكانيكا التطبيقية، والتصوير الإشعاعي والرادار التموّجي، تندرج تحت يافطة القدرات العسكرية في وقتنا الراهن، والتي بات على الدول العربية أن توليها عناية قصوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق