وكالات: يواجه القضاء الفرنسي في الاجراءات القضائية بحق الجهاديين الفرنسيين العائدين من سوريا والتي ستتكثف في الاشهر المقبلة، معضلة كبيرة تتمثل بمعرفة ما قاموا به هناك وتثبيت هذه الوقائع. وبعد اجتيازهم الحدود التركية-السورية ووصولهم الى المناطق التي تسيطر عليها مختلف مجموعات المتمردين الذين ليسوا جميعا اسلاميين، يدخلون الى عالم تستحيل فيه التحقيقات وينعدم فيه عمل اجهزة الاستخبارات تقريبا. واذا لم يقوموا بأنفسهم بنشر صور لهم على الانترنت يرتكبون فيها فظاعات او يلعبون كرة القدم برؤوس مقطوعة او يرفعون اسلحة كلاشنيكوف او اشارات على مدرعات ما يمكن ان يعتبر دليلا في ملف الادعاء، يمكن للجهاديين ان يؤكدوا انهم لم يقوموا سوى بمعالجة الجرحى او اصلاح سيارات او حراسة منازل. وقال المحامي فلوريان لاستيل الذي يتولى حاليا 15 ملفا لجهاديين لوكالة فرانس برس ان القضاء "واجهزة الشرطة والاستخبارات لا تعرف شيئا حول ما يحصل في سوريا". واضاف ان "المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين تشكل ثقبا اسود كبيرا". واضاف "في غالب الاحيان، ما نملكه في الملفات هو تنصت هاتفي او اعتراض مكالمات على سكايب تعطينا اشارة على الموقع الجغرافي، وهذا كل شيء. والا فانه لا يمكن فتح قضية الا استنادا لما يريد الشخص المتهم قوله لنا، سواء صدقناه ام لا". وبالتالي واستنادا الى اولى محاكمات الجهاديين العائدين الذين يحاكمون في باريس، والتي انتهت بعقوبات قاسية، فان الشك في انشطتهم في هذا المجال لا يمكن ان يفيد الشخص المتهم.
وقال محام اخر يعمل على ملفات من هذا النوع طلب الكشف عن اسمه "يجب عدم الكذب، انهم ليسوا على الاطلاق ابرياء حتى تثبت ادانتهم". واضاف "لقد توجهوا الى هناك وهذا يكفي. لا نعمل على الاطلاق ما قاموا به تحديدا هناك لكن رفضهم تبرير انفسهم وكذلك صمتهم لا يصب في مصلحتهم. اقول لموكلي انهم اذا لم يقدموا تفسيرات فان الادعاء سيقوم بذلك بدلا عنهم". ورأى المحامي لاستيل ان "مجرد دخول الاراضي السورية يكفي اليوم من اجل الادانة ومواجهة احكام بعدة سنوات من السجن". وبموجب تعليمات اصدرها تنظيم الدولة الاسلامية ولامهم ادركوا انها يمكن ان تستخدم ضدهم، اصبح الجهاديون ينشرون تفاصيل اقل على الانترنت عن اعمالهم في "ارض الجهاد". وفي هذه الحالة يقول مصدر قضائي فرنسي لوكالة فرانس برس رافضا الكشف عن اسمه "ان احد العناصر التي يمكن ان تكون في الادعاء هو الاطار الذي غادروا ضمنه، على سبيل المثال اذا استخدموا فرعا او خلية معروفة بانها تجند اشخاصا للجهاد في سوريا". لكن من يغادر طوعا وبشكل فردي بعدما اصبح متطرفا وغادر الى سوريا بأمواله الخاصة، لا يتواصل كثيرا وسيطرح بالتأكيد عند عودته مشاكل للقضاء.
وفي مطلق الاحوال يرى المحامي نفسه الذي يفضل عدم الكشف عن اسمه في مواجهة التكثف المرتقب لملفات من هذا النوع، انه "يجب ان يفرق القضاة بين هؤلاء الذين لديهم تصميم قوي ومتطرفين جدا والذين لم يذهبوا الا لإقامات قصيرة، وعددهم اكثر بكثير، وادركوا بعد ذلك انهم تم التغرير بهم واستغلالهم وطلبوا على سبيل المثال من عائلاتهم المجيء لاصطحابهم، واستأنفوا عند عودتهم حياتهم العادية او عملهم". وتابع "بالنسبة لهؤلاء يجب ان تكون العقوبات المطبقة اكثر اعتدالا من تلك التي نشهدها اليوم". وبحسب تقرير اخير صدر عن مجلس الشيوخ الفرنسي فان حوالى 1500 فرنسي غادروا منذ العام 2012 نحو مناطق القتال في سوريا والعراق وان حوالى 200 منهم عادوا لاحقا الى بلادهم حيث اوقفت غالبيتهم او وضعوا قيد المراقبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق