ليبيا المستقبل _بوابة إفريقيا الإخبارية: أصبحت القاعدة الأمريكية التي أقيمت على الساحل الليبي لتدريب عناصر الجيش الليبي على مكافحة الإرهاب، ملاذا للإرهابين ولتنظيم القاعدة أحكم قائد جهادي ذو ارتباط قديم بتنظيم القاعدة السيطرة على معسكر سري أقامته القوات الأمريكية الخاصة في الساحل الليبي لاقتناص المقاتلين الإسلاميين، وذلك بحسب تقارير إخبارية محلية ومواقع الكترونية جهادية وجاء تأكيده على لسان مسؤولين أمريكيين. هذا وقد بدأت قوات القبعات الخضراء الأمريكية، صيف 2012، في إعداد قاعدة عسكرية أمريكية، 27 كيلومترا غرب طرابلس لتأهيل وتطوير قوات ليبية خاصة وتدريبها على مكافحة الإرهاب. وبعد سنتين من إنشائه، وقع المعسكر تحت قبضة تنظيمات ذات صلة مباشرة بالقاعدة بهدف إثارة الفوضى في مرحلة ما بعد القذافي. وقد أفادت تقارير إعلامية الأسبوع الماضي أن هذا المعسكر، الذي يعرف بمسمى الـ27 نسبة إلى المسافة بين طرابلس وتونس، يوجد حاليا تحت قبضة إبراهيم أبو بكر تنتوش الشريك المخضرم لبن لادن والذي كان قد أعلن عن اسمه لأول مرة كعضو ضمن شبكة دعم تنظيم القاعدة سنة 2002 من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة. كما ذكرت التقارير ان تنتوش يوجد الآن على رأس مجموعة من المقاتلين السلفيين المنتمين سابقا إلى القاعدة الليبية. والغريب أن تنتوش يقود معسكرا كانت الولايات المتحدة وليبيا تتخذان منه مكانا لتدريب قوات ليبية خاصة للقبض على مقاتلين من أمثال تنتوش.
وقد صرح مسؤول بوزارة الدفاع الامريكية لديلي بيست أن تقارير وسائل الاعلام جاءت مطابقة للتقارير الاستخباراتية الأمريكية الواردة من ليبيا. وقال مسؤول آخر من واشنطن أن المحللين الاستخباراتيين كانوا على علم بهذه التقارير لكنهم انتظروا حتى يتحققوا منها على أرض الواقع. وفي المقابل رفض متحدث باسم القيادة الأفريقية الأمريكية التعليق على الخبر. وكان تنتوش نفسه أكد ليلة الثلاثاء الماضي خلال مقابلة مع التلفزيون الليبي أنه متواجد في ليبيا، لكنه نفى أن تكون له أية صلة مباشرة أو غير مباشرة مع المعسكر المذكور. وفي نفس المقابلة، نفى تنتوش، الذي اتهم عام 2000 بضلوعه في تفجير سفارتين تابعتين للولايات المتحدة في افريقيا سنة 1998، أي صلة له بالأعمال الإرهابية لتنظيم القاعدة. كما تباهى بسفره إلى ليبيا بواسطة جواز سفر مزور. وفقا لأحد المسؤولين الأمريكيين الذين تتضمنهم قائمة برنامج التدريب، أصبح المعسكر اليوم "منطقة محرمة". وإلى حدود اللحظة لم تنقل الصحافة الغربية أية معلومات حول كون القاعدة التي كانت تستخدم لتدريب قوات العمليات الخاصة الليبية قد تم الاستيلاء عليها من قبل مقاتلين كان من المفترض أن تعثر وتجهز عليهم هذه القوات. إن قضية هذه القاعدة بمثابة تذكير مدوي للولايات المتحدة بأنها لم تكسب بعد حربها مع القاعدة بالرغم من نجاح الغارة التي قادتها إلى قتل مؤسسها وزعيمها في عملية 2011. وهذا يبقى صحيحا على الأقل بالنسبة للقاعدة في ليبيا. فمنذ ذكرى الهجوم على البعثة الدبلوماسية الأمريكية في بنغازي في شتنبر 2011، توسع نفوذ الجماعات الجهادية والتنظيمات التابعة للقاعدة في معظم المناطق بليبيا. والأخبار التي تفيد أن المخضرم تنتوش هو الآن المسؤول عن قاعدة عسكرية تبعد 27 كيلومترا فقط عن العاصمة الليبية يظهر مدى تدهور الوضع الأمني في ليبيا.
أوضح سيث جونز، وهو خبير في شؤون تنظيم القاعدة بمؤسسة راند، أن ليبيا تشكل في الوقت الراهن ملاذا للعديد من التنظيمات الموالية للقاعدة في شمال افريقيا. وأضاف أن "هناك العديد من معسكرات التدريب تابعة لمجموعات جهادية انتشرت جنوب غرب وشمال غرب ليبيا وفي ضواحي مدينة طرابلس وكذا في شمال شرق ليبيا وفي محيط مدينة بنغازي". وأضاف دافيد غرتنشتاين، وهو ناشط بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، بقوله، "لقد اكتشفا منذ وقت قصير أن الجماعات الجهادية أقامت معسكرات تدريب في جميع أنحاء ليبيا. وهذا أمر مهم للغاية نظرا لقرب هذه التربصات من مدينة طرابلس، فبدلا من إقامتها في مناطق نائية، تمكن الجهاديون من الاستيلاء على قاعدة كانت تستخدمها الحكومة الليبية".
"لا أعتقد أنهم سيمكثون لفترة طويلة جدا في هذا المعسكر لأنه محاذ لمدينة طرابلس والحكومة الليبية تعرف جيدا موقعه". كما قال مسؤول أمريكي أن القوات الأمريكية الخاصة كانت قد شرعت في إعادة تهيئة هذه القاعدة في صيف 2012، قبل حلول ذكرى هجوم شتنبر 2011 على بنغازي. لكن التدريبات الفعلية لم تنطلق سوى شتاء 2012. وأشار أحد المسؤولين في الدفاع الأمريكي أن البرنامج الأولي في معسكر ال27 كان يتوخى تدريب مائة جندي من القوات الليبية الخاصة. حتى هذا الهدف المتواضع لم يكن في المتناول على الميدان. "لم يحقق البرنامج النتائج التي كنا نرجوها نحن والليبيون معا"، يقول كارتر هام، الجنرال المتقاعد وقائد القيادة الأفريقية الأمريكية حين تم تأسيس برنامج التدريب الأولي. ورغم أن هام صرح انه لم يكن على علم بالتقارير الأخيرة التي تفيد بأن القاعدة أصبحت في قبضة شخصية تنتمي لتنظيم القاعدة، إلا أنه اعترف بوجود تحديات كبرى، بدءا من غموض قيادة الجيش الليبي والوضع الأمني على أرض الواقع، جعلت من الصعوبة استمرار تدريب قوات العمليات الخاصة.
"كانت عملية اختيار هذه الوحدة والجنود الليبيين المرشحين للمشاركة في البرنامج غير دقيقة بالشكل الذي كنا نتوخاه"، يتابع هام، مضيفا، "لكن القرار كان في أيدي الليبيين، إذ كان عليهم أن يحسموا في تركيبة هذه الوحدة والعناصر الذي يجب أن ينضموا لهذا البرنامج". وقال انه يتذكر اجتماعا عقده مع مجموعة صغيرة مكونة من قادة ناشئين وقع عليهم اختيار المدربين، "كان الأمر مشجعا"، يضيف هذا المسؤول. "لم تكن الاختيارات موسعة كما كنا نريد. فالميليشيات التي انحدر منها هؤلاء الرجال لم يكن لديها بالتأكيد لا الخبرة العسكرية الكافية ولا الإلمام بالنظام التراتبي للجيش". سارت الأمور بشكل سلبي في معسكر الـ27 شهر يونيو 2013 عندما اقتحمت ميليشيتان متناحرتان مرافق التدريب واستولتا على المعدات هناك. حصل ذلك في الوقت الذي لم يكن فيه أي موظف أمريكي في القاعدة، وفقا لاثنين من المسؤولين الأمريكيين الذين تحدثوا إلى ديلي بيست دون الكشف عن هويتهما. أما الجنود الذي كانوا يتولون حراسة القاعدة فقد كانوا ليبيين.
ومع ذلك، كان في القاعدة الكثير من الأسلحة الأمريكية التي انتهت بين أيدي الميليشيات المغيرة. وقد تم الإبلاغ عن تلك الغارات أولا من قبل قناة فوكس نيوز. هذا وأكد مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية هذه التقارير وقال إن المهاجمين تمكنوا من الاستيلاء على مناظير للرؤية الليلية وبنادق إم-4 ومسدسات ومركبات عسكرية إضافة إلى معدات وذخائر. لقد كان ظهور تنتوش مقلقا وبالخصوص بالنسبة للمسؤولين الأمريكان. إذ يعتبر واحدا من الأعضاء المؤسسين لشبكة القاعدة. في سنة 2000، وجهت له تهمة المشاركة في التخطيط لهجمات 1998 التي انتهت بتفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا. وحسب هيئة الأمم المتحدة، كان تنتوش قائدا لمجموعة تدعم القاعدة ومقرها في بيشاور، كانت معروفة بجمعية إحياء التراث الإسلامي. في مقابلة الثلاثاء مع التلفزيون الليبي، صرح تنتوش على أن عمله في بيشاور كان ذا طبيعة إنسانية محضة.
وقال جونز، "إن لتنتوش تاريخا طويلا منذ أيام بيشاور مع كبار قادة القاعدة بمن فيهم أسامة بن لادن. وقد شارك في تمويل وتسهيل أنشطة تنظيم القاعدة وانه كان على علاقة مع الجماعات الجهادية في ليبيا منذ وقت بعيد". كان تنتوش أيضا عضوا بارزا في جماعة موالية لتنظيم القاعدة في ليبيا كانت معروفة آنذاك بجماعة القتال الإسلامية الليبية. وفي سنة 2000، فكك الديكتاتور الليبي السابق معمر القذافي هذا التنظيم، مما دفع بعض قادتها إلى العودة إلى القاعدة. (لم يكن تنتوش واحدا من هؤلاء ). رغم ذلك استطاعت المجموعة مساعدة تنظيمات القاعدة في العراق انطلاقا من ميناء مدينة درنة الذي استخدم لإرسال المقاتلين المتطوعين للجهاد ضمن صفوف القاعدة في العراق طيلة العقد الماضي. أما اليوم فتشكل درنة نقطة عبور رئيسية للمتطوعين الراغبين في الانضمام لحرب القاعدة المقدسة في سوريا. لم تكن الأمور لتنتهي بهذه الطريقة. فقد تم الترخيص لبرنامج تدريب القوات الليبية الخاصة بموجب البند 1208 من قانون إقرار الدفاع الوطني. إنه يختلف عن بعثات التدريب الخاصة الأخرى لأن تمويله على وجه التحديد موجه لتعويض الحكومات الأجنبية مقابل دعمها لمكافحة الإرهاب. أما العمليات الخاصة الأخرى - المعروفة أحيانا بالبرامج "البيضاء" فهي تهدف لبناء جيش آخر في ليبيا. وقد صممت هذه البرامج للمشاركة في عمليات القوات الأمريكية الخاصة سيلز ودلتا.
"من الناحية العملية هذا يعني أنه كان من المفترض أن يشارك هؤلاء الجنود في مهام مع قواتنا"، يقول المسؤول في الدفاع الأمريكي. "لكن ذلك لم يحدث أبدا". كان هجوم يونيو الماضي كافيا لوأد الجهود التي بذلناها في التدريب. فقد ألغى سفير الولايات المتحدة هذا البرنامج في ليبيا من أجل ضمان حماية الموظفين الأمريكيين والحفاظ على المعدات التي نقلت إلى هناك. وهو الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن. هذا ولم يستجب المتحدث باسم السفارة الأميركية في طرابلس لاستفساراتنا في هذا الموضوع. وقال مسؤول أمريكي ان وزارة الدفاع تدرس الآن خطة لإجراء تدريبات العمليات الخاصة لفائدة الليبيين في إحدى دول أوروبا الشرقية. في الوقت الراهن، يبدو أن ليبيا تحاول الاستفادة قدر الإمكان من المساعدات التي يمكن الحصول. عناصر إرهابية محلية وأخرى أجنبية ساعدت الجماعات الجهادية على ربح العديد من المكاسب الهامة في جميع أنحاء ليبيا واستخدام هذه الأراضي لتنقل المقاتلين عبر جميع أنحاء المنطقة. "عموما أصبحت ليبيا معبرا رئيسيا للمقاتلين الأجانب الراغبين في الالتحاق بسوريا عبر أفريقيا"، يقول مسؤول في الدفاع الأمريكي.
في مارس الماضي، قدر الجنرال ديفيد رودريغيز، الذي خلف هام على رأس القيادة الافريقية الأمريكية - في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ ان بضعة آلاف من المقاتلين الأجانب قد انتقلوا إلى سوريا عبر شمال غرب افريقيا. وقال أيضا أن القاعدة واصلت التنسيق لعملياتها وأنشطتها من خلال تبادل الخبرات والموارد في جميع أرجاء المنطقة. والآن هؤلاء المقاتلون يتوفرون على قاعدة بالقرب من مدينة طرابلس ولديهم مجموعة من العتاد المتطور. "إن التحدي الأكبر الذي يواجهنا هو تنقل تلك الذخائر والأسلحة والمتفجرات من ليبيا في اتجاه جميع أنحاء شمال غرب أفريقيا"، يخبر الجنرال اللجنة. وعندما سئل عما إذا كانت تلك الأسلحة قد ساعدت تنظيم القاعدة في افريقيا، أجاب رودريغيز، "إن هذه الأسلحة تمد فعلا القاعدة بالدعم في كل أنحاء شمال غرب افريقيا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق