الثلاثاء، 12 مايو 2015

سوريا_ الحياة تعود ببطء إلى كوباني المدمرة

وكالات: قبل سبعة أشهر، كانت كل الأنظار مسلطة على مدينة كوباني السورية حيث دار قتال عنيف بين مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية والقوات الكردية المحلية، وفر نحو 400 ألف كردي عبر الحدود إلى تركيا. وخلال الـ16 أسبوعاً التي مرت منذ طرد داعش من المدينة، عاد الكثير من السكان ليجدوا المدينة بحاجة ماسة إلى المساعدات الدولية، وهم الآن يتساءلون لماذا تأخر وصولها إلى هذا الحد. عاد هؤلاء الأشخاص لكي يحاولوا إعادة بناء حياتهم المحطمة، وهم يتحركون بحذر شديد خوفاً من الوقوع في الشراك الخداعية والذخائر غير المنفجرة التي خلفها تنظيم الدولة الإسلامية. وفي بعض الأحيان، بل في كثير من الأحيان، يخطئون التقدير؛ فقد حدث 45 انفجاراً لقي خلاله 66 شخصاً مصرعهم، غالبيتهم من المدنيين، منذ أواخر يناير، كما أشارت إحدى المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال نزع الألغام في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين). والجدير بالذكر أن العلم الأسود الخاص بتنظيم داعش، رُفع فوق كوباني في شهر أكتوبر الماضي بعد سيطرة الجهاديين على المدينة، ثم قام تحالف بقيادة الولايات المتحدة بقصف المسلحين، وانضم مقاتلو البشمركة الكردية وعناصر من الجيش السوري الحر للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتحقق الفوز أخيراً في منتصف يناير باستعادة الأكراد السيطرة على المدينة وطرد الإسلاميين إلى مناطق أبعد في سوريا. واحتفل الأكراد ووصفت الولايات المتحدة ما حدث بأنه هزيمة كبيرة لتنظيم الدولة الإسلامية. ولكن مع الانتصار، جاء إدراك مؤلم للحال على الأرض، فقد أصبح حجم الدمار جلياً عند عودة السكان إلى ديارهم حيث دُمر ما يقرب من 70 بالمائة من كوباني أو أصيب بأضرار جراء الضربات الجوية وعدة أشهر من معارك الشوارع. وقد دُمر الجزء الجنوبي من المدينة، الذي كان تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، تماماً. وترك المسلحون الفارون الشراك الخداعية في بعض المباني المتبقية، في حين تسببت القنابل غير المنفجرة التي أسقطتها قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في مزيد من المشاكل. مع ذلك، تكبد الآلاف من سكان المدينة عناء العودة، ويعيش الآن ما يقرب من 70 ألف شخص في كوباني، وفقاً لعمال الإغاثة.
الألغام
وبينما هناك حاجة ملحة لعملية إزالة ألغام واسعة النطاق في كوباني، إلا أن التمويل لا يزال بطيئاً. واعترف أحد عمال الإغاثة الذين عادوا مؤخراً من كوباني بوجود بعض الإحباط إزاء وتيرة جهود الإغاثة حتى الآن، ولكنه عبر عن أمله في أن يتم تأكيد النية لتنفيذ بعض المشاريع الكبرى خلال الأيام المقبلة. وأضاف أن “التمويل قادم والمانحين يفهمون الاحتياجات، ولكن الأمر يتطلب بعض الوقت لإجراء التقييمات. لقد سمعنا من الناس داخل كوباني أنهم يريدون إزالة الألغام والعبوات الناسفة وهذه مهمة كبيرة”. وفي السياق نفسه، قال شون ساتون، مدير الاتصالات الدولية في الفريق الاستشاري المعني بالألغام (MAG)، وهي منظمة غير حكومية، أنه يأمل تأكيد التمويل اللازم لبرنامج إزالة الألغام في الأيام المقبلة. “لقد تمت إزالة الألغام من بعض الشوارع الرئيسية، وخزنت السلطات المحلية الذخائر. توجد أنقاض في كل مكان، وسوف يكون البحث عن متفجرات بين الأنقاض أحد الشروط المسبقة لإعادة البناء،” كما أوضح. واعترف بوصول الكثير من الناس لإجراء تقييمات، ولكن ما تم القيام به ليس كثيراً حتى الآن. ومن جانبهم، عبر السكان عن إحباطهم. ففي حديث لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال أحمد، الذي عاد مؤخراً إلى المدينة: “توجد منظمات، ولكن لا يبدو أنها تفعل أي شيء حتى الآن”.
أزمة إنسانية
وبالإضافة إلى إزالة الألغام، هناك حاجة ملحة إلى خطة إعادة بناء شاملة في كوباني إذ لا يزال مئات الآلاف من سكان المدينة يقيمون في مخيمات في جنوب تركيا، والكثيرون منهم مهملون ومتشوقون للعودة. وقال أحمد، الذي كان يعمل مدرساً في كوباني قبل الأزمة، أن أسرته تنتظر عبر الحدود في تركيا حتى تبدأ عملية إعادة البناء: “الجميع ينتظرون وكل سكان كوباني سيعودون إذا تمكنوا من ذلك”. لكن أعداداً هائلة من الناس لا تستطيع العودة إلى المدينة بهذه البساطة لأن البنية التحتية دُمرت بالكامل. وقال حكمت أحمد، مسؤول العلاقات الخارجية في هيئة الصحة في كوباني، إنه في حين تستطيع عدة منظمات غير حكومية توفير العلاج في عياداتها الخاصة، لم يتم رسم مخطط أكبر للمساعدة في إعادة بناء النظام الطبي بعد. وأضاف أن “الأمم المتحدة لم تقدم أي مساعدة حتى الآن. إن شعب كوباني يوجه نداءً إلى الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية والطبية”.
لكن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قالت إنها “لا تعمل على تسهيل أو تنظيم أو تشجيع عودة اللاجئين إلى كوباني” لأن “المنطقة لا تزال غير آمنة، وحجم الدمار هائل، وليست لدينا إمكانية الوصول إلى المدينة لدعم برنامج العودة الطوعية”. من ناحية أخرى، يصر السكان على أن المنطقة آمنة الآن، وفقاً للمعايير السورية، ويشيرون إلى أن بقاء اللاجئين في المخيمات التركية مكلف وغير مستدام على حد سواء. وقال عامل الإغاثة أن المساعدات الغذائية هي إحدى الأولويات، وأن منظمته تقوم بتخزين المؤن بالفعل استعداداً لفصل الشتاء المقبل. وأياً كانت أعداد العائدين، فإن الحياة تعود ببطء إلى كوباني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق