وكالة الانباء الليبية
إعداد : محرر الشؤون المحلية . طرابلس 23 نوفمبر 2013 (وال) - تابع الليبيون على مدى عام ونصف العام جلسات المؤتمر الوطني العام وهو الآن يقترب من نهاية ولايته " بحسب بعض التفسيرات للإعلان الدستوري " وكان يفترض أن يكون "برلمانا استثنائيا" لحالة ليبيا الاستثنائية في إطار ما بات يعرف بدول ثورات الربيع العربي ، لكن للأسف الشديد لم يكن في مستوي الطموحات أو المرحلة الانتقالية بتعقيداتها وأزماتها ، فطغت عليه ثقافات وتوجهات مصلحية وأيدلوجية لاتصنع دول حضارية وهي ثقافات قبلية وجهوية وحزبية غابت عنها مصلحة ليبيا وكان واضحا أن الحراك الشعبي الذي شهدته طرابلس الأسبوع الماضي ضد "التواجد الميليشياوي" تجاوز مساحات التفكير لدى أعضاء هذا المؤتمر. عاشت بلادنا منذ خطاب إعلان التحرير من صدمة إلى صدمة أعمق وأشد ضراوة ..فبعد انتهاء ولاية المجلس الوطني الانتقالي الذي غاب جل أعضاؤه باستثناء رئيس المجلس المستشار مصطفى عبد الجليل عن المشهد اليومي ، فمنهم من عينوا كسفراء وممثلين لليبيا في منظمات دولية أو إقليمية أو رؤساء شركات مشتركة استثمارية ومصارف ، انتخب الليبيون ، لأول مرة بالنسبة لأكثر من 80 % منهم ، حيث لم تشهد البلاد أي استحقاق انتخابي منذ ما يربو عن نصف قرن، أعضاء المؤتمر الوطني العام مدفوعين بتطلعهم لبناء دولة المؤسسات والعدالة والقانون وتحقيق التنمية ورفع مستوى التعليم والصحة وإشاعة ثقافة السلام والمحبة ونبذ العنف والإرهاب وتحقيق الاستقرار والأمن الشخصي والمجتمعي واللحاق بركب الدول النامية خاصة وأن لديهم كافة الموارد المالية لتحقيق ذلك ، إلا أنهم فوجئوا بمؤسسة كانت تتجسد فيها كافة المشاهد الصادمة التي عرفتها ليبيا بعد التحرير وحتى اليوم بسبب احتضان أعضاء هذا المؤتمر لمدنهم وقبائلهم وعشيرتهم على حساب احتضان الوطن ، ليبيا. وانعكست الخلافات التي كانت تستعر تحت أول قبة منتخبة في ليبيا على أداء الحكومة المؤقتة الضعيفة أصلا والتي وجدت نفسها مكبلة الأيدي واضطرت في كثير من الأحايين إلى التعامل مع الوضع السائد في المؤتمر على حساب الانحياز لمصلحة ليبيا والليبيين جميعا. وجاءت أحداث الجمعة الدامية التي شهدتها طرابلس لتكشف خطورة الوضع الذي تعيشه البلاد خاصة في ظل "استغوال الميليشيات المسلحة" وانزلاقها في دوائر العنف والتسلط وترويع المواطنين الآمنين وفق أجندات قبلية ومناطقية وجهوية وحزبية ضيقة واستغل فيها كثيرون الدين كوسيلة لبلوغ كرسي السلطة. غير أن سكان طرابلس حزموا أمرهم ورفعوا كافة التحديات لمواجهة "الانتشار الميليشياوي" الذي بات يهدد الأمن والاستقرار ليس في العاصمة فحسب ولكن في عموم البلاد حيث شلت حركة الاقتصاد وتعطلت المؤسسات التعليمية ناهيك عن توقف النشاط الزراعي بالكامل وتعطل المصانع القليلة العاملة في ظل غياب ورفض معظم الشركات الأجنبية العودة إلى السوق الليبي الواعد جدا بسبب انعدام الأمن. ويعتقد العديد من المحللين أن حكومة السيد على زيدان توجد اليوم وفيما تبقى لها من العمر أمام فرصة تاريخية عليها أن تستثمر فيها الزخم الذي جسده الشارع الليبي ليس في طرابلس فحسب بل في سائر أنحاء البلاد لوضع حد "لهذا السرطان الذي نخر جسد الدولة الليبية الوليدة والفتية" على مدى ثلاث سنوات والمتمثل في "الانتشار الميليشياوي" وما سببه من تآكل لموارد الدولة الليبية على كافة الأصعدة. ( وال )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق