"محامون من أجل العدالة في ليبيا" و"ريدرس"
تنشران تحليلاً مشتركاً للتوصيات الدستورية المقترحة
تنشران تحليلاً مشتركاً للتوصيات الدستورية المقترحة
محامون من أجل العدالة في ليبيا - 20 أبريل 2015: نشرت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور[1] مقترحاتها الدستورية وتصوّراتها المبدئية للمواد التي سيتضمّنها الدستور الليبي، وبناءً عليها، أعدّت كلّ من منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" ومنظمة "ريدرس" تعليقاً قانونياً مفصّلاً على التوصيات المقترحة، يتضمّن تحليلاً وتقييماً لمدى فعالية هذه التوصيات في ترسيخ مبدأ مناهضة التعذيب وغيره من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (المعاملة السيئة) بشكلٍ مطلق في ليبيا.
لا يخفى على أحدٍ أنّ ممارسات التعذيب والمعاملة السيئة قد باتت منتشرةً في ليبيا على مرّ أجيال عدة اليوم. ورغم أنّ المعاهدات الدولية، والتي تعدّ ليبيا دولةً طرفاً فيها، تنصّ بالتفصيل على المناهضة المطلقة لهذه الجرائم، لم تعتمد السلطات الليبية حتى اليوم أيّاً من الإجراءات اللازمة لإيجاد حلّ جوهري لهذه القضية. أما الضمانات ضدّ التعذيب في الدستور والتشاريع فبقيت محدودةً جداً طيلة السنوات الستين الماضية، في وقتٍ لم تدخل فيه التدابير القليلة الموجودة لمناهضة التعذيب حيّز التطبيق. ومع ترقب صدور مسودة الدستور المقبلة، تعدّ الفرصة سانحةً اليوم لمعالجة هذا التقصير وترسيخ ضماناتٍ حقيقيةٍ في القانون توفّر الحماية لحقوق الإنسان والتعويض عن الانتهاكات ضدّها.
وفي هذا السياق، تشيد منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" ومنظمة "ريدرس" بما بذلته الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور من جهودٍ حاولت من خلالها معالجة بعض القيود الرئيسية التي سبق وأدرجت في المنظومة الدستورية والتشريعية في ما يتعلّق بمناهضة التعذيب والمعاملة السيئة. ومن الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الهيئة التأسيسية ترسيخ مبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون المحلّي للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وهذا المبدأ يحظّر على الدول تسليم أو نقل شخص إلى أيّ دولة أخرى يكون فيها هذا الشخص معرّضاً لخطر التعذيب أو المعاملة السيئة. كما نصّت المقترحات الدستورية أيضاً على حظر أعمال العفو عن انتهاكات حقوق الإنسان كجزءٍ من الأحكام التي أوردتها حول العدالة الانتقالية. وتعدّ هذه الخطوة إيجابيةً فمن شأنها أن تصحّح أعمال العفو السارية حالياً كالعفو الممنوح بموجب القانون رقم 38 لسنة 2012 الذي لا يفرض أيّ عقاب "على ما استلزمته ثورة السابع عشر من فبراير من تصرفات"، وهو حكم يمكن فهمه على أنه يشمل العفو عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب.[2]
ولكن، وعلى الرغم من الخطوات الإيجابية المدرجة أعلاه، تخشى منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" ومنظمة "ريدرس" من أن تكون هذه الأحكام غير شاملة بالحدّ الكافي، سيما وأنّ ممارسات التعذيب لطالما كانت شائعةً عبر التاريخ ولا تزال منتشرةً اليوم، ونظراً إلى درجة الحصانة التي يتمتع بها مرتكبو هذه الأعمال. وبالتالي، يجب تحسين بعض الموادّ الواردة في المقترحات الدستورية بغية إرساء إطار عمل شامل يمكن من خلاله إنفاذ مبدأ مناهضة التعذيب بالكامل. ومن أبرز التعديلات المقترحة على الموادّ إدراج مادة منفصلة تتضمّن تعريفاً بالتعذيب يحاكي التعريف الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. وانطلاقاً من هذه المادة الجديدة، يتمّ التوسّع في الالتزامات ذات الصلة وفي ضمانات منع التعذيب، وتوفير التعويض للناجين. كما تتضمّن المراجعات المقترحة أيضاً حظر استنباط الأدلة عن طريق التعذيب. ولا بدّ من إدراج ضماناتٍ إضافية في الدستور أيضاً، إذ لا تتضمّن التوصيات الحالية إشارةً منفصلةً للحق في الحرية والأمان، ويمكن أن يشمل هذا الحق، في حال اعتمدت المادة المتعلقة به، ضماناتٍ هامة ضد التعذيب السابق للمحاكمة كالحق في التماس طلب إحضار أو مذكرة جلب إثباتاً لمشروعية احتجاز الفرد. كما لا تتضمّن المقترحات حكماً منفصلاً بشأن حظر الاختفاء القسري.
وأشارت مدير منظمة "محامون من أجل العدالة في ليبيا" إلهام السعودي بقولها: "من الضروري لدولةٍ تاريخها ملطّخ بالتعذيب مثل ليبيا أن تولي عنايةً خاصةً، وأن تبذل المزيد من الجهود عند صياغة الدستور لتضمن معالجة شاملة وكاملة لهذا الانتهاك الفاضح لحقوق الإنسان. لهذا السبب، تحثّ "محامون من أجل العدالة في ليبيا" الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور من أجل اتخاذ إجراءات خاصة تضمن القضاء على التعذيب. وتحقيقاً لهذه الغاية، لا تعدّ المقاربة الشاملة ضروريةً من أجل الحماية القانونية فحسب بل أنها تساهم أيضاً في تصويب ثقافة تقبّل التعذيب وإفلات الجناة من العقاب وهو أمر شائع وسائد في ليبيا."
من جهته، أكّد مستشار منظمة "ريدرس" الدكتور لوتز أويت قائلاً: "الفرصة سانحة أمام ليبيا اليوم، من خلال عملية مراجعة الدستور الدائرة حالياً، لكي ترسي الأسس المتينة لمناهضة التعذيب على أفضل نحوٍ ممكن. فإنّ في ترسيخ الحق في الحرية من التعذيب في الدستور رسالة واضحة أنّه ليس للتعذيب من مكانٍ في النظام القانوني لليبيا."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق