ليبيا المستقبل
الشرق الأوسط: اجتاح، أمس، مسلحون تابعون لقوات «فجر ليبيا» مجمع السفارة الأميركية في العاصمة الليبية طرابلس، وعبثوا بمحتوياته، بعد نحو عامين من مقتل 4 أميركيين، من بينهم السفير السابق كريستوفر ستيفنز في بنغازي (شرق) عام 2012. بينما جادلت السفيرة الأميركية ديبورا جونز، المقيمة حاليا في مالطا، بشأن حقيقة ما حدث. وقالت مصادر أمنية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن من قاموا باجتياح المجمع السكنى الملحق بالسفارة الأميركية، هم عناصر في ميليشيات «فجر ليبيا»، التي تضم مقاتلين من مصراتة وحلفائها من الجماعات المتشددة التي تسيطر منذ الأسبوع الماضي على طرابلس. لكن السفيرة الأميركية التي غادرت مع معظم أعضاء السفارة إلى مالطا، قبل بضعة أسابيع، قالت في المقابل عبر حسابها على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي: «المقاطع المصورة التي ظهرت على موقع (يوتيوب) يبدو أنها من المجمع السكني من مقر البعثة الأميركية، لكن لا يمكن تأكيد ذلك بشكل قاطع، بما أنني لست هناك». وأضافت جونز إن السفارة الأميركية في طرابلس محمية ولم تتعرض للنهب، معتبرة في تغريدة لاحقة على موقع «تويتر» أنه لا توجد مؤشرات على أن أي أضرار لحقت بالسفارة. وقالت: «حسب علمي، وبحسب الصور الأخيرة، فإن مجمع السفارة الأميركية في طرابلس تجري حاليا حمايته ولم يتعرض للنهب». وظهر في هذه المقاطع مسلحون بملابس مدينة يعتلون مقر السفارة، بينما كان بعضهم يسبح في حمام السباحة الملحق بالمقر السكنى الذي تستخدمه عادة السفيرة الأميركية. من جهته، نفى متحدث باسم كتيبة الحلبوص تورط الكتيبة في اقتحام مقر السفارة الأميركية بطرابلس، وقال لقناة تلفزيونية محلية إن ما أشيع عن اقتحام عناصر من الكتيبة لمقر السفارة غير صحيح، وإن الصور التي جرى بثها قديمة جدا، ولا علاقة للكتيبة بها. وأكد أن منتسبي الكتيبة يقومون بتأمين السفارة بالتنسيق معها.
ومع ذلك، أكد أحد عناصر قوات فجر ليبيا لوكالة الصحافة الفرنسية أنهم دخلوا مجمع السفارة، الذي يتألف من بضعة منازل لضمان الأمن في المكان ومنع نهبه، مضيفا: «لقد دعونا البعثات الدبلوماسية للعودة إلى طرابلس، وبانتظار ذلك نحن هنا لحماية المكان». ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي أن أفراد ميليشيا ليبية لم يحدد هويتها، دخلوا مبنى ملحقا بالسفارة الأميركية في طرابلس، لكنهم لم يقتحموا المجمع الرئيس، لافتا إلى أن حكومة بلاده تعتقد أن مجمع السفارة الرئيس ما زال سليما ولم يجرِ الاستيلاء عليه. وكان عناصر قوات «فجر ليبيا» القادمون في معظمهم من مدينة مصراتة (200 كيلومتر شرق طرابلس) سيطروا في الـ22 من أغسطس (آب) الماضي على مطار طرابلس الواقع جنوب العاصمة على مقربة من السفارة الأميركية، إثر معارك طاحنة مع قوات من الزنتان الواقعة على بعد 180 كلم غرب العاصمة. ويرى مراقبون أن أي استيلاء للمسلحين على المجمع سيمثل ضربة رمزية جديدة للسياسة الأميركية تجاه ليبيا، التي يخشى الغرب أن تصبح دولة فاشلة، وتشهد أسوأ أعمال عنف منذ الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أجلت في الـ26 من الشهر الماضي موظفي سفارتها في طرابلس إلى تونس، بعد سقوط صاروخين قرب مقر السفارة، بسبب المعارك المحتدمة آنذاك بين الميليشيات الليبية قرب مبنى السفارة بشارع ولي العهد بطريق مطار طرابلس الدولي. وقام أفراد من مشاة البحرية الأميركية، الذين يحرسون السفارة عن طريق البر بهذه المهمة، بينما وفرت طائرات «إف 16» وطائرات هليكوبتر من طراز «أوسبري» الحماية لهم، حيث لم تقع أي حوادث خلال الرحلة التي استغرقت 5 ساعات إلى تونس. من جهة أخرى، اشترطت عمليات «فجر ليبيا» قيام مجلس النواب المنتخب بتصحيح مساره بتسليم السلطة من الجسم المخول له ذلك، وهو رئاسة المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، وفقا لنص الإعلان الدستوري. وجددت قيادة «فجر ليبيا» في بيان التزامها بحماية أي مقر أو موقع لمجلس النواب، في إطار تأمين طرابلس، مؤكدة حرصها على منع التعرض لأي من أعضاء المجلس أو ما يعرقل عملهم حالة انعقاد المجلس في طرابلس، أو أي مدينة يوجد بها ثوارها. وأدانت ما وصفته بـالهجوم الجبان الذي وقع على مخيم للنازحين من مدينة تاورغاء، مما أدى إلى سقوط قتيل وإصابة 3 من المدنيين، متعهدة بالتعاون مع الجهات الأمنية لتعقب الجناة، وتقديمهم للعدالة. في غضون ذلك، استمرت الاشتباكات العنيفة بين قوات اللواء السابق خليفة حفتر ومقاتلين إسلاميين في مدينة بنغازي، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص، وقصف المطار بصواريخ. وحاول مقاتلون إسلاميون اجتاحوا بالفعل عدة معسكرات للجيش هذا الشهر، الاستيلاء، أول من أمس، على منطقة بنينا، حيث يوجد مطار مدني وعسكري تسيطر عليه قوات حفتر. وقالت مصادر عسكرية وسكان إن صواريخ «غراد» أصابت المطار المدني، بينما قال طبيب بمستشفى محلي إن ما لا يقل عن 10 جنود من قوات حفتر قُتلوا وأصيب 25.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق