«الحل الوحيد للخروج من دائرة العنف التي تشهدها يكمن في جهود الوساطة الحقيقية المدعومة من المجتمع الدولي بالتزامن مع تكوين البرلمان الجديد والانتهاء من كتابة الدستور»، هكذا وصف كل من السفير البريطاني السابق في ليبيا ريتشارد نورثرن، والباحث في الشأن الليبي جايسون باك، الأزمة الراهنة في ليبيا في مقالهما بموقع «ميدل إيست آي» البريطاني.
وينظر كاتبا المقال إلى إغلاق السفارات الأجنبية في ليبيا وإجلاء العاملين من البلاد باعتباره مؤشرًا خطرًا على قلة اهتمام الغرب بالأزمات التي تعانيها طرابلس، وما نتج عن ذلك من زيادة في عمليات تهريب الأسلحة والمهاجرين.
وينحاز المقال إلى وجهة النظر القائلة إن الغرب لا يمكنه الوقوف على الحياد، لكنه يؤكد أن التدخل الأجنبي لن يثمر كثيرًا مثلما كان خلال عهد القذافي عاملاً مساعدًا في الإطاحة به، ويوضح ذلك بأنه في العام 2011 جاء تدخل الناتو بناءً على طلب جامعة الدول العربية والمجلس الانتقالي الليبي، وأن هذه القوات انسحبت بعد استكمال أهدافها، إلا أن الأزمة الحالية لا اختيارات واضحة فيها، وأطراف القتال ليس بينهم ضحايا وإنما هم منفصلون عن الشعب الذي خرج في تظاهرات ضدهم ورفضهم في صندوق الانتخابات، بحسب المقال.
وينظر المقال إلى هذه الجماعات، سواء كانت إسلامية أو غير ذلك على أنها تمثل وجهات نظر ومصالح مختلفة، وهي مدفوعة بالرغبة في السيطرة على المؤسسات والموارد الوطنية، دون أن تكون قادرة على تحقيق فوز سريع وساحق، ولهذا «لا تبدو أن هناك نهاية قريبة لأعمال العنف».
وللأسباب السابقة لا يرى كاتبا المقال حلاً سريعًا للأزمة الحالية إلا سياسيًا يتضمن خطوتين؛ أولهما ترتيب اتفاق بين قادة الجماعات المسلحة والمدن التي يمثلونها في عملية شاملة تهدف الوصول إلى الموافقة على وقف إطلاق النار وإنهاء العنف، ويلي ذلك في خطوة ثانية إمكانية إرسال قوة دولية محايدة لتأمين المنشآت المهمة في طرابلس وبنغازي، وذلك بتنسيق ترعاه الأمم المتحدة.
هذا عن الحل السريع الذي يضمن تجنيب البلاد عودة أخرى للعنف والمعارك، أما عن الاستقرار السياسي الدائم الذي ينقل البلاد إلى مرحلة جديدة، فإن كاتبي المقال يريان أن هناك أسبابًا تدعو للتفاؤل إذ إن كلاً من مجلس النواب ولجنة صياغة الدستور مؤسسات شرعية منتخبة من قبل الشعب الليبي وليست جماعات محلية منحازة لجانب واحد، ويمكنهم التركيز على تسوية سياسية وطنية وملء الفراغ السياسي الذي زاد من فجوته سيطرة الجماعات المسلحة على زمام الأمور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق