إرم نيوز: يتعرض تحالف مليشيات "فجر ليبيا" لهزات متتالية، تتجه به نحو مراحل التفكك، وربما انهياره خلال فترة وجيزة، لم يكن أي متابع لحالة التصعيد العسكري التي تمارسها الجماعة منذ نحو 10 أشهر وقتالها ضد الجيش والقوات المساندة له، أن يشهد هذا التراجع مع ترسانة عسكرية ضخمة استولى عليها من معسكرات الجيش. ويرى مراقبون أن أول ملامح هذ التفكك بدأت باتهام لواء ما يُعرف بـ "الشهيد محمد الحلبوص"، وهو من أقوى الكتائب المسلحة بمدينة مصراتة وأكثرها تجهيزاً، بخرقه هدنة أبرمها قادة الحلبوص مع قوات جيش القبائل، بهدف وقف القتال لثلاثة أيام في مناطق ورشفانة والعزيزية التي يسيطر عليها الجيش والقوات المساندة له. وكذلك اتهام "غرفة عمليات ثوار ليبيا"؛ أحد الأذرع العسكرية المتحالفة مع مليشيات "فجر ليبيا"، ويقودها أبو عبيدة الزاوي المنتمي لمدينة الزاوية، وهو شخصية تلعب دوراً مهما في عمليات القتال والتحشيد، خاصة وأنه يصنف من القادة المقربين من جماعة أنصار الشريعة، التي صنفها مجلس الأمن والبرلمان الليبي، ضمن القائمة السوداء للكيانات الإرهابية في ليبيا. واتهمت "غرفة عمليات ثوار ليبيا" عبر موقعها الرسمي على الإنترنت، بأن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته وفريق الحوار التابع له، يحاول لي ذراع الثوار وإرغامهم على خفض سقف المطالب بحوار الصخيرات، والتنازل عما يراها الثوار ثوابت ومبادئ ثورة 17 فبراير، يتقدمها "قانون العزل السياسي".
كما اتهمت الغرفة وبشكل صريح، لواء الحلبوص، بأنه لم يرسل لمحاور القتال بالمنطقة الغربية ليحقق الحسم، بل لغايات أخرى في نفس باشاغا والفقيه، في إشارة إلى نواب مدينة مصراتة في الحوار السياسي (فتحي باشاغا – سليمان الفقيه)، اللذين يتهمان بأنهما يحاولان سحب مسلحي مصراتة، من تحالف فجر ليبيا الذي يعتمد أساسا على قواتهم. وأشارت إلى أن لواء الحلبوص لم يتواجد في العزيزية، سوى لإيصال جيش القبائل لمعسكر الـ 27، وتحسين موقفهم التفاوضي بعد توقف إمدادهم بالذخائر الثقيلة. وأكدت في ختام بيانها، بأن لا أحد يمثلهم في الحوار السياسي، وأن الحسم العسكري هو الذي سيكون الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة. وتمكنت قوات الجيش الوطني خلال الـ 24 ساعة الماضية، من قطع الطريق لإمدادات مليشيات “فجر ليبيا”، بمساندة من قوات جيش القبائل، حيث تمكنت من التقدم في مدينة العزيزية، واتجهت نحو الطريق الساحلي الرابط بين طرابلس والمدن الغربية للبلاد، وتحديدا عند معسكر 27 كلم. وتمثل هذه الطريق الساحلية دورا مهما، كونها ستقطع الإمدادات العسكرية عن المليشيات بالزاوية وصرمان وصبراتة وزوارة، وتعزلها عن العاصمة طرابلس تماما. وتشكل جيش القبائل بعد مؤتمر القبائل الليبية الذي عقد في مايو 2014، بمشاركة 2000 من شيوخ وأعيان ووجهاء، بهدف تطهير غرب ليبيا، من المسلحين التكفيريين والمليشيات، بحسب بيان التأسيس.
باحث ليبي: فجر ليبيا قائم على الولاءات والمناطقية
ويرى محمد الخوجة الباحث الليبي في شؤون الجماعات الإسلامية، أن تحالف مليشيات “فجر ليبيا”، شُكل بطريقة تقوم على التوافقات المناطقية، والولاءات لقادة الكتائب المسلحة، وبالتالي عملية تغيير قناعتهم من قبل المدن التي ينتمون إليها، قابلة للتطبيق. ويقدم الخوجة في حديثه مع شبكة "إرم" الإخبارية، رؤيته على ملامح تفكك فجر ليبيا، قائلاً: "الجميع يعلم أن تركيبة الجماعات المسلحة ليس لديها رئيس واحد، ينضوي تحت قيادته الجميع دون جدال، وبالنسبة لكتائب مصراتة المسلحة، فهناك أشخاص مؤثرون على تحريك كتائبها القوية، وبالتالي تغيرت مؤخراً مصالح هؤلاء الأشخاص، بعد إيمانهم بأن مصراتة تحملت وزر الحرب لوحدها، وخلقت عداءً كبيراً مع كافة مدن البلاد". وأردف بالقول: "مصراتة ووجهائها سئموا استباحة دماء أبنائهم كل يوم، في غرب البلاد وجنوبها، خاصة مع ضغوط شعبية داخل المدينة، تتخوف من تصاعد الفاتورة التي يدفعها أبناء مصراتة، الباهظة جداً". وردا على إمكانية حدوث صدام بين مصراتة والزاوية، التي تمثلان ثقلاً في تحالف مليشيات "فجر ليبيا"، أجاب "نعم سيحدث وبدأت ملامحه تظهر، عندما اتهم لواء الحلبوص، قوات الزاوية بعدم احترام هدنة مع جيش القبائل، وهو أمر قوبل برفض كبير من الزاوية التي اتهمت مصراتة بالتحالف مع حفتر ضدها".
وكان خالد الفقيه المتحدث باسم لواء الحلبوص، قد اتهم في مقابلة تلفزيونية محلية أمس، قوات الزاوية بعدم احترام هدنة انسانية في مناطق العزيزية وورشفانة، الأمر الذي دفع بمليشيات الزاوية، اتهام الحلبوص بمحاولة تمكين جيش القبائل الدخول إلى طرابلس. وتشكل تحالف مليشيات "فجر ليبيا" الإسلامية، من الثوار سابقين الذين شاركوا بالاطاحة عسكرياً بنظام القذافي في أكتوبر 2011، ويتكون التحالف مسلح من 12 مدينة ومنطقة غرب طرابلس، أبرزها مدن (مصراتة – الزاوية – زوارة – صبراتة – غريان)، حيث شنت هجوماً كاسحاً مطلع يوليو 2014، على كتائب الزنتان المسلحة الموالية للجيش الوطني، وقامت بإخراجهم من طرابلس بقوة السلاح. واستمرت المعارك العنيفة قرابة الشهرين، مخلفة 250 قتيلا وأكثر من ألف جريح في صفوف الطرفين، بحسب إحصائية وزارة الصحة.
"فجر ليبيا" والدعوة إلى إلقاء السلاح
من جهتها، دعت مليشيات "فجر ليبيا" كل المدن والمناطق والقبائل، إلقاء السلاح ووضعه كله في أياديها، ومن ثم العودة الآمنة والسالمة لبيوتهم. وأوضحت في بيان صحفي، تحصلت "إرم" على نسخة منه، بأن لا رغبة لها في القتال ولا التهجير ولا غيره من الأعمال التي فرضت عليها، بحسب وصف البيان. وهددت فجر ليبيا، من وصفتهم الذين "يحلمون بعودة القذافي أو نظامه أو نظام مثيل له"، أن يلقوا سلاحهم ويعودوا لرشدهم ليعودوا لبيوتهم، وتابعت "من يعاند ويكابر ويستمر في رفع السلاح لصالح قائد العملية الإنقلابية (في إشارة الفريق أول خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي)، فلا حوار ولا تفاوض معه، ولا نملك له إلا القوة والسلاح". وأصدر المؤتمر الوطني المنتهية ولايته مطلع مارس/ آذار الماضي، قانون إنشاء جهاز الحرس الوطني، وهو جهاز عسكري مستقل مالياً وإدارياً، يتكون عناصره من الثوار، ويكون بمثابة قوة عسكرية تدعم رئاسة الأركان المنبثقة عن المؤتمر في طرابلس. وفسر مراقبون إصدار هذا القانون، بهدف مواجهة قوات الجيش الليبي التي تم تنظيم صفوفها من قبل حفتر، الذي يواصل شن حرب واسعة ضد التنظيمات المسلحة والإسلامية في مختلف أنحاء ليبيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق