ليبيا المستقبل: قال فرانك غاردنر مراسل
الشؤون الأمنية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تحليل للعملية
التي نفذتها قوات الكومندوز المريكية في كل من ليبيا والصومال في الخامس من
أكتوبر الجاري أن "المداهمتان اللتان نفذتهما القوات الأمريكية الخاصة
"كوماندوز" لاعتقال عنصرين بارزين في تنظيم القاعدة في دولتين أفريقيتين
يوم الخامس من أكتوبر.. تظهر تفضيل
واشنطن للعمليات الخاصة الموجهة لأهداف محددة في الأماكن التي يعتقد أن
مهمتها ستحظى بفرص نجاح عالية". وبينت غاردنر أنه على الرغم من أن
إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما سعت إلى تفادي أو إبعاد نفسها عن أي
تهديدات للدخول في صراعات مكلفة وكبيرة مثل العراق وأفغانستان وسوريا،
فإنها استثمرت بشكل مكثف في مجال العمليات المشتركة لمكافحة الإرهاب
والعمليات الخاصة لتعقب ما تصفها الولايات المتحدة "بالأهداف الهامة".
وتسائل مراسل الشئون الأمنية في الـ"بي.بي.سي" عن المدى الذي
ستكون عليه مثل هذه الغارات فعالة عن المستوى البعيد؟ وقال أنه "في ليبيا،
حقق عناصر الكوماندوز في قوة دلتا التابعة للجيش الأمريكي الهدف الذي تحركت
من أجله. حيث انطلقت هذه القوات من قاعدة أمامية في إحدى دول حلف الناتو
ونجحت في اعتقال أبو أنس الليبي أحد العناصر الهاربة والموجود على قائمة
المراقبة للأمم المتحدة والذي رصدت خمسة ملايين دولار مقابل قتله.
الذي تشتبه واشنطن في أن الليبي ساعد في التخطيط لتفجيرات متزامنة نفذها
تنظيم القاعدة ضد السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998.
انتهاك للسيادة
وعلق "غاردنر" على قول وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل يوم أمس
الأحد على اعتقال الليبي، الذي قال أن "هذه العمليات في ليبيا والصومال
تبعث برسالة قوية إلى العالم بأن الولايات المتحدة لن تدخر جهدا لمعاقبة
الإرهابيين، بغض النظر عن المكان المختبئين فيه أو طول الفترة التي فروا
فيها من العدالة". وطلبت الحكومة الليبية علنا توضيحا من الولايات المتحدة،
لكنها أعربت في الوقت نفسه بأن هذا الأمر لن يقوض علاقاتهما. بالقول: أنه
"لم يكن أبو أنس الليبي مقربا من الحكومة الليبية، لكن المواطنين الليبيين
يمكنهم أن ينظروا إلى هذه المداهمة الأمريكية باعتبارها انتهاكا مهينا
لسيادتها. في حين تؤكد الولايات المتحدة على أن اعتقال الليبي المطلوب منذ
فترة طويلة "قانوني"، وأن تقديم مثل هذا الرجل الذي يزعم أنه يمثل تهديدا
للعدالة سيتمتع بشعبية في الداخل. لكن هذه المداهمة في شمال أفريقيا قد
تعزز من عمليات تجنيد عناصر جديدة في جماعات جهادية مناوئة للغرب مثل
القاعدة والجماعات التابعة لها".
وزن عسكري
ورأى "غاردنر" أنه في الصومال فشلت المداهمة التي شنتها قوات خاصة
من البحرية الأمريكية وعادت خالية الوفاض. وكان هذا بسبب فشل التقديرات
الاستخباراتية في أمرين اثنين، حيث أن زعيم حركة الشباب وهو على الأرجح
أحمد جودان، لم يكن في منزله آنذاك، وتبين أن الفيلا الواقعة على جانب
الشاطئ والتي كانوا يأملون في العثور عليه فيها كانت محصنة بشكل
جيد. وحينما سبحت قوات الكوماندوز إلى الشاطئ تحت غطاء الظلام كانت بشكل
حتمي محدودة من حيث الأسلحة التي يمكنها حملها، وكان انسحابها هو الخيار
العملي. لكن حينما تشن قوات كوماندوز مدربة بشكل كامل من أقوى جيش في
العالم هجوما على ميليشيات بدائية وتضطر للتقهقر، فإن هذا سيستغل كانتصار
دعائي من جانب الشباب. خاصة أنه وبعد كارثة إسقاط طائرة بلاك هوك في مقديشو
عام 1993، ابتعد البنتاغون عن الصومال لسنوات.
كما بين "غاردنر" أنه "..في الفترة الأخيرة، نفذ البنتاغون عددا
من الغارات التي لم يعلن عن أغلبها في الصومال بمباركة الحكومة المدعومة من
الأمم المتحدة هناك. وفي بعض الأحيان، كانت تشارك في هذه الغارات طائرات
بدون طيار وأحيانا قوات من القوات البحرية الخاصة. ونجحت مداهمة للقوات
الخاصة الأمريكية عام 2009 على بلدة باراوي، وهي البلدة ذاتها التي نفذت
فيها مداهمة مطلع الأسبوع الحالي، ..في تحديد مكان الهدف المقصود وقتله،
وهو زعيم القاعدة في الصومال علي صالح النبهان". وقال "غاردنر" أن الولايات المتحدة ستخطط
بالتأكيد أكثر على هذا النوع للمداهمات التي تنفذها القوات الخاصة، وهي
الخطط التي تكتسب إلحاحا نظرا لحجم وأعداد الضحايا الذين سقطوا جراء الهجوم
المميت لحركة الشباب في سبتمبر/أيلول الماضي على مركز ويستغيت للتسوق في
نيروبي".
واختتم "غاردنر" تحليله للعملية بقوله أن "الرسالة التي تريد واشطن إرسالها بوضوح إلى أعدائها هي "سنجدكم وسننال منكم، مهما طال الزمن". لكن
بالنسبة لكثيرين في البلدان التي نفذت فيها هذه الغارات، ستكون هناك
اتهامات للقوى العظمى في العالم باستغلال نفوذها واتخاذ إجراءات خارج نطاق
القانون لتحقيق أهدافها الخاصة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق