ليبيا المستقبل - قال النائب الأول المستقيل لرئيس المؤتمر الوطني العام جمعة عتيقة إنّ الأزمة السياسيّة التي تشقّ ليبيا مفتعلة في جانب منها لأنّها لا تعكس صراعا سياسيّا حقيقيّا ،بقدر ما تجسّد خلافات ومشاكل شخصيّة، متوقفا عند دور الإخوان في المشهد السياسي الليبي حاليّا. وحذّر عتيقة خلال حديثه إلى صحيفة العرب اللندنية من خطر الصدام في ليبيا في حال أقدم أعضاء المؤتمر الموطني على التمديد في ولايته بعد 7 فبراير 2014 المقبل، قائلا إنّ الشارع الليبي يرفض ذلك، وأنّه لابدّ للمؤتمر من اتمام عمله في غضون الأشهر الثلاثة المتبقية من عمره، ولاسيّما بانتخاب لجنة الستين المكلّفة بإعداد الدستور. وبرّر عتيقة الأزمة السائدة في ليبيا بكون طموحات الناس وتوقعاتهم كانت عالية جدّا وتفوق الواقع بما يشوبه من تعقيدات، معتبرا أنّ ذلك يُعدّ أيضا نتيجة لضعف النخب السياسيّة في البلاد، لاسيما أنّ العمل الحزبي كان ممنوعا في ليبيا لأكثر من أربعين عاما بمقتضى قانون خاص يجرّم الحزبية ويصدر حكم الإعدام على من المتحزبين. ووصف الكتل السياسية الليبيّة اليوم بأنها «تبدو معلقة في الهواء، لا قواعد شعبيّة لها، وشُكّلت على عجل على أساس حسابات خاطئة، ودون أن تكون لديها أيّ تجربة سابقة...
إخوان ليبيا
وفي حديثه عن تجربة الاسلام السياسي في ليبيا وخاصة جماعة الإخوان المسلمون، قال عتيقة: إنّ المناخ الليبي له خصوصياته، باعتبار أنّ الليبيين متديّنون بطبعهم، غير أنّ التعاطي السياسي للإخوان وللإسلام السياسي عموما طغى عليه سعيهم إلى تحقيق مكاسب سياسية والوصول إلى السلطة. ومع ذلك، حسب تأكيد عتيقة، فإنّ الإخوان ليست لهم حظوظ بين عموم الليبيين، ومن غير المتوقع أن يُحقّقوا مكاسب سياسيّة لأنّهم مازالوا في مستوى ألف باء السياسة. وهو ما أدّى تحديدا إلى فشل مرشحهم الذي زكّوه لمنصب رئيس الحكومة. واستدرك قائلا: لكن رغم ذلك فإنّ إخوان ليبيا يتميّزون عن غيرهم بكونهم منظّمين لارتباطهم بفكر الجماعة، وهي جماعة مغلقة على نفسها، والفعالية التي يتّسمون بها تعتمد على قوّة التنظيم والتمويل.
وفي تعليقه على تعدد الأحزاب التي تعلن رسميّا أنها ذات مرجعية إسلامية، على غرار حزب «العدالة والبناء» المعروف بكونه الذراع السياسيّة للإخوان المسلمين أو كذلك «حزب الوطن» الجناح السياسي للجماعة الإسلاميّة المقاتلة التي خاضت نزاعا مسلحا ثم قامت بمراجعات وأعلنت نبذ العنف والمشاركة بوصفها أطرافا سياسيّة، وغيرها من الكتل الإسلاميّة الصغرى... قال عتيقة: على الرغم من هذا التعدّد، فإنّها تُجسّد كلّها «كتلة واحدة بتنوعات عديدة تتفق في النهاية وتعاضد بعضها البعض بهدف تحقيق فكرة التمكين لإقامة الدولة الإسلاميّة عبر وسائل مختلفة». والإشكال الذي قد لا تدركه هذه الجماعات ما يشوبها من «خلط في المفاهيم، يدفعها إلى محاولة استزراع تجارب الآخرين في تربة ليبية تأباها، من جراء ضعف تجربتها وفقرها السياسي».
وفي تعليقه على تعدد الأحزاب التي تعلن رسميّا أنها ذات مرجعية إسلامية، على غرار حزب «العدالة والبناء» المعروف بكونه الذراع السياسيّة للإخوان المسلمين أو كذلك «حزب الوطن» الجناح السياسي للجماعة الإسلاميّة المقاتلة التي خاضت نزاعا مسلحا ثم قامت بمراجعات وأعلنت نبذ العنف والمشاركة بوصفها أطرافا سياسيّة، وغيرها من الكتل الإسلاميّة الصغرى... قال عتيقة: على الرغم من هذا التعدّد، فإنّها تُجسّد كلّها «كتلة واحدة بتنوعات عديدة تتفق في النهاية وتعاضد بعضها البعض بهدف تحقيق فكرة التمكين لإقامة الدولة الإسلاميّة عبر وسائل مختلفة». والإشكال الذي قد لا تدركه هذه الجماعات ما يشوبها من «خلط في المفاهيم، يدفعها إلى محاولة استزراع تجارب الآخرين في تربة ليبية تأباها، من جراء ضعف تجربتها وفقرها السياسي».
حكومة زيدان
وبشأن محاولة إسقاط حكومة علي زيدان في المؤتمر الوطني العام والذي يقوده حزب العدالة والبناء، يعتبر عتيقة أنّ قواعد اللعبة غير متوفّرة، ملاحظا أنّ هناك مفارقة يُمارسها الإخوان في ليبيا، فمن جهة يشاركون في الحكومة بخمسة وزراء يشرفون على حقائب وزاريّة مهمة، على غرار النفط والإسكان والاقتصاد، بما يعني أنّهم يدعمون حكومة زيدان. ومن جهة أخرى يدعون إلى إسقاط رئيس الحكومة. وأشار عتيقة في هذا الصدد إلى أنّ الوزراء الإسلاميين كانوا حاضرين مع زيدان في المؤتمر الصحفي الذي عقد على إثر الإفراج عنه من قبل خاطفيه، مستدركا بأنّ قلّة التجربة لدى الكتلة الإسلامية جعلتها تبحث عن إسقاط الحكومة دون أن مجرّد التفكير في الخطوة اللاحقة. وهنا لا ينفي عتيقة أنّ الصراع القائم هو ذو طابع شخصي بالأساس.
أطماع خارجية
كما يرى أنّ نظام القذافي لم يترك سوى رُكام دولة قهريّة، مشيرا إلى أنّ تدخّل أطراف أجنبيّة عديدة في ليبيا يُعدّ من اكبر التحديات التي تواجهها البلاد. وذكر أنّ هناك اعتبارات جغرافيّة و ديمغرافية زادت من الطماع الخارجيّة، ومن بينها المساحة الواسعة والحدود المفتوحة وعدد السكان الضئيل. وذكر الحقوقي والسياسي الليبي أنّ التدخّل القطري قائم وموجود في ليبيا، غير أنّ الحديث عن ذلك مبالغ فيه، قائلا «إنّ هناك صراعا بين قوى عربيّة ودوليّ على النفوذ في ليبيا». وهو ما يشجع الجماعات المتشدّدة على التحرك في البلاد. وبخصوص الوجود القوي للجماعات الإسلاميّة المتشدّدة ولاسيّما المرتبطة منها بتنظيم القاعدة، قال عتيقة أنّ مناخ الفوضى الذي تمرّ به ليبيا يُعدّ وسطا مناسبا لتنظيم القاعدة، مشيرا إلى أنّ تلك الجماعات تركّز على موضوع التدخّل الأجنبي بما يجعلها تبرّر الجهاد ضدّ الصليبيين، ولذلك فإنّه ليس من مصلحتها قيام الدولة وبناء مؤسّساتها، إلاّ كما يرونها أنصارها الذي لا يؤمنون بحق الاختلاف، بل يعتقدون في امتلاكهم الحقيقة. ومع ذلك فإنّ وجودهم ليس بالصورة التي يتمّ ترويجها، حسب ما يذهب إليه عتيقة، مشيرا إلى أنّهم شاركوا في القتال بفعالية في الحرب ضدّ نظام القذافي، ولكنّ ذلك لم يمنحهم قبولا لدى عموم الليبيين. ولاحظ مُحدّثنا أنّ الجماعات الجهادية هي مجموعات صغرى مغلقة، لأنّ فلسفتهم لا تقوم على التحشيد الجماهيري وإنّما على الاستقطاب العقائدي. ورغم ما يشوب الوضع السائد حاليّا في ليبيا من غياب للأمن وتفاقم هجمات المجموعات المسلّحة على مؤسّسات الدولة وتجاذبات سياسيّة متعدّدة، أكّد جمعة عتيقة للـ"العرب" أنّه متفائل بواقعية، قائلا إنّ التحديّات الكبرى المطروحة في ليبيا اليوم تعود إلى انهيار نظام شمولي استمر عقودا طويلة، ولا يمكن استعجال النتائج. وأكّد أنّ ليبيا لا يمكنها أن تستغني عن الشرعيّة الدولية، ولا مناص لها من مساعدة المجتمع الدولي إلاّ في حال المكابرة غير المبرّرة، على حدّ تعبيره.
المصدر: العرب اللندنية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق