كريستين لاجارد- رئيس صندوق النقد الدولىالأناضول - اليوم السابع
قال صندوق النقد الدولى إن دول الخليج من المحتمل أن تواجه عرضا مفرطا فى سوق الطاقة خلال السنوات القليلة المقبلة، بينما تشهد الولايات المتحدة حاليا نموا سريعا فى إنتاج النفط والغاز، بفضل التقدم التكنولوجى وارتفاع الأسعار.
وذكر الصندوق فى تقرير حديث، أنه من المحتمل أن تستمر طفرة الطاقة فى الفترة القادمة، وأن تكون انعكاساتها على أسواق الطاقة العالمية كبيرة، حيث تواجه أسواق النفط ضائقة مؤخرا نتيجة لاضطرابات العرض.
وأوضح التقرير، الذى حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه، أن التقدم التكنولوجى وارتفاع أسعار النفط عالميا أسهما فى إطلاق إنتاج النفط والغاز الصخرى، فانعكس مسار تراجع الإنتاج الذى امتد لفترة طويلة.
وارتفع إنتاج النفط الخام والمنتجات البترولية السائلة الأخرى بنسبة 30% على مدى الخمس سنوات الماضية، مما ساعد على تخفيض صافى الواردات من النفط الخام والمنتجات السائلة ذات الصلة إلى النصف، وارتفع إنتاج الغاز الطبيعى بنحو 25% على مدار نفس الفترة.
وتشير توقعات وكالة معلومات الطاقة الأمريكية إلى ارتفاع إنتاج النفط والغاز الطبيعى الصخرى بمقدار 15% أخرى على امتداد الخمس سنوات القادمة، لكن الآثار الاقتصادية الكلية لهذه التطورات من المرجح أن تكون محدودة فى الولايات المتحدة نتيجة لمساهمة التعدين والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بنسبة صغيرة فى الاقتصاد.
وذكر تقرير صندوق النقد، أن لتزايد إنتاج النفط الصخرى فى الولايات المتحدة تأثير ملموس على موازين النفط العالمية ومن المتوقع أن يؤدى إلى انخفاض الطلب على نفط أوبك فى المستقبل.
وكانت وكالة "ستاندرد أند بورز" العالمية قد ذكرت مؤخرا أنه لا توجد تأثيرات سريعة لزيادة إنتاج دول أمريكا الشمالية من النفط الصخرى والغاز على منتجى النفط والغاز فى دول الخليج، مشيرة إلى أن التأثيرات تكاد تكون معدومة فى الوقت الحاضر.
وتتوقع تقارير متخصصة، أن يصل إنتاج الولايات المتحدة النفطى فى عام 2014 إلى نحو 13.2 مليون برميل يومياً، بينما من المحتمل أن ينخفض استهلاكها من نحو 20 مليون برميل يومياً، فى عام 2003 إلى نحو 18.7 مليون برميل يومياً، فى عام 2013، ما يعنى تقليص الفجوة الأمريكية بين الإنتاج والاستهلاك، بحدود 5.5 ملايين برميل يوميا، وبالتالى فإن الولايات المتحدة لن تكون فى حاجة ماسة لدول الخليج لتوفير الفجوة النفطية بين الإنتاج والاستهلاك لديها، وخاصة مع تراجع تلك الفجوة مع الزمن.
ويقول خبراء، إن الولايات المتحدة لن تتخلى عن النفط العربى بسهولة لأسباب أولها ارتفاع تكلفة إنتاج النفط الصخرى والتى تصل إلى 70 دولار للبرميل الواحد، مقابل تكلفة من 3 إلى 6 دولارات للبرميل فى دول الخليج، إضافة إلى ما يتمتع به نفط الخليج من كثافة لا تتوفر بالنفط الأمريكى.
وتؤكد دراسات دولية، أن إنتاج النفط الصخرى سيضع الولايات المتحدة على قائمة الدول المنتجة للنفط بنهاية العام الجارى 2013، لتسبق بذلك السعودية، التى تعد إلى الآن أكبر منتج للنفط، بحوالى 10 ملايين برميل يوميا.
ومن المحتمل ارتفاع الطاقة الفائضة لدى أوبك إلى نحو 7 ملايين برميل يوميا على المدى المتوسط لتحقيق التوازن فى السوق، بينما تذكر بعض التوقعات من القطاع الخاص، مثل شركة بريتيش بتروليم، أن الطلب على نفط أوبك سيظل ثابتا أو يهبط لبعض الوقت، وسيتوقف هذا الأمر إلى حد بعيد على استمرارية طفرة الإنتاج فى الولايات المتحدة التى تواجه قيودا فى البنية التحتية وقيودا تنظيمية وبيئية.
ويقول التقرير إن انعكاسات طفرة إنتاج النفط الصخرى فى الولايات المتحدة ستكون محدودة فى الأجل القصير على منتجى الغاز فى الشرق الأوسط، نتيجة للتجزؤ الجغرافى لسوق الغاز الطبيعى، ومن المتوقع أن تؤدى هذه الأوضاع فى سوق النفط إلى فرض ضغوط خافضة للأسعار على المدى المتوسط.
وما لم تقع صدمات كبيرة، فإن من شأن ارتفاع الطاقة الفائضة لدى أوبك أن يحمى سوق النفط من انقطاع العرض، ومن ثم الحد من احتمال حدوث ارتفاع مفاجئ فى أسعار النفط.
ويذكر التقرير أنه نظرا لحظر تصدير النفط الخام بموجب القانون فى الولايات المتحدة، فإن تصحيح الأوضاع فى السوق العالمية يرجع فى جانب كبير منه إلى انخفاض واردات الولايات المتحدة من النفط الخام وزيادة تصدير المنتجات النفطية، وأصبحت أمريكا مُصَدرا صافيا للمنتجات النفطية.
ويقول التقرير إن نمو إنتاج النفط الصخرى من النوع الخفيف فى الولايات المتحدة على وجه الخصوص أضر بالبلدان المصدرة للدرجات الخفيفة، مثل الجزائر ونيجيريا، فتراجعت صادراتها إلى الولايات المتحدة بما يتراوح ما بين 60- 80% تقريبا على مدى الخمس سنوات الماضية.
وتتسبب طفرة النفط الصخرى فى حدوث تحول غير متوقع فى مزيج درجات النفط الخام، مما يسفر عن تفاقم الضغوط على صناعة التكرير العالمية.
ويتوقع معظم واضعى التنبؤات تصاعد الطلب على نفط أوبك مرة أخرى على المدى الطويل، لكن طفرة الغاز الصخرى يمكن أن تسهم فى إبطاء نمو الطلب على النفط.
وتتوقع كل من وكالة معلومات الطاقة الأمريكية والوكالة الدولية للطاقة وصول إنتاج النفط الصخرى فى الولايات المتحدة إلى مستوى مستقر فى مطلع العقد القادم، وأن يتسارع عند هذه النقطة نمو الطلب على نفط أوبك.
وعلى عكس الوضع فى الولايات المتحدة، فإن البلدان الأخرى الباحثة عن مصادر غير تقليدية للطاقة مثل الصين والمكسيك والأرجنتين، وبدرجة محدودة فى أوروبا، قد تركز على الغاز الطبيعى بدلا من النفط، نظرا لاختلاف طبيعتها الجيولوجية وتوافر المياه والبنية التحتية اللازمة.
ومن شأن عملية تطوير الغاز الصخرى أن تساعد على تعجيل وتيرة ابتعاد مصادر الوقود عن النفط، وأن تعطى دفعة فى نهاية المطاف، لاستخدام الغاز فى صناعة النقل وهى أكبر مستهلك للنفط.
ويشدد التقرير على أن دول الخليج تواجه مخاطر من إفراط العرض فى سوق النفط على مدار عدة سنوات قادمة، وتشير البيانات إلى حدوث تباطؤ كبير فى الاستثمارات النفطية وفى عمليات توسيع الطاقة الإنتاجية، ولكن تراجع الطلب على نفط أوبك يمكن أيضا أن يولد الحاجة إلى تخفيض الإنتاج ومن شأنه أن يسبب، فى حالة عدم تخفيضه، هبوط الأسعار الذى سيلحق ضررا بجميع البلدان المصدرة للنفط.
ويضيف أن هذا السيناريو تكتنفه أجواء كثيفة من عدم اليقين، حيث إن استمرار انقطاع العرض فى بلدان أخرى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمكن أن يؤدى مع ذلك إلى زيادة الطلب على نفط دول الخليج، حتى وإن أدت طفرة الطاقة من مصادر غير تقليدية إلى تخفيض "الطلب على نفط أوبك" ككل.
ويرى التقرير، أن التحديات التى يفرضها تزايد إنتاج الغاز الطبيعى الصخرى فى الولايات المتحدة على البلدان المصدرة للغاز فى الشرق الأوسط هى تحديات غير مباشرة إلى حد كبير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق