استعراض عسكري لتنظيم يرفع علم «القاعدة» في درنة وسط غياب أمني
ليبيا المستقبل
الشرق الأوسط: تزايدت أمس حدة المشكلات السياسية والعسكرية التي تواجهها السلطات الليبية، بعدما رفع مسلحون متطرفون علم تنظيم القاعدة وجابوا شوارع مدينة درنة (شرق البلاد) في أحدث استعراض عسكري للقوة من نوعه، في غياب تام لمختلف أجهزة الأمن وقوات الجيش الحكومية. وأعلن تنظيم ما يسمى بـ«مجلس شورى شباب الإسلام» بالمدينة التي تعتبر معقلا للجماعات الإسلامية المتطرفة في ليبيا، اعتزامه إرسال دوريات إلى البوابات الشرقية والغربية في درنة، وقال إنه «سيفتح باب التطوع لشباب المدينة للانضمام إليه». وحدد التنظيم الذي تجول العشرات من أتباعه على متن سيارات دفع رباعي مزودة بأسلحة متوسطة ومدافع في شوارع المدينة من دون أن تعترض طريقهم أي جهة، مهمته في حماية المدينة وفض المنازعات ورد الحقوق تحت ظل الشريعة الإسلامية. وهذه هي المرة الثالثة التي يرفع فيها مقاتلون متشددون علم تنظيم القاعدة في شوارع درنة التي تشهد منذ انهيار نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومقتله عام 2011 انهيارا أمنيا وتصاعدا في عمليات الاغتيال والتفجيرات بشكل شبه يومي. ولم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات الليبية على هذا الاستعراض العسكري، علما بأن حكومة رئيس الوزراء الليبي المقال علي زيدان أعلنت أكثر من مرة عزمها فرض الأمن والاستقرار عبر إرسال قوات من الجيش والشرطة إلى المدينة، لكنها لم تفعل لأسباب مجهولة. وترددت أمس معلومات غير رسمية عن اعتزام تنظيم أنصار الشريعة المتطرف أيضا إعلان درنة إمارة إسلامية منفصلة عن الدولة الليبية، في تطور ينذر بالخطر الداهم على وحدة البلاد وفقا لما يراه مراقبون محليون. ودرنة مدينة ساحلية تطل على البحر المتوسط وهي معروفة في المنطقة بأنها مركز تجنيد للمقاتلين الذين شاركوا في حروب في العراق وأفغانستان وسوريا، فيما تشهد ليبيا تصاعدا في وتيرة العنف خلال الأسابيع القليلة الماضية حيث تحاول الحكومة بسط سلطتها في بلد يموج بالسلاح ويعاني من تجاوزات أفراد الميليشيات المسلحة. إلى ذلك، تعرضت بوابة مدينة أجدابيا الشرقية فجر أول من أمس إلى هجوم شنه ثلاثة مجهولين وأدى إلى إصابة أحدهم وفقا لما أعلنه آمر القاطع الحدودي العقيد بشير بو ظفيرة.
من جهة أخرى، تحدثت مصادر ليبية مسؤولة عما وصفته بانهيار مفاجئ للمحادثات السرية بين إبراهيم الجضران زعيم المكتب السياسي لإقليم برقة الذي يطالب بالمزيد من الحكم الذاتي وبعض أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) ووسطاء قبليين بهدف التوصل إلى اتفاق لإنهاء أزمة الموانئ النفطية المغلقة منذ منتصف العام الماضي في شرق ليبيا. وكشفت المصادر التي طلبت حجب هويتها، لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن الاتفاق يواجه تعثرا كبيرا بعدما تنصلت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني منه ونفت علمها به، وهو نفس الموقف الذي اتخذه نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني قبل يومين. وبدا أن الجضران يواجه صعوبات في إقناع بعض مساعديه بأهمية الاتفاق الذي يسمح للحكومة المركزية في طرابلس باستئناف سيطرتها على حقول وموانئ النفط مقابل منح بعض الصلاحيات إلى إقليم برقة بشكل غير معلن. واستقال أول من أمس سبعة من أعضاء المكتب السياسي لإقليم برقة الذي يترأسه الجضران احتجاجا على ما وصفوه بانفراده باتخاذ القرارات فيما يتعلق بالمفاوضات السرية مع جهات برلمانية وقبلية مدعومة من طرابلس. وانشق جضران، وهو مقاتل سابق ضد قوات القذافي وكان رئيسا لحرس المنشآت النفطية في منطقة الهلال النفطي، ومجموعته عن الحكومة المؤقتة المركزية بسبب ما قالوا إنه سرقة للنفط وبيعه دون وحدات قياس. وأغلقوا إثر ذلك حقول النفط والموانئ الرئيسة في البلاد والتي يقع معظمها في الشرق منذ يوليو (تموز) عام 2013، قبل أن يشكلوا لاحقا مجلسا سياسيا لإقليم برقة ليطالبوا من خلاله بقيام نظام فيدرالي في ليبيا وأعلنوا عن حكومة اتحادية أحادية الجانب.
في السياق ذاته، أكملت ناقلة النفط الكورية الشمالية «مورننغ غلوري» تفريغ حمولتها بمصفاة الزاوية أمس في نهاية لقصة هروبها المثير للجدل بعدما كانت تحمل شحنة نفط خام تم شحنه بطريقة غير شرعية من ميناء السدرة الليبي خلال الشهر الماضي، وتسلمتها القوات البحرية الليبية من القوات البحرية الأميركية بعد أن سيطرت عليها في المياه الدولية. من جانب آخر، أعلنت الحكومة الليبية أن التصريحات التي أدلى بها مؤخرا وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز عن عودة النظام الملكي إلى ليبيا من جديد، هي تصريحات تعكس وجهة نظره الخاصة ولا تمثل وجهة نظر الحكومة. وقالت الحكومة في بيان بثته عبر موقعها الإلكتروني، إن «نظام الحكم في ليبيا سيكون اختيارا حرا للشعب الليبي بناء على ما ستقترحه الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور». وكان عبد العزيز، قد اعتبر خلال حضوره القمة العربية في الكويت مؤخرا، أن عودة الملكية، تمثل الحل والضمان لاستعادة الأمن والاستقرار، مؤكدا أن هذا الخيار «مطروح بقوة على الساحة الليبية». كما كشف عن اتصالات بين وجهاء وقيادات القبائل الليبية، وأيضا مع محمد السنوسي، وهو حفيد ولي العهد الليبي الراحل الحسن الرضا السنوسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق