تبدي فرنسا رغبة جامحة في مشاطرة الجزائر انشغالها بالوضع الأمني العام في دول الساحل، خصوصا ليبيا، ولاعتقاد باريس أن الاهتمام مشترك تكثف جهودها الدبلوماسية عبر زيارات ولقاءات متتالية لإقناعها بدور جزائري محوري تطفئ أزمة تشتعل في البلد الجار.
وتضع حكومة فرنسوا هولاند مقترحين على طاولة نظيرتها الجزائرية منذ أن «تغول» الإرهاب في ليبيا، «المشاركة أو المساعدة على إعادة استتباب الأمن في ربوع البلاد»، حسبما نقله مصدر دبلوماسي جزائري لـ«بوابة الوسط».
ويتعلق المقترح الأول بمشاركة مباشرة عبر تدخل عسكري تحت غطاء الأمم المتحدة والجامعة العربية، في ظل اقتناع عدة دول أوروبية وعربية على رأسها إيطاليا ومصر بالحل العسكري، ولعلم الإليزيه تمسك الجزائر بمبدأ سيادي عدم التدخل بجيشها خارج الحدود، طلبت «المساعدة» على تنفيذ ضربات عسكرية دقيقة وخاطفة تستهدف مواقع «الجهاديين» في مناطق جنوب ليبيا وقرب الحدود، والسماح باختراق الأجواء الجوية الجزائرية بطائراتها العسكرية أسوة بما حدث مطلع العام الماضي.
لكن تقارير الجهات الأمنية المتخصصة تؤكد أن التدخل العسكري في ليبيا، برًا أو جوًّا يواجه قصورًا سواء في العمليات التي قادها اللواء خليفة حفتر، أو ضربات جوية قادتها دولتان عربيتان قبل أشهر، الأمر الذي لا يثير شهية الدخول في أتون خطوة غير محسومة النتائج.
سيناريو التدخل بمالي في ليبيا
وتستأنس باريس في مقترحها الثاني القاضي بأهمية مساعدة الجزائر بقرار السماح للطيران الحربي الفرنسي باختراق أجوائها العام 2013، للمساعدة في القضاء على سيطرة الجماعات الإرهابية في شمال مالي، فقد تضمن قرار حينها السماح للطائرات الفرنسية العسكرية باختراق المجال الجوي الجزائري، للتزود بالوقود في الحالات الطارئة، وإمكانية النزول الاضطراري للطائرات الفرنسية في مطارات جزائرية، وهي خطوة «تكتمت» عليها القيادة الجزائرية قبل أن تنكشف على لسان الرئيس الفرنسي، وممثل دبلوماسيته وتثير ردود فعل مناوئة في الجانب الآخر طيلة أسابيع.
وتستأنس باريس في مقترحها الثاني القاضي بأهمية مساعدة الجزائر بقرار السماح للطيران الحربي الفرنسي باختراق أجوائها العام 2013، للمساعدة في القضاء على سيطرة الجماعات الإرهابية في شمال مالي، فقد تضمن قرار حينها السماح للطائرات الفرنسية العسكرية باختراق المجال الجوي الجزائري، للتزود بالوقود في الحالات الطارئة، وإمكانية النزول الاضطراري للطائرات الفرنسية في مطارات جزائرية، وهي خطوة «تكتمت» عليها القيادة الجزائرية قبل أن تنكشف على لسان الرئيس الفرنسي، وممثل دبلوماسيته وتثير ردود فعل مناوئة في الجانب الآخر طيلة أسابيع.
ويشير مراقبون إلى اختلاف جيوسياسي بين مالي وليبيا، فالذي أجبر على اتخاذ القرار وقتها، كان خشية انتقال الفوضى والعنف إلى أراضيها، ولاشتراكها في حدود طولها 1400 كلم، وإقامة ما يقرب من 50 ألفًا من الطوارق داخل الجزائر، التي تتصاهر مع طوارق مالي وهي عوامل من شأنها خلق أزمة لاجئين وأزمة سياسية.
وفي الحالة الليبية سوف تكون ارتدادات القبول الجزائري بمساعدة أو مشاركة الجانب الفرنسي في خوض تدخل عسكري قوية بدأت تدفع ثمنه قبل أسابيع بطلب ضحايا القتال ما وراء الحدود، خصوصًا في مدينة أوباري فتح الحدود وهو ما انصاعت إليه الجزائر.
ومن جانبها تثني الاستخبارات الأميركية على التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي، وهو «تلميح» وضوء أخضر على تزايد فرص نجاح خطوة مماثلة في ليبيا أو على الأقل جنوبها.
وحسبما جاء في دراسة حديثة أصدرها معهد «راند» للشؤون الدفاعية، وهو الذراع البحثية لجهاز «سي آي إيه»، فإن التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي المسمى العملية «سرفال» وتحت غطاء قرار مجلس الأمن الدولي منع وقوع إمارة تشبه إمارة «داعش» في منطقة الساحل الأفريقي، ضمن مخططات فرع تنظيم القاعدة المغاربي الاستيلاء على موريتانيا، والتمدّد إلى أجزاء من ليبيا والسيطرة على منابع النفط والغاز في ليبيا، ثم التمدّد إلى خليج سرت في البحر المتوسط من جهة، والتمدّد إلى موريتانيا كلّها للوصول إلى المحيط الأطلسي من جهة أخرى، والتمدّد بعد ذلك إلى الجنوب في تكرار لدولة المرابطين القديمة.
خيار التنسيق
ومنذ زيارة قام بها وزيرا الشؤون الخارجية والدفاع، لوران فابيوس وجان إيف لو دريان إلى الجزائر، في شهري مايو ويونيو 2014، أي بعد مرور أسابيع فقط على إعادة انتخاب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة سعى الجانب الفرنسي إلى تكثيف التنسيق الأمني مع فرنسا ومشى في الطلب من القيادة الجزائرية ضرورة المساعدة على تدخل عسكري الذي ظل طي الكتمان إلى حين «جهر» به جان إيف لودريان، سبتمبر الماضي الذي دعا إلى تعبئة الأسرة الدولية تحت غطاء «إنقاذ ليبيا»، واقترح توسيع الانتشار العسكري الفرنسي في اتجاه الجنوب الليبي، بالتنسيق مع الجزائر التي وصفها بالعامل المهم في هذه المنطقة.
ومنذ زيارة قام بها وزيرا الشؤون الخارجية والدفاع، لوران فابيوس وجان إيف لو دريان إلى الجزائر، في شهري مايو ويونيو 2014، أي بعد مرور أسابيع فقط على إعادة انتخاب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة سعى الجانب الفرنسي إلى تكثيف التنسيق الأمني مع فرنسا ومشى في الطلب من القيادة الجزائرية ضرورة المساعدة على تدخل عسكري الذي ظل طي الكتمان إلى حين «جهر» به جان إيف لودريان، سبتمبر الماضي الذي دعا إلى تعبئة الأسرة الدولية تحت غطاء «إنقاذ ليبيا»، واقترح توسيع الانتشار العسكري الفرنسي في اتجاه الجنوب الليبي، بالتنسيق مع الجزائر التي وصفها بالعامل المهم في هذه المنطقة.
ويقرأ الخبير الأمني الجزائري العقيد المتقاعد عمر بن جانة في تصريح إلى «بوابة الوسط» في الطلب الفرنسي للتدخل في ليبيا أنه غير مرغوب فيه أمميًّا، مما دفع بصناع القرار في الإليزيه إلى محاولة اقتناص موافقة من الجزائر، وشدد العضو في المؤسسة الوطنية للبحوث الاستراتيجية والأمنية بن جانة على تركيز الطرف الفرنسي دائمًا على عبارة «التنسيق» وليس المساعدة أو المشاركة مبينًا قبول الجزائر بالتنسيق لحلحلة الأزمة الليبية.
ويعكس فحوى البيان الختامي للدورة الثانية للجنة الحكومية المشتركة الرفيعة المستوى الجزائرية الفرنسية التي انعقدت بباريس في الرابع من ديسمبر الماضي «هيمنة» المعطى الأمني على الاتفاقات المبرمة بين الجانبين؛ حيث حضرت الأزمة الليبية عبر اتفاقية تقضي بإقصاء الجماعات الإرهابية المعروفة في ليبيا، من الحوار المرتقب للتوصل إلى حلحلة للأزمة الراهنة، ونوه البلدان «بجهود الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بدعم فعَّال من الجزائر من أجل توفير الظروف المواتية لإطلاق حوار بين الأطراف الليبية باستثناء الجماعات الإرهابية المعروفة بذلك بغية التوصل إلى حل يحفظ السلامة والوحدة الترابية لهذا البلد».
كما اتفقا على بعث تبادل التحاليل الأمنية والاستراتيجية وتكثيف تبادل الخبرات وتعزيز التعاون العملياتي في إطار مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، والعمل على تجفيف مصادر تمويل الجماعات الإرهابية من خلال دفع الفدية والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات.
وكانت صحيفة «أوبسرفاتور» الفرنسية أول من أمس في تحليلها لدوافع الزيارات المتبادلة بين البلدين قالت إن الجزائر تشعر بالقلق إزاء الأحداث التي تجري على حدودها مع ليبيا (للجزائر ما مجموعه 6000 كم تمتد على ستة حدود صحراوية)، وبتواصل القتال في شمال مالي، وبكثير من الهجمات الإرهابية التي وقعت على أراضيها (الاعتداء على عين أمناس، وخطف دبلوماسيين جزائريين من قبل جماعة «حركة التوحيد والجهاد» في غرب أفريقي، ولذا أبدت الحكومة الجزائرية قدرًا أكبر من الاهتمام لطلبات فرنسا المتكررة باستخدام وزنها الاستراتيجي في المنطقة حسب قولها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق