أعد معهد دراسات الحرب الأمريكى بحثاً تضمن مؤشرات خطة تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، لخوض ما سماها المعركة الكبرى التى يعد لها التنظيم لاقتحام مدينة بغداد، ونشر البحث الموقع الجهادى «منبر الجهاد العالمى».
وتشمل الخطة، تكثيف العمليات الإرهابية بالسيارات المفخخة وقذائف الهاون على الأماكن الأمنية بالعاصمة العراقية، والاستيلاء على المطار الدولى، واستغلال الخلايا النائمة التابعة للتنظيم المنتشرين فى أماكن متطرفة من العاصمة العراقية، لخلق حزام أمنى حول المدينة، فضلاً عن خلق حالة من الفوضى تمكنهم من السيطرة على العاصمة بعد إنهاك قوى الجيش العراقى، وزيادة الهجمات بالسيارات المفخخة على معاقل الشيعة فى قلب بغداد لنشر الفتنة.
وتمثل بغداد موقعاً مهماً للاستهداف، حسب ما قال أبومحمد العدنانى، الناطق الرسمى باسم «داعش»، فى الأيام السابقة، الذى أكد أن هدف التنظيم إسقاط الحكومة العراقية الحالية، عن طريق هجمات ثابتة ومنسقة، وساحقة فى بغداد، يمكن أن تعالج بشكل كاف الأهداف الاستراتيجية السياسية للمنظمة.
وكشف المعهد أن «داعش» غيرت مواقفها العسكرية فى محافظة بغداد عن تلك التى كانت قد شهدتها منذ سقوط الموصل، ما يشير إلى خطوة جديدة فى هذا الاتجاه، ووقعت هجمات متعددة منسقة بالسيارات المفخخة، يوم 19 يوليو الحالى وهو نمط داعش الهجومى المتعارف عليه، وتمثل تلك الهجمات، العنصر الأكثر خطورة فى خطوات التغيير التى جرى ملاحظتها منذ 13 مايو من هذا العام، ما يشير إلى مستوى عال من التنسيق بين خلايا التنظيم، وقدرتها على التواصل داخل العاصمة، فضلاً عن إمكانياتها فى الوصول إلى العاصمة، حتى فى سياق تصاعد الموقف الأمنى، منذ سقوط الموصل.
ويرى معهد دراسات الحرب، أن هذه الهجمات تساعد التنظيم على اختبار قدرات قوى الأمن الداخلى واستجابة الميليشيات الشيعية للهجمات، من أجل تحديد كيفية وضع خطة الهجوم، والأخذ بنظر الاعتبار مدى وكيفية تفاعل قوى المعارضة وتحركاتها، وإعادة تخصيص الموارد فى إطار التحضير للهجوم الرئيسى فى بغداد.
ويؤكد المعهد أهمية أخذ الأحداث الأخيرة بعين الاعتبار فيما إذا كانت هناك دلائل على استعادة داعش للهجوم على العاصمة، ومن المتوقع أن يتابع «داعش» عملياته داخل بغداد إضافة إلى ما يعرف بحزام بغداد، وهى المناطق المحيطة بالمدينة وتعمل تقليدياً كمناطق دعم لداعش حالياً، ولتنظيم القاعدة سابقاً، فى العراق.
وأشار المعهد إلى أن «داعش» استطاع الوجود فى أحزمة شمال وغرب وجنوب بغداد، ومن المحتمل أيضاً أن يعمل «داعش» على إيقاظ الخلايا النائمة قبل أو خلال الهجمات الحالية شمال بغداد، التى لم يجر تفعيلها حتى الآن.
وأضاف أن تنظيم داعش ما زال يهاجم معاقل الشيعة بعمق داخل بغداد بواسطة السيارات المفخخة وقذائف الهاون، خصوصاً مدينة الكاظمية ومدينة الصدر، فضلاً عن مناطق متفرقة ذات أغلبية سكانية شيعية. وعلى الرغم من أن دفاعات هذه المناطق زادت إلى مستويات أعلى منذ سقوط الموصل نظراً للتعبئة من المتطوعين وقوات الميليشيات التى يقودها الشيعة، فإن «داعش» استمر فى مهاجمة هذه المناطق، وبمعدل متزايد فى الآونة الأخيرة، كهجمات مدينة الكاظمية التى تعتبر ذات أولوية فى الحماية لكل من القوات الإيرانية والميليشيات.
ويعتبر الباحثون هذا التنامى فى الهجمات مهماً، ما يوضح كسر نمط موجة التفخيخ العادية السابقة، ويشير إلى استمرار قدرة «داعش» على المناورة فى جميع أنحاء العاصمة، ويظهر عدم فعالية الدفاع من قبل قوات الأمن العراقية. وحسب تقييم الباحثين، فإن تلك السيارات تدخل العاصمة عن طريق أحزمة بغداد الشمالية والغربية، وربما الجنوبية، ومن المرجح أن يكون قد جرى تجهيزها داخل بغداد قبل سقوط الموصل، تحسباً للإجراءات الأمنية. ويستهدف داعش طبقاً لتقييم المعهد الأمريكى للحرب، بعض الأماكن المهمة مثل البنايات المحيطة بالمنطقة الخضراء التى سيساعد تعرضها للهجوم فى زعزعة سيطرة الحكومة، ومرقد الكاظمية فضلاً عن مطار بغداد الدولى الواقع فى الزاوية الغربية من العاصمة العراقية، الذى يمثل عنصراً استراتيجياً دفاعياً. ويعتبر تحييد المطار بمثابة دعم لجعل بغداد أكثر ضعفاً. وحسب المعهد، فإن تغيير نشاط داعش إلى قرب أحزمة جنوب غرب بغداد، انعكس على توفر عدة سبل بهذه المنطقة عدة سبل للوصول إلى الهدف الرئيسى «مطار بغداد الدولى». وتعتبر المحمودية الواقعة مباشرة إلى الجنوب من بغداد والمعروفة باسم «بوابة بغداد» من أهم تلك المناطق.
وعلى الرغم من أن المحمودية شهدت هجمات قليلة وبسيطة فى الستة أشهر الماضية، فإنه جرى استهدافها بهجومين منفصلين، فى الشهر الماضى وبقذائف الهاون والعبوات الناسفة، فضلاً عن هجوم الشهر الحالى، الذى رافقته اشتباكات بين قوات الأمن العراقية ومسلحى داعش فى المناطق المحيطة باللطيفية واليوسفية.
وبعد سقوط الموصل وعلى الرغم من تخفيض الإعلان عن الهجمات، فإن تنظيم داعش نشر صوراً له تبين هجوماً من قبل مسلحى التنظيم وفصائل داعمة له «خلايا نائمة جرى تفعيلها»، على قوات الأمن العراقية فى الأسبوعين الماضيين، ويمثل استئناف الهجمات على المحمودية خطوة تغيير تشهدها المنطقة. ويعد تقليص التقارير بشأن ما يحدث فى تلك المناطق فى وسائل الإعلام العراقية المحلية مؤشراً خطيراً، لأنه لوحظ بالمثل قبل سقوط مدينة «الموصل».
وقال المعهد إن هناك مؤشراً آخر على وجود داعش جنوبى بغداد، هو اكتشاف ورشة تصنيع العبوات الناسفة فى 17 يوليو، فى منطقة تبعد مسافة 2.5 كيلومتر من منطقة الدورة، حيث كان تنظيم القاعدة فى العراق فى الفترة 2006-2007، يستخدمها فى استهداف قوات الصحوة، بالقرب من الدورة جنوب بغداد، ما يؤكد وجود خلايا للتنظيم قرب بغداد وقدرات فى صنع العبوات الناسفة وشن هجمات صغيرة تخفف بشكل فعال من قدرات النظام الدفاعية وهو ما يضيق الخناق على بغداد من الشمال فى الأسابيع الثلاثة الماضية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق