وكالة الانباء الليبية
تقرير . طرابلس 14 ديسمبر 2013 ( وال ) - يبدو أن بحر الصين الذي طالما اعتُبِر، واحد من بؤر التوتر الثلاث الكبرى في شرق آسيا بدأت أمواجه تتلاحق من جديد ، فقد جاء إعلان الصين مؤخرا عن نشر قوات تابعة لها في جُزُر باراسل في أعقاب شهر من تصعيد أصحاب المطالب الإقليمية المتنافسة لنبرة خطابهم، وبعد أن أصبح تواجد سلاح البحرية الصيني في المناطق المتنازع عليها أكثر وضوحا. وعلى اثر ما اعلنته الصين من اجراءات تقوم بها فوق بحر الصين الشرقي عقدت الدول الاعضاء في رابطة جنوب شرق آسيا (اسيان) قمة اختتمت اليوم السبت في طوكيو صدر في ختامها بيان مشترك اكد فيه المجتمعون على العمل معا من اجل ضمان حرية الطيران" وشدد الاعضاء على "المعايير العملية التي اوصت بها المنظمة الدولية للطيران المدني" في هذا الشأن. وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو ابيه الذي تلى بيان القمة اتفقنا على مزيد من التعاون لضمان حرية التحليق وامن الطيران المدني في اطار احترام المبادئ العالمية التي يعترف بها القانون الدولي بما فيها معاهدة حق البحار الموقعة في العام 1982". وفي تصريح للرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانغ يوديونو اعرب فيه عن "قلق بلاده الشديد من احتمالات نشوب خلافات قد تتحول إلى نزاعات مفتوحة تؤثر سلبا على كل دول المنطقة". وقال من الأهمية بمكان أن نبقي على قنوات الاتصال مفتوحة لتفادي الأفعال غير المحسوبة التي قد تقع داخل المناطق المتنازعة". ومن جانبه، قال رئيس الفلبين بنينو أكوينو: "أكدنا التزامنا بتفعيل حكم القانون وبالدعوة إلى حل النزاعات سلميا، وكذلك بتأكيد حرية الطيران في المجال الجوي الدولي"، غير أنه لم يخص الصين بالذكر. وأما الصين فقد أعلنت أن الطائرات المحلقة في هذا المجال يجب أن تخضع لبعض القواعد التي تتبناها هذه المنطقة، ومن بينها تقديم خطط الطيران والتعريف بهويتها. واشارت الصين الى أن طائرات حربية تابعة للولايات المتحدة ولليابان ولكوريا الجنوبية تحدت هذه الشروط بتحليقها دون إخطار مسبق. وقالت واشنطن إن إعلان الصين منطقة دفاعها الجوي هو رغبة فى تغيير الوضع القائم بقرار منفرد. وقدمت اليابان مسودة في قمة رابطة جنوب شرق آسيا شبه النهائية للاستراتيجية الأولى للأمن القومي التي تدعو إلى جيش ياباني أكثر قوة مقابل التوسع العسكري الملحوظ للصين في المنطقة.وأكدت على ضرورة ان توسع اليابان في تحالفاتها العسكرية مع دول أخرى بخلاف الولايات المتحدة لمواكبة التغيرات التي يشهدها النفوذ الأمريكي في المنطقة مع تعزيز الروابط القائمة منذ أمد طويل بين الدولتين.وحثت الحكومة اليابانية على الارتقاء بقدرات الدفاع البحرية في جنوب غرب البلاد مستشهدًة باختراق الصين للمجال الجوي والمياه الإقليمية اليابانية في المنطقة الشرقية من بحر الصين حيث الجزر المتنازع عليها. ومن جهة اخرى أعلنت كوريا الجنوبية توسيع منطقة دفاعها الجوي بحيث تتداخل جزئيا مع منطقة أخرى أعلنتها الصين في الآونة الأخيرة وأن وزارة الدفاع في كوريا الجنوبية سوف تنسق الأمر مع "الدول ذات الصلة". وفي 23 نوفمبر الماضي، اعلنت بكين اقامة منطقة دفاع جوي تغطي مساحة كبيرة من بحر الصين الشرقي، بين كوريا الجنوبية وتايوان، وتضم خصوصا جزر سينكاكو الخاضعة لسيطرة طوكيو والتي تطالب بكين بالسيادة عليها تحت مسمى دياويو. وعلى اثر ذلك تصاعدت حدة التوتر بين طوكيو وبكين، مع استدعاء كل من البلدين سفير البلد الاخر، على اثر قرار صيني بفرض مراقبة جوية على قسم كبير من بحر الصين الشرقي. فقد استدعت اليابان الدبلوماسي الصيني للاحتجاج على قرار الصين من جانب واحد اقامة "منطقة دفاعية جوية" تشمل جزر سنكاكو، الارخبيل الخاضع لسيطرة اليابان، وتطالب به الصين باسم دياويو. وفي الوقت نفسه تبلغ الموفد الياباني الى بكين "استياء الصين الشديد واحتجاجها الرسمي على المغالاة المخالفة للصواب" من قبل طوكيو في هذه القضية. وقد ردت اليابان التي تحظى بدعم كبير من واشنطن، صراحة على قرار بكين السعي الى فرض قانونها في الاجواء، وتحدث رئيس وزرائها شينزو ابي، عن قرار "خطر". وقال ابيه في جلسة مساءلة في مجلس الشيوخ الياباني: "انني قلق جدا لانه امر خطير جدا، يمكن ان يؤدي الى حادث غير متوقع". وكانت وزارة الدفاع الصينية اوضحت في وقت من هذا الاسبوع، ان انشاء هذه المنطقة ترافقه قواعد ينبغي ان تتبعها كل الطائرات التي تعبرها، والا تدخلت القوات المسلحة. وسيتعين على الطائرات خصوصا تقديم خطة رحلتها بدقة، وتبليغ واضح عن تابعيتها، والمحافظة على اتصالات لاسلكية تسمح بـ "الرد بشكل سريع ومناسب على طلبات التحقق من الهوية" من السلطات الصينية. ومن جهة اخرى تحدث وزير الخارجية الياباني، فوميو كيشيدا عن "خطوة احادية الجانب تعزز "خطر حصول احداث لا يمكن توقعها في المنطقة". واكدت طوكيو بوضوح انها لا تعتزم الالتزام بهذه المنطقة، التي ليس لها اي صفة قانونية بالنسبة لليابان" بحسب وزير الخارجية. وهذه الخطوة الخطرة في بحر الصين الشرقي، تثير على ما يبدو قلق الولايات المتحدة، التي تعتبر الحليف الاساسي لليابان، الى اقصى حد. وندد وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاحد بـ "قرار احادي" محذرا من ان "التصعيد لن يكون من شأنه سوى زيادة التوترات في المنطقة (...) وخطر حصول حادث". وطلب كيري من بكين "بالحاح" عدم اتخاذ اي تدابير في حال دخول طائرات الى هذه المنطقة. وبدوره، اعتبر جوش ارنست مساعد المتحدث باسم الرئيس الاميركي باراك اوباما في تصريح على متن الطائرة الرئاسية ان "هذا الاعلان الصادر عن الحكومة الصينية تصعيدي". وقال ارنست، ان هناك "خلافات اقليمية في هذا الجزء من العالم، وهذه الخلافات ينبغي حلها بالطرق الدبلوماسية". والجدير بالذكر انه ومنذ اكثر من عام سجلت العلاقات الصينية اليابانية ادنى مستوياتها بسبب شراء الدولة اليابانية ثلاثا من جزر سنكاكو، من مالكها الياباني الخاص، في شهرسبتمبرمن العام 2012. وهذا القرار اغضب بكين، وتسبب بتظاهرات معادية لليابان، استمرت اسبوعا وتخللتها اعمال عنف في سائر ارجاء البلاد الصينية. ومنذ ذلك التاريخ بدأت الصين ترسل و بشكل منتظم، سفنا لحرس سواحلها الى المياه الاقليمية للارخبيل، واحيانا طائرات لتؤكد سيادتها عليها. ويقول امراقبون أن الصين باعلانها "منطقة جوية للتحقق من الهوية" لم تعد بكين تكتفي على ما يبدو بـ "اختبار" او حتى تحدي طوكيو، بل تسعى الى فرض مراقبة فعلية لهذه المنطقة البحرية على الاقل جوا. وهذا الاجراء الصيني لم يجعل كوريا الجنوبية، الحليف الكبير ايضا لواشنطن ان تنظر، بعين الرضا الى الخطوة الصينية، واعلنت انها عازمة على ابقاء سيطرتها على منطقة يقع جزء منها ضمن منطقة الدفاع الجوي الصينية، واعتبرت القرار الصيني امرا "مؤسفا". ومن جانب حكومة تايوان الموالية للصين، والتي تطالب ايضا بجزر سنكاكو او دياويو، نشرت بيانا مؤخرا قالت فيه، انها لا تشعر بانها مرتبطة بقرار بكين. وفي اطار التصعيد الكلامي بين طوكيو وبكين، كتبت صحيفة "غلوبال تايمز" المقربة من السلطات، في افتتاحية لها ان اليابان تمارس ازدواجية في المعايير، بعد ان اقامت طوكيو منطقتها الخاصة للدفاع الجوي، والتي لا تبعد حدودها سوى 50 كلم عن السواحل الروسية، و130 كلم عن السواحل الصينية. وكتبت الصحيفة ان طوكيو "تبدو خبيثة ووقحة في اعتراضها على بكين"، مذكرة في هذا الاطار بان "الصين لديها كل الاسباب المحقة والمشروعة في اقامة منطقة مشابهة بدورها". واضافت الصحيفة "ما ستقوم به طوكيو بشأن المنطقة ومناطق الدفاع الجوي المتقاطعة (بين البلدين) سيكون حاسما على صعيد السلام والاستقرار في منطقة بحر الصين الشرقي". وحذرت من انه "في حال ارسلت اليابان طائرات حربية بهدف +اعتراض+ المقاتلات الصينية (المحلقة في اجواء المنطقة)، فإن القوات المسلحة لبكين سيكون لها الحق في اعتماد تدابير دفاعية طارئة". وفي اواخر شهراكتوبرالماضي وعلى اثر القيام بدورية صينية حول سنكاكو، تصاعدت اللهجة بين الجانبين. وللمرة الاولى منذ تفاقم خلافهما قبل سنة، استخدمت بكين وطوكيو عبارات حربية. وكان وزير الدفاع ايتسونوري اونوديرا، صرح ان عمليات التوغل البحرية الصينية حول جزر سنكاكو تهدد السلام، وتشكل "منطقة رمادية" بين "زمن السلم ووضع الطوارىء". وقبل ايام، استخدمت وزارة الدفاع الصينية عبارة "فعل حرب" لتحذر طوكيو من مغبة اي تحرك ضد طائراتها. وبحر الصين الشرقى يُعتبر ثاني أكثر الممرات البحرية على مستوى العالم ازدحاماً بالحركة، حيث يمر ثلث الشحن العالمي من خلاله . وهناك المزيد من الدول المجاورة التي تتقدم بمطالبات أكثر لأجزاء متزايدة من بحر الصين وتميل إلى تعزيز هذه المطالبات بتطعيمها بنعرات قومية أكثر حدة على نحو لم يسبق له مثيل في حالة أي مسطح مائي آخر على مستوى العالم. والآن يُنظَر إلى هذا البحر باعتباره أرض اختبار رئيسية للمنافسة الصينية الأميركية، حيث تمد الصين جناحيها الجديدين، وتحاول الولايات المتحدة تقليمهما بالقدر الكافي للحفاظ على تفوقها الإقليمي والعالمي. / وال /
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق