ليبيا المستقبل -أ ش أ: أكد رئيس وزراء ليبيا السابق أحمد معيتيق، بعد قبوله حكم المحكمة الدستورية في بلاده بعدم شرعية حكومته، أن كثيرا من الحركات المتطرفة استغلت الفراغ الأمني خلال مرحلة تحول مؤسسات الدولة الأمنية من نظام شمولي سابق إلى نظام حديث يراعي الديمقراطية وليس مبنيا على الأفراد. وقال - فى حوار مع صحيفة (عكاظ) السعودية اليوم الاثنين - إن البرلمان المقبل في ليبيا سيشكل بدون تكتلات سياسية، رافضا تماما أن يكون هناك حزب متطرف أو ينتمي إلى أيدولوجية متطرفة، مشيرا إلى أن المجتمع الليبي وسطي ويبحث عن تطبيق الإسلام المعتدل. ونوه معيتيق بدور ومواقف المملكة العربية السعودية الإيجابية مع الشعب الليبي، وأنها تسعى باستمرار لأن تكون ليبيا دولة مستقرة والمواطن فيها يعيش حياة كريمة. مؤكدا ضرورة استفادة ليبيا من تجربة المملكة في مكافحة الإرهاب.
وحول التخوف من الوضع في ليبيا والانزلاق إلى مزيد من التطرف، قال "إن موضوع الإرهاب والتطرف ليس جديدا على العالم كله، وقد حدث قريبا جدا من ليبيا، ونحن يجب أن نستفيد من الدول التي استطاعت بطريقة أو بأخرى أن تتعامل مع تلك الحركات المتشددة وتعمل على تصويب فكرهم وتوجهاتهم وتعيدهم إلى المسار الصحيح لبناء الأوطان، فالسعودية والمغرب والجزائر، مرت نوعيا بظروف متشابهة لما يحصل في ليبيا من إرهاب الآن". وأضاف معيتيق"نحن في ليبيا نعاني الآن من ضعف مؤسسات الدولة ومن ضمنها مؤسسات الجيش والمخابرات والشرطة، نتيجة للتحول من نظام شمولي سابق إلى نظام حديث يراعي الديمقراطية أو التراتبية وليس مبنيا على رأي الأفراد، ولذلك، فإن من المفترض أن يدرك الجميع أنه من الصعب خلال فترة زمنية قصيرة أن نتحول من نظام إلى آخر ولأن نوفر كوادر أمنية قوية، وللأسف، فإن كثيرا من الحركات المتطرفة استفادت من هذا الوقت وحولته إلى بيئة خصبة للنشاط في ليبيا".
وتابع قائلا "لا يعني ذلك أن ليبيا لا تستطيع محاربة هذه الحركات، وإن احتاجت إلى جهود مشتركة مع المجتمع الدولي ومن الاستفادة من خبرات الدول الأخرى في عالمنا العربي والإسلامي حتى نستطيع السير في الطريق الصحيح". وأشار معيتيق إلى أن هناك موضوعا مهما يجب مراعاته، وهو أن المرحلة السابقة لم تشهد تنمية فعلية بعد ثورة 17 فبراير. لافتا إلى أن فئة الشباب هي التي تستقطب من قبل الجهات المتطرفة لأنها الفئة العمرية الأقل نصيبا من التنمية، ولذلك لابد من إدراك أهمية التنمية كجزء لا يتجزأ من اكتمال المشهد، وأنها ستخلق فرصا وظيفية وتجعل من الشباب ينظر إلى الحياة والمستقبل بنوع من التفاؤل والأمل، وهذا ما سيبعدهم عن الحركات المتطرفة وتنامي نشاطها.
وحول أقاويل صدرت عن قيادات ليبية نافذة، بأن حكومة معيتيق والبرلمان وقعوا تحت سيطرة الإخوان من خلال "كتلة متطرفة " داخل البرلمان، قال معيتيق بالنسبة للبرلمان الليبي أو المؤتمر الوطني، فالجميع يعلم جيدا أن كل البرلمانات في العالم بها تكتلات تبنى على أساسات حزبية أو مصالح مشتركة، حيث يسعى كل حزب لتوظيف هذه التكتلات لمصلحته، ولكن البرلمان المقبل في ليبيا سيكون بإذن الله بدون أي تكتلات سياسية، أو من الممكن أن نقول، من دون أجسام سياسية سواء أحزاب أو خلافه، وسيكون هذا الأمر إيجابيا". وأكد ضرورة عدم إغفال أن المؤسسات الحزبية هي أفضل مؤسسات تأتي لتثقيف الشعب ولخدمة المواطن بالدرجة لأولى من الناحية السياسية، فلا يمكن بأي حال من الأحوال وجود سياسة وديمقراطية ودولة ديمقراطية بدون أحزاب، وهكذا العالم الديمقراطي من حولنا يتواجد به أحزاب وفئات مختلفة".
وعن اتفاقه مع من يقول إن قانون (العزل السياسي) فرغ ليبيا من الكوادر وبالتالي لم يكن باستطاعة الرئيس السابق وغيره تحسين الأوضاع بشكل جيد وسريع، قال معيتيق "في اعتقادي، أية حكومة تأتي إلى السلطة يجب أن تأتي ببرنامج، وهذا البرنامج لا يعتمد على الأشخاص بل على الرؤى والاستراتيجيات، وقد استطاع الرئيس السابق السيد علي زيدان تشكيل حكومة كاملة الأعضاء موجودة على أرض الواقع، وبها كفاءات شابة وفئات مختلفة وتمتلك كل المقومات والقدرة على الإنجاز". وأضاف "الإدعاء بأن البلد تقف على مجموعة معينة ولا تستطيع أن تكون قادرة على إنجاب أشخاص آخرين أمر خاطئ، فنحن نعلم بأن الأوطان لا تقاد بمجموعة معينة، بل تقاد وفق استراتيجيات وبرؤى بعيدة المدى، لأن عجلة التنمية في البلد لا تتوقف على كفاءة مجموعة من الأفراد لنبقي عليهم سنوات طويلة في تسيير شؤون البلاد، هذه الطريقة في التفكير يجب أن نبتعد عنها، فنحن نريد وضع استراتيجية لإقامة دولة مؤسسات وليس دولة أشخاص".
وعن سبل خروج ليبيا من الأزمات الحالية، قال رئيس وزراء ليبيا السابق إن جزءا كبيرا من المشكلة في ليبيا يعود إلى طيف سياسي موجود ولا يريد أن يتزحزح عن مكانه، وهذا الطيف السياسي عليه أن يفهم أن ليبيا قادرة على خلق أشياء جديدة وإحداث نقلة وتغيير إيجابي بسواعد الشباب الذين يستطيعون قيادة البلد، والمطلوب الآن، هو توسيع دائرة الحوار الوطني لتشمل جميع الليبيين، وتجمعهم على طاولة النقاش والبحث والمفاوضات، ليعرف كل منهم ماذا يريد الآخر، والسعي معا إلى تحقيق مبدأ المصالحة الوطنية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق