ليبيا المستقبل: دعت صحيفة فيننشيال تايمز البريطانية الحكومات الغربية للتدخل بإيجابية والتوقف عن سلبيتها حيال الأزمة الليبية المتصاعدة، والتي تهدد الدولة بالانزلاق إلى حالة من الفوضى الكاملة. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إنه بعد أكثر من ثلاث سنوات على الإطاحة بنظام معمر القذافي عبر التحالف الذي قاده حلف شمال الأطلنطي لا يبدو في الأفق احتمال لنهاية الأزمة الليبية، تلك الدولة الغنية بالنفط والتي كان ينبغي أن تكون بين الدول الأكثر ازدهارا في شمال إفريقيا، ولكنها لا تزال غارقة في الارتباك السياسي العنيف. وأشارت إلى الحكومتين والبرلمانيين المتنافسين في ليبيا في الوقت الحالي باعتباره مؤشرا على أن ليبيا بعيدة كل البعد عن المستقبل الديمقراطي السلمي التي كانت الدول الغربية ولاسيَّما فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ترجو تحقيقه في الدولة عام 2011. وفي الوقت نفسه هناك عشرات من الميليشيات، الذين يبلغ عددهم عشرات الآلاف من الرجال، ينشرون الشغب في البلاد، وذلك باستخدام الأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من مخازن أسلحة القذافي بعد سقوطه، وكل هذه العوامل تشير إلى أن ليبيا باتت على شفا حرب أهلية جديدة ودموية. وأكدت الصحيفة أنه في سبيل منع حدوث ذلك يجب على ممثلي جميع الأطراف الاستفادة من عرض الأمم المتحدة والجلوس إلى طاولة مفاوضات السلام، مشيرة في الوقت ذاته أن التوسط في اتفاق سلام سيكون أمرا صعبا، حتى إن بوادر الفشل قد لاحقت المفاوضات قبل أن تبدأ. قررت ميليشيا فجر ليبيا التي سيطرت على طرابلس العام الماضي وطردت الحكومة المعترف بها دوليا إلى طبرق، البقاء بعيدا عن المفاوضات، ولكنهم عادوا وأعربوا عن استعدادهم لإعلان وقف إطلاق النار وحضور المحادثات، مما يشير إلى أن الأمل في تحقيق التوافق بين الميليشيات لا يزال حاضرا. واعتبرت صحيفة فيننشيال تايمز البريطانية أن الدور الغربي في حل الأزمة الراهنة سلبي، ففي الوقت الذي يشارك دبلوماسيون في المحادثات فإن أوروبا والولايات المتحدة لا تشارك بشخصيات رفيعة المستوى وتحاول أن تظل بعيدة عن الأنظار. وأشارت إلى أن ليبيا في الوقت الحالي تحتل مرتبة متأخرة في أولويات الغرب تجاه مشكلات الشرق الأوسط بعد الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، والمحادثات النووية الإيرانية والمسألة الفلسطينية الإسرائيلية. وحذرت من أن الاضطرابات التي تجتاح ليبيا لها تبعات سلبية على ما تبقى من الاقتصاد الليبي. وأشارت إلى أن إنتاج النفط الذي كان قد وصل للذروة بمستوى 1.6 مليون برميل يوميا قبل سقوط القذافي مباشرة تباطأ إلى حد كبير. هرب الكثير من الليبيين وهناك الكثير من المواهب غير المستغلة ولن يعود الوضع إلى طبيعته حتى تقرر الأطراف المتحاربة إذا كانوا يريدون تقاسم البلاد. وأشارت إلى أن أحد الأسباب وراء هذا الدور السلبي قد يكون التردد في الاعتراف بالنتائج الكارثية التي تسبب فيها تدخل حلف شمال الأطلنطي للإطاحة بنظام القذافي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق