ليبيا المستقبل
وكالات: أعاد الصراع الذي فجره خليفة حفتر للمرة الثانية في ليبيا الى الأذهان الخلاف الذي انفجر بين دول إقليم الساحل والصحراء حول كيفية التعامل مع الأزمة في جمهورية مالي، فالمملكة المغربية دخلت مع الجزائر في حالة من التصارع السياسي في حينها والتراشق الإعلامي. في ليبيا ذهبت كل من تونس والمملكة المغربية الى ضرورة حل الأزمة عبر الحوار بين الفرقاء في ليبيا، وهي دعوة انطلقت من العاصمة تونس عقب زيارة ملك المغرب محمد السادس لتونس، الزيارة ترافقت مع هجوم مسلح على منزل وزير الداخلية التونسي في القصرين الى جانب امتعاض جزائري من الزيارة، ترافقت مع حشود للجيش الجزائري على الحدود الغربية لليبيا قدرت بـ 40 ألف مقاتل.
لم تمض أيام طويلة على زيارة محمد السادس لتونس حتى أعلنت صحيفة الوطن الجزائرية عن اطلاق عمليات تقودها قوات جزائرية خاصة مكونة من 3500 جندي داخل الأراضي الليبية، بالتعاون مع قوات فرنسية في مالي وامريكية تعمل على تأمين آبار النفط الليبية بحسب ما اوردت الصحيفة. العملية العسكرية إن صحت فهي تتناقض مع التوجهات الجزائرية في التعامل مع الأزمة في مالي سابقا؛ حيث تحفظت الجزائر على العملية العسكرية الفرنسية وذهبت الى ضرورة إجراء حوار مع القوى المتصارعة بل وعقدت مؤتمرا ضم فصائل المعارضة في حينها، واعتبرت تدخل قوات أجنبية عملا عسكريا سيفاقم من حدة الأزمة، في حين ان صحيفة الوطن الجزائرية تتحدث الآن عن تعاون أمريكي فرنسي في العملية التي اطلقها الجيش الجزائري والتي تمتد الى الزنتان ونالوت الليبية بالقرب من الحدود التونسية، متجاوزة بذلك دعوات الحوار التي أطلقتها كل من تونس والمملكة المغربية.
التصارع الإقليمي في التعامل مع الأزمة الليبية لايتوقف عند حدود العلاقات المغربية الجزائرية التونسية بل يمتد الى مصر؛ فـخليفة حفتر الجنرال الليبي السابق والذي اعلن تمرده على المؤتمر الوطني والجيش الليبي باطلاقه عملية الكرامة، معلنا رفضه شرعية المؤتمر، يظهر ميولا باتجاه جمهورية مصر العربية بلغت حد طلب تدخل الجيش المصري لمساندته في صراعه العسكري والسياسي، على الرغم من وجود نقاط تقاطع بين الجزائر ومصر الا ان كلا الدولتين تتنافسان بقوة وتملكان مصالح متعارضة؛ ففي الوقت الذي تتعاون فيه الجزائر مع زعامات من قبل الزنتان فان مصر تعد اقرب الى حفتر، وهو ما يعني احتمال حدوث تنافس بين القوتين الإقليميتين في شمال افريقيا. ما يفاقم من حدة الأزمة في ليبيا الانقسام السياسي الداخلي خصوصا في المؤسسات الشرعية؛ فـرئيس الوزراء الاسبق الثني يرفض التنازل عن منصب رئاسة الوزراء، مستعينا بقرار المحكمة الدستورية والرئيس الجديد المعيتيق، مستعينا بالمؤتمر الوطني، متمسكا بتولي مهامة للبدء بعملية سياسية وامنية تهدف الى وقف حالة التفكك والتدهور الداخلي في البلاد. في المقابل فان الثني يسعى الى اطلاق عملية عسكرية بقيادة الجيش الليبي اطلق عليها اسم عملية الوفاء لملاحقة عناصر الجيش المتمردة وعلى رأسها خليفة حفتر، لتخضع السياسة الداخلية لمزاودات لاطائل منها في المرحلة الحالية، وهو ما عقد من مهمة كل من المغرب وتونس للتعاون مع حكومة متفق عليها داخل ليبيا.
ليبيا في المرحلة الحالية لاتحتاج لاطلاق حملات عسكرية من قبل مصر او الجزائر او لمزيد من مليشيات حفتر وقبائل الزنتان، ليبيا بحاجة لتأكيد وترسيخ الشرعية السياسية، بحاجة الى حوار سياسي لتوحيد القوى السياسية والعسكرية لمواجهة التحديات؛ فدخولها في ملعب القوى الإقليمية المتصارعة والمتنافسة والقوى الدولية المتخفزة والمرتبكة في ذات الوقت قد يدفعها نحو مستنقع لن تخرج منه بسهولة لسنوات طويلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق