تعيش الساحة السياسية في ليبيا على وقع سجال تزداد حدته يوما بعد آخر بشأن موعد نهاية ولاية المؤتمر الوطني العام (البرلمان).
وهناك من يرى أن مهام المؤتمر لابد أن تنتهي في السابع من فبراير القادم، وذلك استنادا للمادة الثلاثين من الإعلان الدستوري، بينما الطيف الآخر يرى أن مدة عمل المؤتمر لم تحدد بمدّة، بل بمهام تنتهي بتسليم السلطة لبرلمان منتخب وفق دستور جديد للبلاد تسهر على إعداده الهيئة التأسيسية التي ينتظر انتخابها في الشهر القادم.

مبادرات سياسية

وبرزت في الأيام الأخيرة مبادرات سياسية للبحث عن مخرج من هذا الجدال القانوني بين النخب السياسية الليبية، فطرحت مجموعة العمل الوطني - التي تضمّ في صفوفها الكاتب والناشط السياسي عيسى عبدالقيوم ووزير الداخلية الأسبق عاشور شوايل وغيرهما - مبادرة تقوم على ضرورة استلام الهيئة التأسيسية مهام السلطة التشريعية، وتكوين مجلس رئاسي يتكون من عضو منتخب من الهيئة التأسيسية ورئيس المحكمة العليا ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، وتحديد آجال ملزمة لإعداد الدستور.
وعرض عضوا المؤتمر الوطني العام محمد الزروق وعبدالرحمن الديباني مبادرة تقوم على انتخاب هيكل جديد تحدد مدة عمله بسنتين يكون بديلا عن المؤتمر الوطني، وأن تجرى الانتخابات في بداية يوليو القادم.

تباين الآراء

من جانبه يرى أستاذ القانون الدستوري مسعود الكانوني أن ولاية المؤتمر الوطني تنتهي في السابع من فبراير القادم، والحل يتمثل في تولي الهيئة التأسيسية التي ينتظر انتخابها في ديسمبر القادم المهام التشريعية حتى الفروغ من إعداد الدستور في مدة أقصاها سنة.
فيما يرى أستاذ القانون منصور ميلاد يونس أن المادة 30 من الإعلان الدستوري نصّت على أن المؤتمر الوطني مكلف بمهام معيّنة تنتهي ولايته بأدائها، أهمّها انتخاب الهيئة التأسيسية – التي تعرف بهيئة الستين- ووضع قانون الانتخابات.
واقترح يونس في تصريحات صحافية سابقة أن تمدد فترة عمل المؤتمر إلى ستة أشهر إضافية ويكتفي خلالها بمراقبة عمل الحكومة ومتابعة عمل لجنة الستين حتى تنتهي من إعداد دستور ليبيا الجديد.
أمّا أستاذ القانون الدستوري عبدالقادر قدورة فيذهب إلى تقديم خيارين لا ثالث لهما وفق تعبيره، فإما أن يمدد المؤتمر فترة عمله بعد تأييد 120 عضوا من أصل 200 لهذه الخطوة، أو أن يسلم مهامه للهيئة التأسيسية عقب انتخابها لتتولى إدارة شؤون البلاد حتى تفرغ من إعداد الدستور.

حدة الصراع

ومع ازدياد حدة الصراع بين الكتل النيابية الكبرى داخله، وهي تحالف القوى الوطنية الذي يتزعمه الليبرالي محمود جبريل والعدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ينتظر أن تكون هذه الأزمة الجديدة محل تجاذب بين الطرفين.
يبدو أن هذا المأزق الدستوري سيستغله دعاة إسقاط المؤتمر الوطني العام والحكومة لإنهاء ولاية المؤتمر، وسيعمل آخرون على إقناع أعضاء المؤتمر والرأي العام بضرورة التمديد له وضبطه برزنامة محددة ودقيقة حتى لا تسقط البلاد في فراغ دستوري، بحسب هؤلاء.