ليبيا المستقبل _الشرق الأوسط: تعتزم الأمم المتحدة إرسال قوة
خاصة لحماية مقرها وبعثتها في العاصمة الليبية طرابلس، التي شهدت أمس
إغلاقا مفاجئا لمكاتب أربع سفارات غربية فيها، بينما تجددت الاشتباكات
العنيفة بين قوات الجيش الليبي وميلشيات إسلامية متطرفة في ضاحية سيدي
خليفة على بعد أقل من 30 كيلومترا من مدينة بنغازي بشرق ليبيا، مما أسفر عن
سقوط أربعة قتلى وعشرات الجرحى، في وقت قتل فيه أكثر من عشرة أشخاص وأصيب
آخرون مساء أمس في انفجار مستودع سلاح وذخيرة تابع للجيش في منطقة براك
بوادي الشاطئ الواقعة في أقصى الجنوب الليبي. وقال الحاكم
العسكري لمناطق جنوب ليبيا (إقليم فزان) العميد محمد الذهبي إن «عشرة
أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 15 آخرون كحصيلة أولية لانفجار مستودع للذخائر
والأسلحة في منطقة براك بوادي الشاطئ» التي تبعد نحو 60 كيلومترا شمال
مدينة سبها عاصمة إقليم فزان، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح الذهبي
أن «مجموعة مجهولة حاولت التعدي على المستودع، ما نجم عنه هذا الحادث
المؤسف». وتبعد مدينة سبها عن العاصمة الليبية طرابلس نحو 700 كيلومتر
جنوبا. من جهة أخرى، قالت مصادر صحافية في العاصمة
الليبية إن «أربع سفارات غربية على الأقل أغلقت مكاتبها في برج طرابلس،
استجابة لطلب من إدارة البرج لحين إخراج الكتيبة التي تحميه»، مشيرة إلى أن
الكتيبة التي تنتمي إلى الزنتان أرسلت تهديدات إلى إدارة البرج التي أبلغت
بدورها السفارات البريطانية والفرنسية والمالطية واليونانية. في
المقابل، أعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا أن مجلس الأمن الدولي وافق
بصورة مبدئية على طلب الأمين العام للأمم المتحدة بشأن تعزيز حماية بعثة
الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بفريق لحراسة مقرها في طرابلس. وقالت
البعثة في بيان لها إنه من المفترض أن لا يزيد هذا الفريق عن 235 عنصرا،
من بينهم عدد من الإداريين والمسؤولين عن الخدمات، مشيرة إلى أن مهمة هذا
الفريق ستنحصر في حماية مباني المكاتب والإقامة لمجموعة العاملين في بعثة
الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.. ولن يتجاوز نطاق عمله أسوار المقر الذي تقع
فيه. وأكدت البعثة أن فريق الحراسة لن يكلف بأي دور
يتعدى المهمة التي أنشئ من أجلها، وأن تشكيل فريق كهذا إجراء عادي تعتمده
المنظمات الدولية والسفارات في عدد كبير من الدول، وذلك من أجل تأمين سلامة
العاملين فيها ومقراتها. والتزم المؤتمر الوطني العام
(البرلمان) وحكومة علي زيدان الانتقالية الصمت حيال هذا التطور، وبرره
مراقبون بأنه يعكس عدم ثقة المجتمع الدولي بقدرة السلطات الليبية على حماية
مقرات البعثات الدبلوماسية الأجنبية بطرابلس. وفي مدينة
بنغازي بشرق ليبيا، قالت مصادر إن «القتال الذي اندلع أمس، بين قوات تابعة
للجيش الليبي وعناصر من ميلشيا تنظيم أنصار الشريعة المتطرف، شاركت فيه على
ما يبدو كتائب قبلية إلى جانب الجيش النظامي».
وأكد مصدر مسؤول في مستشفى الجلاء ببنغازي وصول ثلاث جثث من مشاة
البحرية الليبية من ضحايا هذه الاشتباكات. وقال المقدم إبراهيم الشرع
الناطق باسم الغرفة الأمنية المشتركة إنه جرى اعتقال مجموعة من الأشخاص
بحوزتهم مبلغ من المال، بالإضافة إلى متفجرات في إحدى البوابات الشرقية،
قبل أن تهاجم مجموعات مسلحة دورية مكلفة بحراسة الموقوفين، مشيرا إلى أن
الاشتباك امتد إلى عدة مناطق أخرى. في السياق ذاته، قتل
أمس أحد أفراد اللواء أول مشاة التابع لرئاسة أركان الجيش الليبي، بعدما
أطلق مسلحون النار عليه أمام منزله بمنطقة الصابري. من
جهته، كشف علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية النقاب عن أن ليبيا تواجه
الآن ما وصفه بـ«أزمة مالية» جراء استمرار أزمة إغلاق المرافق النفطية من
قبل مسلحين، الأمر الذي قد يضطرها إلى اللجوء إلى الاقتراض، على حد قوله. ولفت
زيدان في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس بطرابلس إلى تراجع إنتاج ليبيا من
النفط إلى مستوى 20%، ما أثر سلبا على ميزانية الدولة التي تعتمد بشكل
أساسي على عائدات الصادرات النفطية، محذرا من أن حكومته «قد تجد نفسها في
ظل هذا الوضع عاجزة حتى عن دفع المرتبات». وقال زيدان: «نحن نعاني الآن من
أزمة مالية بسبب هذا الأمر، وقد نضطر إلى الاقتراض، وقد نعجز عن الوفاء
ببعض الاستحقاقات أو بكل الاستحقاقات إذا استمرت هذه الحال». وهدد
زيدان كل من يصر على احتجاز الموانئ النفطية ومن يتعاطف معهم بأن يتحمل
تبعات هذا العمل، مضيفا: «سنقوم بواجبنا الذي يمليه علينا موقعنا.. ودورنا
كحكومة، لأن هذه المرافق ملك للدولة الليبية استولى عليها حراس ائتمنوا
عليها.. هذا العمل بمثابة خيانة وغدر للوطن والواجب الوطني». واعتبر
علي زيدان أن حكومته التي شكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي
قد أمهلت وصبرت وتحملت بشأن من يوقفون النفط، وبعد الآن لم يعد هناك باب
ولا سبيل للتحمل أو الأعذار، وأن الأشخاص الذين قاموا بهذا العمل بصفتهم
الشخصية مسؤولون وأن أقرباءهم وأهلهم ومناطقهم ليست مستهدفة. ولفت
إلى الجهود والمساعي التي قامت وتقوم بها الحكومة بالاتصال مع بعض مشايخ
القبائل في منطقة الهلال النفطي المعنيين، الذين لهم الصلة بمن يوقفون
النفط وببعض المشايخ والأعيان في طبرق بشأن التوصل إلى حل لمسألة توقف
النفط، معربا عن أمله في أن تأتي هذه الفرصة التي أتيحت لهذه القبائل
بنتائجها، وإذا لم تأتِ فإن الدولة ستقوم بدورها إذا كان هناك طرف أصر على
هذا الأمر، على حد قوله. يشار إلى أن ليبيا تصدر أكثر من
مليون برميل يوميا من النفط حتى الصيف عندما تصاعدت الاحتجاجات والإضرابات،
بينما انقضت مهلة حكومية لإنهاء الإضرابات النفطية الأسبوع الماضي. وتزيد
تحذيرات زيدان وتجدد الاشتباكات المسلحة بما في ذلك هجوم على ضريح في
طرابلس يعود لمئات السنين من الإحساس المتنامي بالفوضى في ليبيا بعد عامين
من الإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي بدعم من حلف شمال الأطلسي. وتخشى
القوى الغربية انزلاق ليبيا إلى الفوضى، بينما تواجه حكومة زيدان صعوبة في
التصدي لميليشيات ساعدت في الإطاحة بالقذافي، لكنها احتفظت بسلاحها ولا
تزال تسيطر على أجزاء من البلاد. وانخفضت صادرات النفط
بشدة بسبب استيلاء ميليشيات ورجال قبائل على حقول نفط وموانئ، للمطالبة
بمزيد من الحقوق السياسية أو زيادة المرتبات. وقال وزير
الكهرباء الليبي علي امحيريق إن ليبيا قد تبدأ أيضا مواجهة انقطاعات في
الكهرباء مع عرقلة الإضرابات النفطية إنتاج الغاز في عدة حقول. وتزامنت هذه
التصريحات مع اجتماع مشترك بين المؤتمر الوطني والحكومة لبحث أوضاع موظفي
شركة الخدمات العامة، حيث قال بيان مقتضب للحكومة إن الاجتماع أكد ضرورة حل
مختنقات العاملين بالقطاع، ووضع الآلية المناسبة لصرف مرتباتهم ومستحقاتهم
في أقرب وقت. من جهة أخرى، وصفت الحكومة تفجير مسجد
«مراد آغا» في تاجوراء بشرق العاصمة الليبية أول من أمس بأنه حدث إرهابي
وإجرامي، ومسيء لليبيين، مؤكدة أن هذا الأمر سيقابل بكل ما يستحق من
إجراءات حازمة وصارمة للبحث عن الجناة وتقديمهم للمحاكمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق